تابعت الأسبوع الماضي الاخراج الردئ والركيك لفيلم اسمه (حماية المستهلك المصري) بطله جهاز لايسمع المصريون عنه شيئا الا في أعياد شم النسيم اسمه (جهاز حماية المستهلك),هذا الجهاز انتفض الأسبوع الماضي عن بكرة أبيه بعد أن جاب الديب من ديله, فلم يهدأ للجهاز أو لرئيسه بال الا وقد استطاع أن يضع يده علي السبب الذي أحال حياة المواطن الي جحيم مما دفعه الي أن يكلم نفسه في الشارع,وهو نفس السبب الذي أدي الي زيادة عدد المرضي بالفشل الكلوي والالتهاب الكبدي الوبائي,أخيرا استيقظ ضمير الجهاز وشمرعن ساعديه وقرر أن يعقد مؤتمرا صحفيا يقول فيه الحقيقة للناس.
واسم الجهاز له دلالته التي لاتخطئها العين فهو جهاز حماية المستهلك (افتح قوس واكتب كلمة المصري ثم اقفل القوس) يعني المستهلك الذي يقصده هذا الجهاز هو الراجل اللي ماشي علي رجليه طول النهار في شوارع المحروسة مكدود الحيل بحثا عن لقمة العيش ومهمة الجهاز حماية هذا المواطن (المستهلك) من أي غش أو تدليس لأي بضاعة أو منتج أو سلعة يستخدمها.
المهم تم الاعلان عن المؤتمر الصحفي والذي سيعلن فيه رئيس جهاز حماية المستهلك (المصري) آخر الأخبار عن السلع التي يتابعها من أجل صالح المستهلك (المصري), واستبشر الجميع خيرا,لكن الصدمة كانت كبيرة في المؤتمر وفي صاحبه وفي الجهاز واللي جاب الجهاز نفسه,فبدلا من أن يحدثنا الجهاز ورئيسه عن الكوارث والمصايب التي تحدث في سوق العيش أو الالبان أوالممارسات الاحتكارية للعديد من السلع آخرها الحديد, فاجئنا الجهاز بالحديث عن مسألة تانية خالص, قال ايه...المياه المعدنية التي يشربها المواطن (لانعرف عن أي مواطن يتحدث الباشا رئيس الجهاز) غير مطابقة للمواصفات وعندما تكون المياه المعدنية هي الشغل الشاغل لهذا الجهاز ورئيسه فاننا هنا لدينا أكثر من ملاحظة:
-أعتقد أن الجهاز ورئيسه يحتاج الي دورات تدريبية في الشوارع والحارات المصرية ليعرف (المواطن المصري) المقصود حمايته من الاستغلال,وليس رجال الأعمال أوالسياح (مع احترامنا لهم) الذي يتعامل معهم الجهاز ورئيسه.
-هل انتهت مشاكل السلع والخدمات التي يتعرض خلالها المواطن لكافة أنواع الغش والتدليس ولم يبق أمام الجهاز الا المياه المعدنية؟.
-هل جاء الاعلان في هذا التوقيت لضرب مصالح (ناس بعينها) أم هو تصفية حسابات واحراج وزراء,بدليل غضب وزير السياحة الشديد من جراء ما فعله الوزير رشيد وجهازه,فقد نقل وزير السياحة استياءه الشديد مما حدث لوزير التجارة مهندس رشيد وقال له
أنت ضربت لي الموسم السياحي) كما أن شركات سياحة عالمية كثيرة ألغت حجوزاتها الي مصر بعد المؤتمر الصحفي,فاذا كانت السفارات الأجنبية في مصر تحذر رعاياها من تناول مياه الشرب من (الحنفيات) بزعم تلوثها وتنصحهم بالبديل الآمن وهو المياه المعدنية,فقد ضرب الوزير رشيد وجهازه (هذا البديل) في وجه السياحة مما نتج عنه خسائر شديدة في الموسم السياحي الذي يعيش علي عوائده الملايين بسبب (غباء سياسي ووظيفي).
-من المؤكد أن صناعة المياه المعدنية قد تأثرت بعد هذا التصريح غير المسئول بل أن بعض الشركات بدأت في مقاضاة الحكومة بسبب مافعلته وزارة التجارة وجهاز حماية المستهلك,حيث أن أخذ عينة أي منتج لتحليله يخضع لقواعد,أهمها أن تؤخذ عينتان أحداهما تكون في الشركة او المصنع (منتج السلعة) والعينة الثانية تذهب للتحليل ويتم ذلك تحت اشراف وحضور جهات محددة وأن يكون ممثل الشركة موجودا وهو مالم يحدث في مسألة عينات (المياه المعدنية).
-ماحدث لايخرج عن سيناريو ردئ لكبار المسئولين في الحكومة للبحث عن كبش فداء للفت نظر المواطن المسحوق عن مشاكله مع الغذاء والأسعار.
أما الملحوظة المهمة هنا فهي أن رئيس الجهاز المكلف بحماية المستهلك يعمل موظفا في شركة (مواد غذائية كبري ومشهورة) وأن أخويه يعملان في هذه الشركة بل أن أحدهما هو الممثل لكافة أنشطة رجل أعمال خليجي في مصر وعضو مجلس الادارة,وهذه الشركة لها منتجات غذائية كثيرة في السوق ومعظمها مطاعم ومصانع (صباح الشفافية).
فكيف نضمن حياد رئيس جهاز حماية المستهلك مع كافة السلع والمنتجات وهو في نفس الوقت يعمل في شركة كبري للمنتجات الغذائية في السوق بل الأخطر أن أخوته يديرون هذه الشركة؟
وماينسحب علي رئيس الجهاز يسري أيضا علي بعض أعضاءه الذين يمثلون أصحاب المنتجات والسلع وفي نفس الوقت هم القضاة الذين يتلقون شكاوي المواطنين ضد منتجاتهم , فأصبحوا الخصم والحكم في نفس الوقت!!!.(هل رأيتم شفافية أكتر من كده).
مايحدث هو مايسميه خبراء الاقتصاد بـ (تشابك المصالح) وهو غير موجود الا في البلاد المتخلفة,فاذا كان البهوات الجدد في الحكومة المصرية قد أخذوا من أمريكا وأوروبا مفاهيم الاقتصاد الحر لكنهم تركوا خلفهم آلياته وقواعد الافصاح والشفافية.
نحن لم نذكر الأسماء لأنها لا تهم (علي الأقل الآن) لكننا نقصد معني مايحدث من شبهات وشكوك,وتعالوا نسأل رئيس جهاز حماية المستهلك:كم شكوي وصلت للجهاز ضد منتجات شركة (أ) التي تعمل بها؟ بل كم شكوي وصلت ضد الشركات التي يملكها ويديرها أخواك؟ (الاجابة:لاشيء)؟
ثم يصدعون دماغنا ليل نهار بالشفافية والعمل من أجل راحة المواطن ..نهاركم أبيض.
رد مع اقتباس
