بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"الصالح المسيء"بلا شك إن خير من يمشي على الأرض هم الصالحون المصلحون من أهل الدين و الالتزام , المؤمنين بالله سبحانه و تعالى الذين يدعون إلى الإيمان و القيام بما أمر الله به الخلق " وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون"
و ينقسم الصالحون إلى قسمين: قسم صالحين و قسم صالحين و مصلحين , و عند الله كلاهما من المحسنين , وخيرهم من كان صالحا و مصلحا يصلح ما أفسد الناس و لم يكتف بإصلاح نفسه , بل حمل هم المجتمع على عاتقه , ولا يبتغي في ذلك إلا وجه الله سبحانه و تعالى.و إن كان رجال الإطفاء أو الإنقاذ في إنقاذهم الناس من الحرائق و الغرق أبطالا , فأهل الصلاح أبطال الأبطال في هذه الحياة , ينقذون البشر من الغرق في الذنوب و الحريق في الجحيم و إرشادهم لسلاك طريق المستقيم , و لهي أكبر عملية إنقاذ عرفتها البشرية , الناجي فيها ينجو في حياة الدنيا و الآخرة , فجزاهم الله عنا خير الجزاء.
و لكن من الصالحين من يسيء للدين و أهله في فهمهم الخاطئ للزهد في الحياة , تراهم يفعلون ما لم يؤمروا به من الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم من إهمال في المظهر و الملابس و اللحى حتى في اللياقة البدنية .فالبعض يعتقد لبس الملابس القديمة و المرقعة أو ملابس سيئة الجودة من الزهد و تجنب الترف , ولا كأن الله جميل يحبُ الجمال , سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني أحب أن يكون لباسي جميلاً و نعلي جميلاً أفمن الكبر هذا يا رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لا,إن الله جميل يحب الجمال .
و قد أمر الله سبحانه و تعالى في كتابه بالتزّين , فقال:
"يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد"
و في هذا قول واضح بأن التجمل محبب عند الله و رسوله , فمن قال من الزهد إهمال اللباس؟
بل كان ابن عباس يلبس أجمل الملابس و يقول: "أريد أن أظهر نعمة الله عليّ و أعز دين الله الذي أرسل به محمداً صلى الله عليه وسلم"
فمن منا لبس الملابس الجميلة و قال قول ابن عباس؟ إ
لى من هداه الله إلى طريق الهدى , و اتبع سنن المصطفى , أنت في مظهرك لا تمثل شخصك , فأكثر الناس لا يعرفون من أنت , و لكن يعرفون بمظهرك أنك مسلمٌ , فاجعل مظهرك يعز الإسلام يا من تغار على الإسلام.
و تذكر قول مالك بن أنس الذي كان يلبس أجمل اللباس و هو من أتقى الناس: "أريد أن أنصر هذا الدين بهذا اللباس"
و من إخواننا الذين هداهم الله, قبل التزامهم تجدهم يمارسون الرياضة بشكل دائم , و يحافظون على لياقتهم و مظهر أجسامهم و تكون حياتهم مليئة بالنشاط و الفعاليات , أما بعد الإلتزام ينقطعون عن ممارسة الرياضة و يكثروا من الطعام , حتى أصبح عند كثير من الناس انطباع بأن "كثرة الأكل من سمات الملتزمين" و هذه الصورة الخاطئة لا ينبغي أن يُصور بها أهل الدين أبداً , و كثرة الأكل منهي عنه في الدين , و لكن ثبتت عليهم هذه الصفة لوجود فئة منهم يُسيء لهم بكثرة الأكل , و كما قيل " الخير يخص و الشر يعم"
و يترتب على إهمال الصحة البدنية زيادة في الوزن و مظهر غير لائق و يمتد تأثيره إلى العبادات و الكسل عن الاجتهاد في الطاعات , و إماتة القلب , و قد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعون من كثرت الأكل.و أخبرت عائشة رضي الله عنها, إنه لم يمتلئ جوف النبي صلى الله عليه وسلم شبعاً قط و هو الذي قال " ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه. " فالأحق أن نتبعه في مثل هذا.
عن الفضيل قال: شيئان يقسيان القلب كثرة الكلام و كثرة الأكل, و كان يُقال: من أحب أن يُنوّر قلبه فليُقلَّ طعامه.و من قمة التناقض أن يزهد المرء في ملابسه ولا يزهد في طعامه , و الدين يطلب العكس , لكن الشهوات أحياناً تغلب المرء.و نحن لا نقول يجب أن لا يكون في أهل الالتزام عيوب , فهم ليسوا ملائكة , ولا ينبغي أن نتتبع أخطائهم, فهم خير من يسير على هذه الأرض بقلوبهم الطاهرة و ألسنتهم الذاكرة ,
ولكن هناك أمور ينبغي الحذر منها لمصلحة الإسلام و عزته , و كل فرد منا مسؤول أمام دينه عن تصرفاته و أفعاله .
و أسأل الله لنا و لكم الهداية إلى ما يحبه و يرضاه الله و رسوله صلى الله عليه وسلم.
الكاتب: راشد خليفة المزروعي