النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: هل تهتم بآخرتك؟

#1
نبذه عن الكاتب
 
البلد
الصومال
مجال العمل
أعمال ادارية
المشاركات
4,822

هل تهتم بآخرتك؟

يعيش المؤمن الداعية كثيرا من الهموم، وربما كان تكاثر الهموم سببا لتشتيت القلب عن الهدف، ولصرف الهمة إلى مشاغل أهل الدنيا واهتماماتهم فتزول الميزة وينعدم التميز وتختلط الموازين.

إن من هوان أمر الدنيا أن جعلها الله لا تدوم لأحد: "إن حقا على الله تعالى أن لا يرفع شيئا من أمر الدنيا إلا وضعه"، وإنما هي أيام يداولها الله بين الناس، فيرفع أقواما ويضع آخرين، ويعز أقواما ويذل آخرين لتتحقق حكمة الله في ابتلاء العباد.

إن الله يعطي الدنيا للمؤمن والكافر ولا يعطي الدين إلا لمن يحب. وقد تعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم من عبد الله بن عمرو حين رآه يصلح جدار بيته ويطينه فأراد أن يخلي قلبه من التعلق بالدنيا وأن يذكره بقرب الأجل للاستعداد له فقال صلى الله عليه وسلم: "ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك"، ليجعل الآخرة همه والاستعداد لها شغله فإذا بالغ امرؤ في الانصراف عن أعمار الدنيا والسعي فيها فيحتاج إلى لفتة من نوع آخر (... ولا تنس نصيبك من الدنيا...)، بحيث يبقى على جادة القصد والتوازن.

وإن العبد المحفوف بالنعيم قد يكون مستدرجا لمزيد من المسؤولية والعذاب وهو لا يدري: " إذا رأيت الله يعطي العبد نم الدنيا ما يحب وهو مقيم على معاصيه فإنما ذلك منه استدراج" فلا تحزن على ما فاتك منها، ولا تمدن عينيك إلى ما أوتي الناس من الدنيا فربما كانوا لا يحسدون عليها إذا لم يؤدوا حقها.

والخطورة في أن تكون هذه النعم الأجر العاجل ليُحرم صاحبها الأجر الآجل حيث يكون في أشد الحاجة لما يرجح كفة حسناته؛ ولذلك طيّب رسول الله خاطر أصحابه حين ذكروا نعيم الروم والفرس فقال: " أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا".

وغالب حال الناس كما قال صلى الله عليه وسلم: " أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا في الآخرة". وذلك لقلة الشاكرين، وكما قال ربنا عز وجل: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً}.. (الإسراء : 18).

وكل نعمة مهما صغرت، عليها حساب ومسؤولية. فالمسكين من لم يقم بحقها لا من حرم منها في الدنيا: "إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم أن يقال له: ألم نُصِِحَّ لك جسمك ونُرَوِّك من الماء البارد؟".

ولذلك كان من علامة طريق الجنة أنه محفوف بالبلاء، ولا يهون البلاء إلا على من جعل الآخرة همه: "حُفَّت الجنة بالمكاره وحُفَّت النار بالشهوات".

وإن مسؤولية المسلم الذي يقدر الله حق قدره أن يوحد همه فيفكر في المآل والمصير لا أن يصرف كل جهده وفكره ووقته في صغائر الأمور وتوافهها. وبقدر ما يكون لله في قلب العبد من توقير وإجلال ورهبة يكون للعبد عند الله من الأجر والمنزلة: "من أراد أن يعلم ما له عند الله فلينظر ما لله عنده".

ومن كان دائم التفكير في رضى الله فإنه لا تشغله النعمة ولا يعميه البلاء، ومن كان مع الله في اليسر كان الله له في العسر: " تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة".

ومثل هذا الحال يقتضي من المؤمن أن يكون دائم الرقابة لله والحياء منه أكثر مما يحتاط ويستحي من البشر: "ما كرهت أن يراه الناس منك فلا تفعله بنفسك إذا خلوت". و"اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك".

