حــــــــــــوار بيـــــــن الانســــــــــان و الحــــــــــزن ....


مَــن أنتَ... ؟


_ أنا الحُـزن ، آلا تـرى إني أصبحتُ رداء معظم الناس ؟


- و لمَ تفعل بالناس هذا الآلم ؟


_ لسبب بسيط جداً ، حتى أُعلمهم أن الدُنيا لا تصفوا لإحد ، و أن الإنسان خُلقُ في كَبد !


- نعم صدقت حقاً فيمَ قُلت ، و لكن يا حزن ماذا فعلت بمن حولك ؟


_ فعلت الكثير ، فمنهم من تغير للأفضل حين شعر بالحزن و الآلم و الحسرة على ما فات و ضيع في جنب الله ، و نــاس آخُرى زدتهم حسرة على حسرتهم على ما فات من مُتع دنُيا فانية !


- إذن أنتَ يا حُزن متقلب الأحوال ! في بعض الأحيان تُصلح و في بعضها تُفسد !


_ مهلاً مهلاً ليس العيب فيّ يا صديقي ، بل من أمامي يستطيع أن يجعلني باباً له إلى الجنة ، و آخر قد يجعلني بابا له إلى النار !


- مهلاً مهلا لم أفهم ما قُلت ، من فضلك اشرح لي ؟!


_ يا صديقي عندما يحزن العبد المُفرط في حق الله عز وجل و يعود و يرجع إلى الله عز وجل هنا كان الحزن سبب في هدايته و سعادته في الآخرة ، و أما العبد الآخر الذي لا يزيده حزنه إلا بًعداً عن الله عز وجل فهذا هو الخاسر ، خَـسر الدُنيا و الآخرة .

- حقاً صدقت في كل كلمة ، و لكن يا حُزن في بعض الآحيان تَمر بي حالات ضيق و حزن شديد مما آرى حولي ، فهذا أكتشف أنه مُخادع ، و الآخر يكذب ، و الآخر يُظهر الحق و هو يحمل الخبائث ، فيزداد آلمي على آلم و حزني على حزن ، فماذا بعد هذا الحزن ؟


_ سألت فأحسنت السؤال ، أنظر يا صديقي إذا كان حزنك على شئ في الأخرة و شئ سيقربك من الله عز وجل فيا آهلا و مرحباً بهذا الحزن النافع ، آما إذا كان حزنك على حال بعض الناس و تُفكر فيهم كثيرًا و يكون شغلك الشاغل من تغيرهم و إنقلبهم فلن يزيدك هذا الحزن إلا حسرة ، و إنشغال على ما هو أولى .

- كلامك حكيم ، لكن هل لكَ أن تعطيني نصيحة في الختام عن أحوال بعض الناس و تغيُرهم ؟


_ إعلم يا صديقي أن الرجال يُعرفون بالحق ، لا الحق يُعرف بالرجال ، و أنتم معشر البشر بُعثتم دُعاة و لم تُبعثوا قٌضاة ، فتفكر في حالك و حاول أن تصلح من نفسك ، و لا تنشغل بمن حولك و تقول يا حسرة كيف طلع هذا الشخص نهجه غير سليم و تفكيره به خلل ، لا تشغل نفسك بهم فالكل يؤخذ منه و يرد إلا النبي صل الله عليه و سلم ، و إعرف الحق تعرف أهله ، و لا تتعلق بأشخاص فكل الناس مُعرضون للسهو و الخطأ و النسيان ، فتمسك يا صديقي بما جاء في الكتاب و السنة ففيهما النجاة .


- صـــــــدقت حقاً فيمَ قلت ، و نصائحك قيمة و سأفعل بها دوماً إن شاء الله .


_ كلمة أخيرة يا صديقي لا تحزن كثيراً فالحزن قد لا يأتي بخير إذا زاد عن الحد و تفائل و استبشر خيراً فبعد العسر يسراً .


- نصائحك قيمة و حكيمة ، فهل من نصيحة آخيرة ؟


_ نعم يا صديقي ، لا تُكثر الشكوى للبشر فغالباً لن يفهمك من حولك ، فأجعل شكواك لرب الأرض و السماوات و تذكر قول الله تعالى
((َ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ )) .


و إلى هُنا إنتهى الحوار ، و يبقى الأستفادة منه و من نصائح الحُزن التي قالها .


فيا قلب يا حزين أبشر خيراً فبعد العسر تيسير ، و بعد الآلم فرح و سرور ، و بعد الحيرة و التفكير راحة و إطمئنان ، و إعلم يا قلب أن الدنيا فانية و الفائز فيها من عمل للآخرة ، فاسلك طريق الحق و لا تخشى في الله لومة لائم ؛ لكن إنتبه و أسلك طريق الحق و اسـأل عنه و تيقن من صحته حتى لا تقع كغيركَ .