إنها تلك الكلمات التي طالما نسمعها من كثير من المديرين، كقول البعض: ليس لدي وقت كافٍ، أو تمني آخرين بأن يكون لهم أربع وعشرون ساعة إضافية، وشكوى الكثيرين من كثرة الأعمال وقلة الأوقات المتاحة، وعظم الضغوطات وكثرتها، وعدم القدرة على التوازن بين الأسرة ومتطلباتها، والأولاد واحتياجاتهم.وهذه الكلمات وتلك العبارات، لا تعدو كونها خرافة نُوهِم أنفسنا بها، وليس لها أيُّ أساس من الصحة، وحينما يتحرر الإنسان من تلك الخرافة، فإن القوة الكامنة بداخله سوف تدفع به إلى نجاحات باهرة، فكما يقول إليان ألكين صاحب كتاب (كيف تسيطر على الوقت وعلى حياتك): (ليس هناك شيء يُسمَّى نقص الوقت؛ فنحن جميعًا نملك الوقت الكافي لنفعل كل ما نحتاج إليه فعلًا).
وإليك تجربة واقعية يحكيها الدكتور إبراهيم الفقي، فقد كان يتحدث مع مدير إحدى الشركات بكندا، فسأله: (هل حصلت على إجازة ترفيهية قريبة؟)، فأجابه: (نعم، لقد ذهبت إلى المكسيك، ومكثت فيها أسبوعين كاملين)، فقال له: (جيد، وكيف خططت لإجازتك؟)، قال: (حددنا ميزانية الرحلة، ثم أخطرنا المكان الذي نود الذهاب إليه بقدومنا؛ كي ينتظرونا، ثم اتصلنا بأكثر من شركة سياحية؛ لنرى أيهما يعطي مزايا أكثر، واخترنا أفضلها بالفعل، وحملنا حاجياتنا وذهبنا إلى المكسيك، وتمتعنا برحلتنا التي خططنا لها).
فقال له: (رائع، أرى أنك ممن يخططون لأنفسهم بدقة)، فقال باسمًا: (بالطبع، خاصة الإجازات؛ فالتخطيط الجيِّد يجنبني المفاجآت، والاهتمام بالتفاصيل الصغيرة، يوفر عليَّ الوقت في إصلاح ما قد يفسد من الأشياء، وبهذا أتجنب المفاجآت غير السارة وخيبة الأمل التي قد تطل برأسها)، فبادره بسؤال: (إذن هل لديك برنامج منظم لحياتك؟)، فقال: (هذا يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين، وهذا ما لا يتوفر لي، لكنني أسجل في ذهني دائمًا خططي، وأحفظ في ذاكرتي خططي المستقبلية).
فانظر كيف ينفق هذا المدير الوقت الكثير للإعداد للعطلة؟! إذًا إنها ليست مشكلة ضيق الوقت أو قلة الساعات، ولكنها مشكلة إدارة تلك الدقائق، ومن ثم ستعتني الساعات والأيام بنفسها، بل وتدفعك إلى قمة النجاح وذروة التميز.