والمهتم بآخرته إذا ذكر بخطئه سريع الفيئة قريب الرجعة: "إذا ذُكِّرتم بالله فانتهوا".

والذي يخاف الله في الدنيا ويحذر معصيته ويحتاط لأمر آخرته فذلك هو الآمن يوم القيامة، قال الله تعالى: "وعزتي وجلالي لا أجمع لعبدي أمنين ولا خوفين. إن هو أمنني في الدنيا أخفته يوم أجمع عبادي، وإن هو خافني في الدنيا أمّنته يوم أجمع عبادي".

والمهتم بآخرته يفكر فيما يقربه إلى الجنة ويباعده من النار، وقد جعل الله مدار المسؤولية على انبعاث إرادة الإنسان إلى الطاعة أو المعصية، لذلك قال صلى الله عليه وسلم: "الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك" وإذا صدق المرء في مجاهدة نفسه يسّر الله له السبيل {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً}... (مريم : 76).

والمهتم بآخرته لا يرى الدنيا دار قرار لشعوره بقرب الرحيل إلى دار الخلود، قال صلى الله عليه وسلم: "قال لي جبريل: يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه".

ولذلك كان مما تعجب منه صلى الله عليه وسلم انفتاح الخير وغفلة الإنسان عنها وملاحقة الفتن للمرء وعدم فراره منها: "ما رأيت مثل النار نام هاربها، ولا مثل الجنة نام طالبها"، بينما يكون المهتم بآخرته شديد الحرص على اتقاء المنكرات، والمسارعة في الخيرات.

وحال المهتم لأمر آخرته التخفف من العلائق والزهد بالصوارف: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل"، والجدية في الحياة علامة مميزة للراغب الراهب: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا"، والهمة في العمل علامة صدق الاستعداد للآخرة والخوف من الله، وذلك ما مثّله رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل إلا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة "، أما من كان سفره طويلا، وانطلاقه متأخرا، وحركته بطيئة، وهمته ضعيفة فلن يبلغ مراده، ولن يصل إلى مقصوده.

ومن أهم ما يورثه الاهتمام بأمر الآخرة أن يزيح الله به عن القلب باقي الهموم ليصفو القلب لله وإن كان في بحر من الابتلاءات. قال صلى الله عليه وسلم: "من جعل الهموم هما واحدا هم المعاد كفاه الله سائر همومه، ومن تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك".

"ومن كانت الآخرة همه؛ جعل الله غنها في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه؛ جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله. ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له".

فتجارة الآخرة لا تبور، والتهافت على الدنيا لا يغير المقدور، وفقنا الله والناس جميعا لما يحب ويرضى، والحمد لله رب العالمين.

المصدر: موقع إسلام ويب

#2
نبذه عن الكاتب
 
البلد
المملكة العربية السعودية
مجال العمل
محاسب
المشاركات
995

رد: هل تهتم بآخرتك؟

جزاك الله خير الجزاء ...

ما أحوج البشرية عامة والمسلمين خاصة إلى تفهم تلك الكلمات ....

#3
نبذه عن الكاتب
 
البلد
المملكة الأردنية الهاشمية
مجال العمل
مدير موارد بشرية
المشاركات
1,647

رد: هل تهتم بآخرتك؟

جزاك الله خيراً ، في ميزان حسناتك إن شاء الله

إقرأ أيضا...
لا تهتم بصغائر الأمور مع أسرتك

لا تهتم بصغائر الأمور مع أسرتك 2002/02/27 تأليف: د. ريتشارد كارلسون تلخيص: هبة رشوان ... (مشاركات: 0)


لا تهتم بالصغائر في العمل (ابتعد عن المثالية!!)

