بسم الله الرحمن الرحيم

المخلصون

أعظم المعاقبة ألا يحس المعاقب بالعقوبة. و أشد من ذلك أن يقع السرور بما هو عقوبة، كالفرح بالمال الحرام، والتمكن من الذنوب.

ومن هذه حاله، لا يفوز بطاعة.

وإني تدبرت أحوال أكثر العلماء والمتزهدين فرأيتهم في عقوبات لا يحسون بها ومعظمها من قبل طلبهم للرياسة.

فالعالم منهم، يغضب إن رد عليه خطؤه، والواعظ متصنع بوعظه، والمتزهد منافق أو مراء.

فأول عقوباتهم، إعراضهم عن الحق شغلا بالخلق.

ومن خفي عقوباتهم، سلب حلاوة المناجاة، ولذة التعبد،

إلا رجال مؤمنون، ونساء مؤمنات، يحفظ الله بهم الأرض

بواطنهم كظواهرهم، بل أجلى،

وسرائرهم كعلانيتهم، بل أحلى،

وهممهم عند الثريا، بل أعلى.

إن عرفوا تنكروا، وإن رئيت لهم كرامة، أنكروا.

فالناس في غفلاتهم، وهم في قطع فلاتهم (طريقهم إلي الله)،

تحبهم بقاع الأرض، وتفرح بهم أملاك السماء.

نسأل الله عز وجل التوفيق لاتباعهم، وأن يجعلنا من أتباعهم.

من كلام ابن الجوزي رحمه الله في كتابه القيم صيد الخاطر