رأس المال الفكري كمورد إستراتيجي لتحقيق الميزة التنافسية في ظل اقتصاد المعرفة
(دراسة حالة على المؤسسة الوطنية للجيوفيزياء)
من إعداد: رياض بن صوشة
باحث في إطار أطروحة دكتوراه الدولة تخصص إدارة الأعمال بجامعة الجزائر
و إطار إداري بالمؤسسة الوطنية للجيوفيزياء
بحث مقدم للمشاركة في اليوم الدراسي بالمركز الجامعي بالوادي تحت عنوان:
الموارد الإستراتجية الرهان الأقوى لتميز المؤسسات الاقتصادية في ظل الاقتصاد اللامادي
يوم: 26 أفريل 2011
خلاصة البحث:
من خلال هذا البحث وجدنا أن المقصود باقتصاد المعرفة هو ذلك الاقتصاد الذي تتزايد فيه الثروة نتيجة إنتاج و استخدام و توزيع المعرفة، حيث يتميز هذا الاقتصاد بأنه رقمي افتراضي يركز على اللاملموسات و يعتبر المعرفة هي العامل الرئيسي في الإنتاج، و يركز على التكنولوجيا الجديدة و الأسواق الجديدة و على الموارد البشرية التي تمثل رأس المال الفكري في تحقيق الميزة التنافسية المستمرة.
وجدنا بأن نظرية رأس المال الفكري مرت بثلاث مراحل أساسية لتكتمل كل ملامحها، و هي: مرحلة بدايات اهتمام الاقتصاديين بالقابليات البشرية (ق 17- 1964)، ثم مرحلة الوعي بالموجودات غير الملموسة (1986- 1991)، و أخيرا مرحلة ميلاد نظرية رأس المال الفكري (1995- 2003) و التي حددت ملامح هذه النظرية حيث اعتمد مصطلح "رأس المال الفكري" و الذي يقصد به المعرفة التي يمكن تحويلها إلى ربح، و صيغت فرضيات النظرية و مبادئها، و بعد تكامل ملامح هذه النظرية أصبح بالإمكان تعريف رأس المال الفكري بأنه: "مجموعة من العاملين يمتلكون قدرات عقلية، عناصرها (معرفة، مهارة، خبرة، قيم) يمكن توظيفها و استثمارها في زيادة المساهمات الفكرية، لتحسن أداء عمليات المنظمة، و تطوير مساحة إبداعاتها، بشكل يحقق لها علاقات فاعلة مع جميع الأطراف المتعاملة معها، و يجعل فرق قيمتها السوقية عن قيمتها الدفترية كبيرا." و هذا ما يجعل رأس المال الفكري ليس بالعبء على تكاليف المنظمة بل يمثل استثماراً حقيقيا للمنظمة، يدفع بها إلى الاستمرارية في النشاط و يمنحها مزايا تنافسية في السوق في ظل اقتصاد المعرفة القائم على أساس إنتاج و استخدام و توزيع المعرفة و الإفادة منها في الحصول على خدمات و منتجات و طرق عمل جديدة توسع أسواق المنظمة الحالية بل و تفتح لها أسواق جديدة.
كما تعرفنا من خلال هذا البحث على أن المقصود بالميزة التنافسية بصفة عامة هو التفوق و التميز الذي تصل إليه المنظمة مقارنة بمنافسيها، و الناتج عن صياغة و تطبيق إستراتيجية معينة للتنافس، تستغل من خلالها المنظمة ما تتميز به من موارد و إمكانيات (بما فيها الإمكانيات و الموارد البشرية) بطريقة مبدعة من أجل الحصول على منتجات و خدمات تحقق لها حصة سوقية أكبر و تفتح لها أسواق جديدة. و أنه يمكن للمنظمة أن تحصل على ميزة تنافسية مستمرة عبر الزمن من خلال أربعة خصائص أساسية يجب أن تتوفر في رأس المال الفكري و هي: أن يضيف رأس المال الفكري قيمة إلى المنظمة، و أن يتميز بكونه نادر، و أن لا يمكن تقليده من قبل المنافسين، و أن يكون رأس المال الفكري مورد أصيل في المنظمة بحيث لا يمكن استبداله بأي مورد آخر مكافئ له في خطة الإستراتيجية.
في آخر البحث قمنا بدراسة تطبيقية لإسقاط هذه المفاهيم النظرية على الواقع، من خلال دراسة حالة المؤسسة الوطنية للجيوفيزياء و هي مؤسسة خدمية في المجال البترولي من مجموعة سوناطراك، والتي تضم أكثر من 5 آلاف عامل و لها 14 فرع داخل و خارج الوطن و يبلغ رأس مالها 7 مليار دينار جزائري. و فبعد التعريف بالمؤسسة و بالنشاط الأساسي لها و كذا الأنشطة الثانوية، و طاقتها الإنتاجية و تركيبة مواردها البشرية و تطور رقم أعمالها، ركزنا على الجهود المبذولة من طرف المؤسسة للاستثمار في رأس المال الفكري لتحقيق الميزة التنافسية من خلال تقديم إحصائيات حول استثمار المؤسسة في تكوين إجمالي الموارد البشرية حسب مجال التكوين و حسب نوع التكوين، و كذلك تطور رأس المال الفكري المستثمر فيه بين سنة 2007 و 2010 حيث وجدنا أن عدد الأفراد الذين يمثلون رأس المال الفكري للمنظمة و الذين استفادوا فعلا من التكوين داخل و خارج الوطن، قدر تزايد سنة 2008 وسنة 2009، في حين انخفض سنة 2010، إلا أنه بعد التعمق في تحليل الأسباب وجدنا أنها ترجع لعدم التزام الجهات المتعاقد معها.
كما قمنا بدراسة تطور تكلفة الاستثمار في رأس المال الفكري، من خلال مقارنة الميزانيات التقديرية و المنفقة فعليا في الاستثمار في التكوين لإجمالي الموارد البشرية للمؤسسة (بما فيها رأس المال الفكري) و لاحظنا تزايد ميزانية الاستثمار في التكوين بين 2007 و 2011 بنسبة كبيرة جدا و هي 438,05 % مع تركيزها خلال خطة برنامج التكوين لسنة 2011 على تكوين "خبراء في الجيوفيزياء" و هو ما يكشف الوعي الكامل للمؤسسة بأهمية الاستثمار في رأس المال الفكري لتحقيق الميزة التنافسية المستمرة، في ظل اقتصاد المعرفة و في ظل المنافسة الكبيرة في سوق الجيوفيزياء داخل الجزائر، خاصة مع وجود شركات أجنبية كبيرة منافسة.