2001/2/11 كيف نحول العمل إلى متعة؟؟ سؤال ما زال يطرح نفسه.. يمكن إجابته من عدة محاور وهذا ما حاوله "ريتشارد كارلسون" مؤلف كتاب "لا تهتم بالصغائر في العمل"، حيث حدد "كارلسون" محاور بعينها... (مشاركات: 2)


لماذا تهتم المنظمات بتطوير المسار الوظيفي للأفراد؟

لان التدريب يعتني بتطوير قدرات المتدربين وإكسابهم مهارات ومعارف جديدة تنعكس ايجابياً عليهم وعلى المنظمات التي يعملون فيها، جاءت الفكرة نحو تنظيمه في المنظمات ضمن إطار مؤسسي يعرف ب "المسار التدريبي... (مشاركات: 0)


لا تهتم بصغائر الأمور مع أسرت

كيف يمكن لنا أن نستعيد بهجة الحياة الأسرية التي افتقدناها في خضم الإحباط والانشغال الذي يطغى على حياتنا؟ كيف نصل إلى تقدير قيمة هذه الأسرة التي ننتمي إليها، بل وقيمة الحياة ذاتها؟ الحل كما يراه... (مشاركات: 0)


لا تهتم بالصغائر في العمل (الإيحاء للذات.. النقلة الأولى)

كم ساعة تقضيها في العمل أسبوعيًّا؟ أو لنوجه إليك السؤال بشكل آخر: هل تقضي في أي نشاط المدة نفسها التي تقضيها في العمل؟ من الواضح أن العمل أصبح اليوم يشغل حيزًا كبيرًا في حياة كل منا، ليس هذا... (مشاركات: 0)


دورات تدريبية نرشحها لك

كورس الأساليب الإحصائية للتحكم وتحسين جودة العمليات - SPC

أهم كورس تدريبي في مجال تحسين جودة العمليات، كما يكسب هذا البرنامج المشاركين الخبرات والمهارات اللازمة للنجاح في هذا التخصص


دبلوم ادارة التميز المؤسسى فى المؤسسات الرياضية

برنامج تدريبي يساعدك على فهم فلسفة ادارة التميز المؤسسى والمتطلبات الرئيسية لها وفهم النماذج الاوروبية والامريكية واليابانية لادارة التميز فى المؤسسات الرياضية والإلمام بمعايير التميز وكذلك جودة الخدمات فى المؤسسات الرياضية والقيادة الرشيدة والابداع الادارى والابتكار وسيتعرف على استخدام بطاقة الاداء المتوزان ( BSCE) بالمؤسسات الرياضية والالمام بمفهوم الريادة المؤسسية والاستراتيجية فى المؤسسات الرياضية والتعرف على التطبيقات و الممارسات العملية فى ادارة التميز فى المؤسسات الرياضية .


كورس تأهيل موظفي الكونسيرج Concierge في الفنادق

برنامج تدريبي يتناول شرح خدمة الكونسيرج الفندقية ومهارات فريق الكونسيرج في الفندق وما هي ادوار ومسئوليات الكونسيرج في الفندق وكيفية تقديم خدمات الكونسيرج المختلفة في الفندق


برنامج تدريبات اللياقة البدنية المائية

برنامج يتناول التقنيات الحديثة في التدريب المائي Aqua Gym يتناول بالشرح الأجهزة والأدوات المصنعة بالتقنيات الحديثة للتدريبات والتأهيل البدنى والحركى المائى


دورة تقديم خدمة عملاء احترافية في مجال الرعاية الصحية

لبناء سمعة منظمة الرعاية الصحية واستدامتها ، من المهم للغاية الوصول إلى "التميز" من خلال التركيز على المريض. توفر هذه الدورة التدريبية للمشاركين المعرفة والمهارات اللازمة لتصميم وتنفيذ إطار عمل قائم على تجربة المريض لتحسين الأداء العام لمنظمات الرعاية الصحية، وتهدف هذه الدورة التدريبية الى التركيز على أهمية بناء فرق رعاية صحية عالية الأداء والمشاركة، فضلًا عن تنفيذ الاستراتيجيات والأدوات لدعم الرعاية المركزة على المرضى.


أحدث الملفات والنماذج