النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الغفلة .. الداء الفتاك

#1
نبذه عن الكاتب
 
البلد
الصومال
مجال العمل
أعمال ادارية
المشاركات
4,822

الغفلة .. الداء الفتاك

إن الله تعالى خلق الخلق لعبادته، وسخر لهم ما في السماوات وما في الأرض، ورغَّبهم في الجنة، ورهَّبهم من النار، وذكرهم بما هم مقبلون عليه بعد الموت من أهوال وكربات عظام، لكن الكثير من الناس ينسى هذه الحقائق ويغفل عنها: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} [الأنبياء:1- 2].

حتى إن المرء لو نظر لأحوال هؤلاء لوجد جرأة عجيبة على الله، وسَيْرًا في طريق المعاصي والشهوات، وتهاونًا بالفرائض والواجبات، فيتساءل: هل يُصدِّق هؤلاء بالجنة والنار؟ أم تراهم وعدوا بالنجاة من النار وكأنها خلقت لغيرهم؟ يقول الله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون:115].

إن حال هؤلاء يصدق فيه قول القائل:
نهارك يا مغرور سهو وغفلةٌ *** وليلك نومٌ والردى لك لازمٌ
وشغلك فيما سوف تكره غبه *** كذلك في الدنيا تعيش البهائم

إن من أعظم أسباب الغفلة الجهل بالله عز وجل وأسمائه وصفاته. والحق أن كثيرًا من الناس لم يعرفوا ربهم حق المعرفة، ولو عرفوه حق المعرفة ما غفلوا عن ذكره، وما غفلوا عن أوامره ونواهيه؛ لأن المعرفة الحقيقية تورث القلب تعظيم الرب ومحبته وخوفه ورجاءه، فيستحي العارف أن يراه ربه على معصية، أو أن يراه غافلاً. فأُنس الجاهلين بالمعاصي والشهوات، وأُنس العارفين بالذكر والطاعات.

ومن أعظم أسباب الغفلة الاغترار بالدنيا والانغماس في شهواتها. قال الله عز وجل: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر:3].

إن حال هؤلاء ليُنبئ عن سُكْر بحب الدنيا وكأنهم مخلدون فيها، وكأنهم لن يخرجوا منها بغير شيء من متاعها مع أن القرآن يهتف بنا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [فاطر:5]. إن سكران الدنيا لا يفيق منها إلا في عسكر الموتى نادما مع الغافلين.

ومن أسباب الغفلة أيضًا صحبة السوء، فقد قيل: الصاحب ساحب، والطبع يسرق من الطبع، فمن جالس أهل الغفلة والجرأة على المعاصي سرى إلى نفسه هذا الداء: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً} [الفرقان:27-29].

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (المرء على دين خليله ....) الحديث.

ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله: إن مجالس الذكر مجالس الملائكة، ومجالس اللغو والغفلة مجالس الشياطين، فليتخير العبد أعجبهما إليه وأَولاهما به، فهو مع أهله في الدنيا والآخرة.

إن الغفلة حجاب عظيم على القلب يجعل بين الغافل وبين ربه وحشة عظيمة لا تزول إلاَّ بذكر الله تعالى.

وإذا كان أهل الجنة يتأسفون على كل ساعة مرت بهم في الدنيا لم يذكروا الله فيها، فما بالنا بالغافل اللاهي؟!!

قال تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:99، 100].

إنهم عند نزول الموت بساحتهم يتمنون أن يؤخروا لحظات قلائل، والله ما تمنوا عندها البقاء حبًّا في الدنيا ولا رغبة في التمتع بها، ولكن ليتوبوا ويستدركوا ما فات، لكن هيهات {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [سبأ:54].

فيا أيها القارئ الكريم: لقد خُلقنا في هذه الدار لطاعة الله وليست الدنيا بدار قرار:
أما والله لو علم الأنــــام *** لم خلقوا لما غفلوا وناموا
لقد خلقوا لما لو أبصرته *** عيون قلوبهم تاهوا وهاموا
مماتٌ ثم قبرٌ ثم حشــــرٌ *** وتوبيخ وأهوالٌ عظامُ

هيا بنا نُقْبِلُ على طاعة الله مكثرين من ذكره، مستفيدين من الأوقات فيما يقربنا من جنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر:
إن لله عبادًا فُطَنًـــــــــا *** طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا *** أنها ليست لحيٍّ وطنًا
جعلوها لُجَّةً واتخــذوا *** صالح الأعمال فيها سُفُنا
اللهم اجعلنا منهم بمنِّك وكرمك يا رب العالمين.

المصدر: موقع الشبكة الإسلامية

#2
الصورة الرمزية Ahmed Shaheen
Ahmed Shaheen غير متواجد حالياً مشرف باب التدريب والتطوير
نبذه عن الكاتب
 
البلد
مصر
مجال العمل
موارد بشرية
المشاركات
887

رد: الغفلة .. الداء الفتاك

جزاك الله خيراً أخى أبو عبد العزيز على هذه التبصرة

اللهم ردنا إى دينك مرداً جميلاً

بارك الله فيك أخى الكريم

إقرأ أيضا...
دورات تدريبية نرشحها لك

دبلوم ادارة المشتريات الالكترونية

تهدف هذه الدورة التدريبية إلى تزويد المشاركين بالمعلومات والمهارات اللازمة لفهم كيفية إنشاء نظام للمشتريات الإلكترونية ثم تطوير المهارات التي يمكنهم استخدامها لإدارة النظام في مؤسستهم. كما أنه يزود المشاركين بالمهارات اللازمة للتفاوض بشأن العقود الإلكترونية مع الموردين باستخدام الاستراتيجيات للحصول على وضع مربح للجانبين.


كيفية انشاء نظام لقياس رضا العملاء

اذا كنت تريد انشاء نظام لقياس رضاء العملاء، فإننا نقدم لك جلسة إرشاد وتوجيه على يد احد الاستشاريين المتخصصين في مجال الجوده، لتدريبك بشكل مباشر على كيفية إنشاء نظام لقياس رضا العملاء بشكل عملي واحترافي.


دبلوم المعايير الوطنية السعودية للمستشفيات - سباهي (CBAHI)

دبلوم المعايير الوطنية السعودية للمستشفيات سباهي (CBAHI) واحد من أهم البرامج التدريبية في مجال الجودة في ادارة المستشفيات، حيث يؤهل المشاركين على فهم معايير الاعتماد فى جميع أقسام المؤسسة الصحية ويمكنهم من معايير سباهي في الممارسات اليومية للمؤسسة الصحية في المملكة العربية السعودية.


ورشة تعلم أساليب إعداد الوصف الوظيفي بكفاءة

ورشة تدريبية متميزة تهدف الى مساعدتك على تعلم كتابة وإعداد بطاقات الوصف الوظيفي باحتراف، والتعرف على ماهية الوصف الوظيفي وكيفية تطوير أنظمة العمل المرتبطة بالوصف الوظيفي


دبلومة التمكين الإدارى للقيادات بالمؤسسات الرياضية

برنامج تدريبي يتناول تمكين القيادات الادارية في المؤسسات الرياضية ويشرح منظومة التمكين الاداري وتطوير فرق العمل بالمؤسسات الرياضية وقيادة منظومة حوكمة الاعمال الادارية والمالية وادارة الازمات والمخاطر وعملية التحول الرقمي وقيادة الادارة المالية لغير الماليين في المؤسسات الرياضية


أحدث الملفات والنماذج