في يوم من الأيام.. دخلتُ أحد المبان قاصدا أحد الطوابق العليا.. فاستدعيت الأسانسير ( المصعد) و وقفت في انتظاره.. و بعد قليل جاء شخص آخر يريد الأسانسير

لاحظ معي ماذا فعل

حيّاني في أدب ثم ضغط زر استدعاء الأسانسير و وقف إلى جواري ينتظر
هل لاحظت شيئا غريبا ؟

لقد رآني و أنا واقف في انتظار الأسانسير.. و على الرغم من ذلك ضغط زر استدعاء المصعد

أمال أنا واقف باعمل إيه يعني ؟ لا أتأمل جمال المصعد طبعا لو اعتقدت هذا.. لقد ضغطت الزر قبله بالتأكيد, لأنني واقف أنتظر المصعد
بالتأكيد يحدث لك هذا الموقف كثيرا
أليس كذلك ؟

هل تعرف التفسير العلمي لما حدث ؟

*******

(( البرمجة المسبقة ))
تبدأ عقولنا في تخزين جميع خبراتنا و تجاربنا السابقة ... و نبدأ في التصرف و الحكم على الأشياء من خلال هذه التجارب و الخبرات دون تفكير
و بعد ذلك نقوم بالتصرفات التلقائية التي تمت برمجتنا عليها.. دون أن نحاول أن نلاحظ ما إذا كانت صحيحة أم لا

فاهم حاجة ؟؟ طيب بلاش

خد المثال ده أبسطاقرأ معي بسرعة الجمل المكتوبة في المثلثات

wweq1.jpg
بالتأكيد لم تلاحظ أن كلمة (في) مكتوبة مرتين .. أليس كذلك ؟
هل تعرف ماذا حدث ؟
طبقا لخبراتك السابقة .. فقد تمت برمجة عقلك أن كلمة ( في ) لا تكتب سوى مرة واحدة في الجملة.. لذلك لم يرها عقلك و جعلك ترى الجملة في ضوء تجاربك السابقة.. لا كما يجب أن تراها
يعني إيه الكلام ده ؟
ما أقصده بهذه الأمثلة هو أن أوضح أننا نرى العالم طبقا لبرمجتنا السابقة فقط.. لا كما يجب أن نراه.. نحن لا نرى الحقيقة لكننا نراها في ضوء تجاربنا نحن*******
أختلف معك
حين نختلف مع شخص ما في الرأي, يتمسك كل منا برأيه الذي كونته خبراته و تجاربه السابقة
حاول ان ترى الصورة الحقيقية.. ليس كل ما تراه صحيحا هو – بالضرورة – صحيح...! لأنك ما تراه هو ما تمت برمجة عقلك عليه .. ألم تخطئ منذ قليل في قراءة كلمة (في) الزائدة ؟
أعد التفكير في كل ما تراه صحيحا بالنسبة لك
إقبل النقاش و أعد النظر في أفكار من يختلفون معك... إنهم – فقط – لم تكن لهم تجاربك السابقة التي تؤهلهم كي يفكروا مثلما تفكر
لماذا لا تتقبل فكرة أنهم ربما يكونون على شيء من الصواب ؟
حاول أن تتفهم وجهة نظر الآخرين و لا تتمسك برأيك دائما لمجرد أنه رأيك.. أعد النظر في برمجتك السابقة و لا تفترض دائما أن كل ما تراه صوابا و بديهة هو – بالضرورة – صوابا و بديهة
الفيل و العميان

هل سمعت هذه القصة من قبل ؟
يُحكى أن ثلاثة من العميان دخلوا في غرفة بها فيل.. و طلب منهم أن يكتشفوا ما هو الفيل ليبدأوا في وصفه
بدأوا في تحسس الفيل و خرج كل منهم ليبدأ في الوصف
قال الأول : الفيل هو أربعة عمدان على الأرض
قال الثاني : الفيل يشبه الثعبان تماماً
و قال الثالث : الفيل يشبه المكنسة
و حين وجدوا أنهم مختلفون بدأوا في الشجار.. و تمسك كل منهم برأيه و راحوا يتجادلون و يتهم كل منهم أنه كاذب و مدع
بالتأكيد لاحظت أن الأول أمسك بأرجل الفيل و الثاني بخرطومه, و الثالث بذيله
كل منهم كان يعتمد على برمجته و تجاربه السابقة.. لكن .. هل التفتّ إلى تجارب الآخرين ؟
*******

من منهم على خطأ ؟

في القصة السابقة .. هل كان أحدهم يكذب ؟
بالتاكيد لا .. أليس كذلك ؟

من الطريف أن الكثيرين منا لا يستوعبون فكرة أن للحقيقة أكثر من وجه.. فحين نختلف لا يعني هذا أن أحدنا على خطأ !! قد نكون جميعا على صواب لكن كل منا يرى مالا يراه الآخر

إن لم تكن معنا فأنت ضدنا ! لأنهم لا يستوعبون فكرة أن رأينا ليس صحيحا بالضرورة لمجرد أنه رأينا

لا تعتمد على نظرتك وحدك للأمور فلا بد من أن تستفيد من آراء الناس لأن كل منهم يرى ما لا تراه .. رأيهم الذي قد يكون صحيحاً