هى عقيدة آمن بها عمر بن الخطاب عندما بدأت خزائن الدولة الإسلامية تمتلئ من ثروات البلاد التى فتحتها الجيوش الإسلامية، وخاف عمر أن يؤدى ذلك إلى فتنة المسلمين بها فتشغلهم عن نشر الرسالة فكان أشد حرصاً عليها واعتبر أن لكل مسلم مهما كانت درجته ومكانته له الحق فيها، "ويقسم بالله ثلاثاً ويقول والذى نفسى بيده ما من أحد إلا له فى هذا المال حق " ويقرر أن يكون لكل مواطن فى الدولة حق أدنى للمعيشة وحدد هذا الحق بعد أن قام بتجربة عملية عما يكفى الفرد من غذاء ثم يقرر لكل طفل نصيب من بيت المال يبدأ بعد فطامه، ويزداد نصيبه كلما تزايد عمره حتى الأيتام لن يهملهم بل كان يعط لمن يتولى تربية اليتيم 100 درهم، علاوة على نفقات رضاعتهم، وهكذا طبق عمر ما نسميه اليوم " التكافل الاجتماعى " ـ والذى ضاع فى عهد الرئيس المخلوع ـ ويتشدد عمر مع من يحوز أرضاً دون أن يستثمرها أما لعجز موارده أو رغبة فى استثمارها، ولم يتقاعس فى استرداد جزء من الأرض من بلال مؤذن الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد كان الرسول قد وهبها له وعندما تقترض "هند بنت عتبة" قرضاً من بيت المال لتتاجر فيه وينصحها أبو سفيان بالتلكؤ فى رد هذا القرض لبيت المال لم يتردد فى حبس أبى سفيان ويستمر فى حبسه حتى ترد هند دينها.
وتوجهت إليه أبنته حفصة زوجة الرسول الكريم بالنيابة عن زوجاته لتطلب منه أن يبسط عليهم العيش عنفها ويقول لها "يا حفصة بنت عمر نصحت قومك وغششت أباك إن حق أهلى فى نفسى ومالى أما فى دينى وأمانتى فلا"، ويطلب منه ابنه عبد الله أن يقلل من التقشف الذى فرض عليه حتى أن أبنه أصيب بالهزال، فيحسم عمر الأمر ويقول له إن تلك مسئوليته وليست مسئولية بيت مال المسلمين.

وذات مرة كان يخطب بالناس فقال يا أيها الناس اسمعوا وأطيعوا فقال له أعرابى لا سمع لك ولا طاعة فقال له لماذا يا رجل فقال إنك غير عادل وزعت علينا ثوب من القماش ووزعت عليك أثنين، فقال عمر إننى طويل القامة وأخذت نصيب أبنى من القماش لأصنع ثوب طويل والعام القادم سأعطى ابنى نصيبى ليصنع هو ثوبا طويلا فقال الأعرابى الآن السمع لك والطاعة. رحم الله رسولنا الكريم والصحابة الأجلاء الذين نأخذهم فى ديننا كأسماء فقط ولا نفعل بمبادئهم وتعاليمهم، ولا ننسى قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم "إنما أهلك من قبلكم أنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها".

مقال كتبه الأخ مصطفى خاطر في جريدة اليوم السابع