إدارة الموارد البشرية
المقدمة
الإنسان هو الكائن الحي الوحيد القادر على إدارة شؤونه وتنظيم حياته مستخدماً العقل وما يختزنه من ثقافة، إضافة إلى استخدامه للغريزة أكثر مما تعتمد على عقولها، وقد أكدت الدراسات على أن الحيوان سبق الإنسان بوجوده على كوكب الأرض، وأن الإنسان البدائي تعلم من الحيوانات التي شاركته العيش في بيئته.
ومهما كان ما تعلمه الإنسان من الحيوان فلا يقد إلا الشيء اليسير مما أبدعه العقل البشري من إيجاد الوسائل التي يستطيع من خلالها تحقيق غاياته التي لا تقف عند جد معين، احتاج إلى القوانين والأنظمة فأوجدها من خلال معرفته بماهية الثواب والعقاب.
ويمكن القول إن القوانين والأنظمة الوضعية الأولى، وكذلك التعاليم الدينية، وما ينطوي تحت لفظتي العدالة والمساواة من معان، كانت الأسس التي قامت عليها إدارة الموارد البشرية، إلا أن هذا المصطلح بكلماته الحالية هو مصطلح علمي حديث يستخدم للدلالة على العملية الإدارية وما تتطلبه من مهام تتعلق بالتخطيط والتنظيم والتحديث والتطوير والتحفيز و التعويض، ورقابة أداء، إلى آخر ما هناك من مهام، ولا يتحقق من ذلك شيئاً ما لم تنظر الإدارة إلى الكادر البشري على أنه قبل كل شيء إنسان وليس آلة.
ظهر مصطلح إدارة الموارد البشرية في الولايات المتحدة الأمريكية في بداية العقد السابع من القرن الماضي كبديل عن مصطلح إدارة الأفراد... في الوقت الذي كنا ولا نزال نستخدم مصطلحا آخر هو شؤون العاملين.
وتعرف إدارة الموارد البشرية على أنها نموذج متميز لإدارة الشر والذي يسعى لتحقيق الميزة التنافسية من خلال وضع استراتيجية للحصول على موارد بشرية تتميز بالكفاءة، هذا النموذج المتميز يتمتع بمبادئ أساسية.. تتعلق باستراتيجية التكامل، تكامل إدارة الموارد البشرية مع الخطط الاستراتيجية للمنظمة.
وبالولاء. ولاء العاملين لأهداف للمنظمة، وبالمرونة، مرونة المديرين ومدى تفهمهم للحالات النفسية والاجتماعية للعاملين، وتهتم بعملين التكيف والقدرة على إدارة التغيير. ويمكننا أن نعرف إدارة الموارد البشرية على أنها مجموعة وظائف تقوم بها المنظمة بغرض توفير الكفاءات البشرية، وتنميتها، وتوجيهها لتحقيق أهدافها.
وهناك مراحل لابد أن تمر بها هي: توفير الكفاءات البشرية، تنميتها و توجيهها. ويتبع المراحل السابقة سلسة طويله من المهام المترابطة بها، فتوفير الكفاءات البشرية يتطلب دراسة مدى احتياج المؤسسة للعاملين ثم تأتي عملية دراسة الرواتب والأجور ومدى تناسبها مع الوظيفة التي ستسند إلى العامل ثم تأتي عملية الامتحان ومن ثم الفرز والانتقاء، بمعنى أن يتم وضع الشخص المناسب في الوظيفة المناسبة... ولا يتم ذلك ما لم يسبق بما يسمى الاستقطاب ويكون ذلك بالاعلان على الوظيفة وشرح مزاياها وأجورها وساعات العمل وغير ذلك من المغريات التي من شأنها أن تجعل عدد المتقدمين كبيراً ليتم انتقاء النخبة.
وبعد مرحلة الانتقاء والوظيف تأتي مرحلة التنمية والتدريب من خلال إقامة الدورات النظرية والعملية كي تحافظ النعاصر على مقدراتها وكفاءتها، وتأتي مرحلة التوجيه، التي تتم بعد دراسة واقع العمل ومدى تحقيق الغايات المرجوة بل لنقل تقييم الأداء لتحديد الفارق بين الأداء الفعلي والأداء المطلوب، وذلك لتصحيح الجوانب السلبية بالعودة إلى التدريب وتدعيم الجوانب الإيجابية بالحوافز والمافآت.
وبهذا يمكن القول:
إن إدارة الموارد البشرية هي عملية تنظيم للعلاقة القائمة بين إدارة المنظمة وموظفيها. ترمي إلى تحقيق أهدافها وأهدافهم، وذلك من خلال مجموعة من البرامج والأنشطة المستندة في إعدادها إلى نظم وقوانين قابلة للتغيير بحسب الوضع الراهن، ومن هذا المنطلق فإن إدارة الموارد البشرية تتعامل مع العنصر البشري (الوظيفي) لاستثمار طاقاته.
