تبنت الإدارة في جميع المنظمات اليوم مبدأ الاهتمام بالبشر كأحد المؤثرات القوية التي تعطى ميزة تنافسية خاصة مع دخول القرن الواحد و العشرين الذي يركز على اقتصاد المعرفة، و يعتبر أن إنتاجية رأس المال البشري هو المحك الرئيسي في إطالة بقاء أي منظمة ناجحة تحقق أرباح في السوق وأساس أي اقتصاد ناجح في العالم. وأصبحت القوة الدافعة لتلك المنظمات هي الأفراد ذوي المعرفة و الذكاء و المهارات التي تتلاءم مع متطلبات القرن الحالي.
ولأول مرة في التاريخ يصبح لدى الجنس البشري قدرة هائلة على توليد أكبر قدر من المعلومات يستحيل على فرد واحد استيعابها، وأصبح أكبر تحد يواجه المنظمات اليوم هو الاستجابة للنقلة من الاقتصاد الصناعي إلى اقتصاد المعرفة وما ينتج عنه من تغييرات جذرية في كل أوجه التنظيم الإداري من تشغيل وتسويق وهيكلة واستثمار في رأس المال البشري وضرورة توافر معلومات كافية صحيحة ودقيقة عن العنصر البشري حتى يمكن زيادة فاعليته في اكتساب المنظمات ميزة تنافسية في السوق.
ورغم ما تنتجه تكنولوجيا المعلومات من بيانات وفيرة عن العنصر البشري في المنظمات، إلا أنه لا يتم استخدامها بطريقة سليمة في قياس العائد من الاستثمار في البشر. ونتيجة لذلك ظهرت الحاجة الماسة إلى وجود نظام قياس كمي ونوعي للمعرفة و التنبؤ بمنحنيات التكلفة وإنتاجية قوة العمل وكيفية التفاعل البشري داخل المنظمة حتى تستطيع الإدارة أن تقوم بما يلي:(1)
1- معرفة ما الذي يدور داخل المنظمة؛
2- توصيل توقعات الأداء المطلوبة للعاملين؛
3- تحديد فجوات الأداء و التخلص منها؛
4- توفير معلومات لمقارنة الأداء الفعلي بالمعدلات الموضوعة؛
5- التعرف على الأداء المتميز الذي يستحق المكافأة؛
6- تدعيم القرارات الخاصة بتسكين الموارد و الخطط و الجداول الزمنية.
و يمكن إبراز الوجه الاقتصادي للعنصر البشري من خلال العناصر التالية:
- يعتبر العنصر البشري وحدات اقتصادية وكيانات روحانية معا، فالأفراد هي التي تخلق القيمة من خلال ما يقدمونه من جهد وما لديهم من مهارات وخبرات ودوافع داخلية وقد اقتصر قياس إسهامات البشر ولفترات طويلة على استخدام المقاييس المالية و القواعد المحاسبية اعتقادا بأنها تعطي نتائج دقيقة. ومع تسليمنا بدقة الأرقام المالية إلا أنها مجرد أرقام تؤكد حقائق حدثت في الماضي وليس لها أية علاقة بالمستقبل؛
-كما أن القواعد المحاسبية تتجاهل رأس المال البشري وتغفله من كل حساباتها كقيمة مضافة وتنظر إليه فقط كعنصر تكلفة. و اليوم ولشدة الحاجة للتركيز على المستقبل ظهرت بعض المبادئ المحاسبية الجديدة التي تهتم بالقيمة الاقتصادية المضافة للعنصر البشري، وأيضا مفهوم Balanced Scorecard يعتبر خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح لقياس فاعلية وقوة رأس المال البشري في التأثير على الناتج الاقتصادي لكافة مجالات الأعمال.
..............................
الهوامش:
(1) اتحاد الخبراء و الاستشاريون الدوليون، عائد الاستثمار في رأس المال البشري، القاهرة، ايتراك للنشر و التوزيع، 2004، ص 174.