تغيير لا يحدث من تلقاء نفسه وإنما بفعل فاعل.. ولهدف محدد إما بحثًا عن مخرج من مأزق نواجهه، أو نزولاً عن رغبتنا في التطوير والتنمية، أو لأننا سئمنا ما نحن فيه من كذب ونفاق وفشل ورياء. كما أن الحاجة إليه لا تسقط بمرور الوقت أو تنتهي فترة صلاحيتها بالتقادم. وبالرغم من أن التغيير سنة الحياة، إلا أن البعض يقاومه ويلعنه إن كان يذهب بما يحصل عليه من مكاسب ونفوذ وقوة وسلطان ومكانة وعزة.. فالإنسان عدو ما لا يتفق مع هواه وأغراضه ونواياه فمن الناس من يحيا حياته حريصًا على ألا يتغير فيها شيء كما لو أنه يعيش العمر بأكمله كأنه يوم واحد مكرر.. بنفس الهموم والمخاوف.. دون تغيير في الآراء أو الرؤى، بل أن من الشعوب ما توقفت أجندة الزمن لديها عند نقطة ساكنة لم تعد تجاوزها لنقطة أخرى فلم تعد لديها طاقة للتغيير ولا أمل لها سوى أن يأتي الغد مماثلاً لما هي فيه اليوم. والأمر كذلك في الشركات والمؤسسات التي تحرص على أن يكون الاستقرار مرادفًا للجمود والاستمرار دافعًا لسد جميع منافذ رياح التغيير. ويستمر الاستقرار المزعوم والهدوء الرتيب الناتج عن الخوف من اللامعلوم أو إرضاء لما تعودنا عليه من عادات أو رئاسات أو حتى أمثال شعبية كالمثل الشهير القائل بأن (ما تعرفه أفضل مما لا تعرفه) إلى أجل مسمى أو غير مسمى ولعل هذا المبدأ إلى جانب ميل البعض إلى الاتكالية والاعتمادية على الكبير أيًا كان موقعه هو الذي دفع بالعديد من الشعوب إلى أن تقبل حكامها لفترات طويلة غير مستأنسة أو راغبة في التغيير أو باحثة عنه حتى تحولت الدولة إلى ملكية خاصة للعديد من الرؤساء الذين اعتادوا الرئاسة وأدمنوا الحكم وإصدار الأوامر والتحكم في مصائر الشعوب على مدار عشرات السنين فكيف لهم أن يتخيلوا أن يتنازلوا فجأة وعن طيب خاطر عن كل ما هم فيه من ثراء وسلطة ونفوذ ومال وأحلام وردية بالاستمرار الأبدي لكل صور الحكم والتحكم في الجغرافيا والتاريخ معًا.


المصدر: دكتور/ عبدالرحمن توفيق