وهناك دونما شك علاقة ارتباط بين نجاح المنظمة ونجاح الأفراد فيها بحسب برامج وخطط المنظمة مع العلم أن القياس الفوري لأي عمل ولا سيما في المنظمات الإنتاجية أمر صعب ويبقى التكهن والتنبؤ في حدود الإمكانيات المتاحة، أما الربح فهو ليس مقياساً صحيحاً لنجاح المنظمة، إذ إن هناك عوامل كثيرة تتدخل لتقلب الموازين.. ويكمن سر نجاح أي منظمة في العلاقة ما بين المدير ومجلس الإدارة والعاملين.. والسياسة الواضحة في التعامل مع العاملين المستقطبين للعمل، إضافة إلى إعطاء الصلاحيات للإدارات الدنيا لتتمكن من اتخاذ قرارات صائبة أو تقترح قرارات صحيحة للجهات الأعلى.
وعلى المدير الاهتمام بالموظفين كونهم مورده الأساسي... وإيجاد الفرص للتدريب المهني ورصد الاعتمادات المالية الكافية لها.. ورفع الرواتب بما يتناسب مع الواقع الاجتماعي للفرد إضافة إلى إعطاء الحوافز التشجيعية وأن تكون هناك عدالة ومساواة فهما تجذبان الأفراد إلى المنظمة فلا يفكر أحد بتركها للعمل في غيرها. المساواة والعدالة تحققان نتائج سلمية في أغلب الأحيان.
إن إدارة الأفراد لا تأتي بالتنصيب أو الاعتبارات الخاصة، ولا تأتي بالمال أيضاً، بل هي قدرات خاصة ومواهب يعتمد عليها المدير وتضفي عليها التجارب وقوة التفكير وسعة الأفق ورحابة الصدر، مهارات رائعة تجعله يمسك بزمام الأمور بثقة واقتدار. بل لا بد وأن يتولى المدير مهاماً أساسية في المؤسسة التي يديرها حتى يصلح أن يكون في هذا المقام، وتقسم مهام القائد في الغالب إلى قسمين:
أحدها: مهام رسمية تنظيمية.
وأخرى: سلوكية أخلاقية.
وعندما يهيمن الفساد الإداري على عمل منظمة ما فهذا لا يعني بالضرورة نهاية هذه المنظمة فهناك ما هو نقيض الفساد الإداري وأعني به الإصلاح الإداري، والإصلاح الإداري هو جهد سياسي، وإداري، واقتصادي، ثقافي وإداري هادف لإحداث تغييرات أساسية إيجابية في السلوك والتنظيم والعلاقات والأساليب والأدوات تحقيقاً لتنمية قدرات وإمكانيات الجهاز الإداري بما يؤمن له درجة عالية من الكفاءة والفاعلية في إنجاز اهدافها.
إن عمل إدارة المارد البشرية ما هو إلا مجموعة من النظريات الاجتهادية التي يجب ألا تخضع لقوانين وقواعد ثابتة، بل لا يمكن أن تنجح الإدارة عندما تخضع نفسها لمجموعة من القوالب الجامدة، أو عندما تعتبر أن الأوامر الإدارية والتعاميم والتعليمات والقرارات ضورات حتمية يجب تنفيذها بحذافيرها دونما تردد أو تذمر.. بل هي أكثر نجاحاُ عندما تطلب تنفيذ ما يصدر من أنظمة وقوانين ناظمة ولكن ضمن حدود الإمكانيات المتاحة آخذة بعين الاعتبار العوامل النفسية و الاجتماعية والفروقات الجسدية بين العاملين... وملاحة التنوع البيئي والمناخي واختلاف ظروف العمل من مكان لآخر... ومن هنا يمكن القول إن هناك مهمام غير رسمية للمدير ولا نجدها مندرجة في القرارات والتعلميات الناظمة.. وإنما هي مهام سلوكية تتعلق بشخصيته ومدى تفهمه وإدراكه لقضايا وشؤون العاملين الشخصية... أو لنقل تعتمد= بشكل كبير على شخصيته وآفاقه وأسلوبه الشخصي في التعامل مع الآخرين، دعوني ا"طرح مثالاً: إن تقديم واجب العزاء لأحد العاملين ليس مفروضاً على المدير كمهمة رسمية... إلا أن قيامه بهذا العمل غير الرسمي يؤدي إلى نتائج جيدة على صعيد العمل.
وهنا يتوجب على المدير الاهتمام بمرؤوسيه وإقامة علاقات جيدة معهم، بهدف الاقتراب منهم والتعرف على مشكلاتهم وأفكارهم من الدخل لتذليل الصعوبات وتحقيق ما يمكن تحقيقه منهم والتعرف على مشكلاتهم وأفكارهم من الداخل لتذليل الصعوبات وتحقيق ما يمكن تحقيقه بما لا يضر بمصالح المؤسسة بل يصب في خدمتها، إن الاتصال مع الجماعات المختلفة في المؤسسة، يكسر الحاجز بين الطابع الرسمي الذي يفرضه العمل، وغير الرسمي الذي تفرضه الأعراف والتقاليد والأخلاق... صحيح أن المدير قد يتهم بالأنانية عندما يفعل الخير ومع ذلك ليفعله... فهو إذا ما حقق نجاحاً سوف يجد أصدقاء مزيفين أو سيجد أعداء له... ولكن مهما يكن ليسعى إلى تحقيق النجاح مهما كثر أعداؤه، وغالباً ما يكون المدير الصادق الصريح النزيه عرضة للانتقاد من بعض ذوي النفوس الضعيفة، إلا أن الانتقاد هذا يجب أن يزيده تصميماً على نبذ الكذب دائماً والنزاهة أبداً.
إن تطبيق نظريات إدارة الموارد البشرية يخضع لجملة من العوامل ويتفاوت التطبيق من منظمة إلى أخرى بحسب الظروف التي قد تكون سبباً في النجاح أو الظروف التي تكون سبباً في الفشل.
أرجو أن يكون في هذا الكتاب إضافة للمتهتمين والطلبة,,
والله الموفق،،
د. نعيم الظاهر/ عمان
2009
المقدمة
الفصل الاول : المدخل الى ادارة الموارد البشرية
اولا : ماهية ادارة الموارد البشرية
ثانيا : التطور التاريخي لادارة الموارد البشرية
ثالثا : استراتيجية إدارة الموارد البشرية ودورها في إنجاز استراتيجية المنظمة
الفصل الثاني : إدارة الموارد البشرية وبناء استراتيجيتها المعاصرة
اولا : ادارة الموارد البشرية بين الادراة الفاعلة والوسائل العملية
ثانيا : اهم متغيرات البيئة المعاصرة والتي اثرت على ادارة الموارد البشرية المعاصرة .
ثالثا : الادارة الاستراتيجية
رابعا : المراحل التي تمر استراتيجية ادارة الموارد البشرية المعاصرة
خامسا : ادارة الموارد البشرية بين النظرية والتصنيف .
سادسا : نماذج عملية لتصميم استراتيجية ادارة الموارد البشرية .
الفصل الثالث : الادارة الاستراتيجية للافراد
اولا : اهمية العنصر البشري في العملية الانتاجية .
ثانيا : مفهوم ادارة الافراد .
ثالثا : نظرية النظم وادارة الافراد .
رابعا : الادارة الاستراتيجية للافراد .
خامسا : الاجراءات المستخدمة في ادارة الافراد ، حالة دراسية من السعودية
الفصل الرابع : تحليل العوامل والموارد البشرية
اولا : تحليل الاعمال والوظائف ( التحليل الوظيفي )
ثانيا : ابعاد تحليل الوظائف .
ثالثا : نتائج تحليل المعلومات عن الاعمال والوظائف
رابعا مجالات استخدام نتائج تحليل الاعمال الوظائف
خامسا : مسوغات تحليل الاعمال والوظائف دخل المنظمة .
سادسا : هيكلية الاعمال والوظائف .
الفصل الخامس : ادارة الرواتب والاجور والحوافز
اولا : الاجور والرواتب
ثانيا : تقييم الوظائف
ثالثا : بناء هيكل الاجور والرواتب
رابعا : الدوافع والحوافز
خامسا : اعداد موازنة قسم ادارة الموارد البشرية
الفصل السادس : استراتيجية تدريب وتنمية الموارد البشرية
اولا : التدريب والتطوير .
ثانيا : مراحل عملية التدريب .
ثالثا : فاعلية البرنامج التدريبي
رابعا : التطوير الاداري والتنظيمي
خامسا : تطوير المدراء .
الفصل السابع: قضايا ومشاكل معاصرة في ادارة الافراد
اولا : مدير بدرجة الديكتاتور .
ثانيا : مشاكل العاملين .
ثالثا :فن اتخاذ القرارات الصائبة .
رابعا : نماذج البشر وكيفية التعامل معهم
خامسا : اخطاء ادارية .
سادسا : اهمية الاجازة للانسان
سابعا : مفاهيم اساسية متصلة بحل المشكلات واتخاذ القرارات .
ثامنا : تحديات ادارة الموارد البشرية وتوقعاتها في الالفية الثالثة .
المراجع