بغض النظر عن نسبة البطالة في بلدنا، سواء كانت 5 أو 20 في المائة، وبغض النظر عن كيفية حسابها، وبغض النظر عن المسؤول رسميا عن معالجة مشكلة البطالة أهي وزارة العمل أم وزارة التعليم أم القطاع الخاص، في النهاية نحن كغيرنا من الدول نعاني مشكلة البطالة والضغط الاجتماعي والسياسي الذي تسببه هذه المشكلة، إلا أن المهم أن من تقع على رأسه مشكلة البطالة قبل غيره هو العاطل عن العمل نفسه، فلا أحد يشعر بحجم المشكلة وفظاعتها إلا هذا الشاب التائه بملفه العلاقي الأخضر بين الشركات والدوائر الحكومية.
وكما قلنا إننا هنا لن ننظر إلى أسباب هذه البطالة، لأنها أوضح من الشمس في رائعة النهار، بل سنقول لهذا الشاب أو الشابة ماذا أنت فاعل؟ هل ستنتظر رسالة ديوان الخدمة بتوظيفك، أم ستنتظر مكالمة من إحدى الشركات؟ وهل ستضع يدك على خدك خلال فترة انتظارك للوظيفة؟ مع الأسف، فإن هذا ما يفعله معظم الباحثين عن العمل، فتجد أحدهم ينتظر وظيفة تلائم تخصصه لمدة ثلاث أو أربع سنوات ولا يقبل بأي وظيفة أخرى لا تلائم تخصصه. أتذكر أنني استأجرت سيارة من إحدى الشركات في أمريكا، وكانوا يوفرون خدمة إيصال السيارة لمنزل المستأجر، فقمت بإيصال السائق للمكتب، سألته خلال طريقنا للشركة عن تخصصه، فقال إنه محاسب حديث التخرج، لكنه لم يجد وظيفة، فقبل بهذه الوظيفة لحين حصوله على وظيفة تلائم تخصصه.
نحن في المملكة نستقبل سنويا ملايين الأجانب من الهند وبنجلادش وغيرهما من البلدان، يستميتون كي يأتوا للممكة لأنهم يعلمون أن سوق المملكة البيضة التي تبيض ذهبا بالنسبة لهم، وبحسب بعض الإحصائيات، فإن مجموع ما حولته العمالة الأجنبية في المملكة خلال الأشهر الثمانية الماضية بلغ 86 مليار ريال! إن انتظارك الوظيفة في بيتك لن يزيدك إلا حزنا وكمدا، وسيجعلك عالة على عائلتك، والأولى بك أن تصنع عملك بنفسك، فما أكثر الفرص التجارية في هذا البلد، خصوصا الصغير منها، التي لا تحتاج إلى رأسمال كبير، بل تحتاج إلى جهدك وذكائك وقوة عزيمتك، وهناك أمثلة كثيرة لشباب سعوديين قبلوا الواقع وتعاملوا معه، وهم اليوم يديرون مشاريع بمئات آلاف الريالات، وبعضهم بالملايين، والسبب وراء نجاحهم أنهم لم ينتظروا الفرص بل صحوا باكرا وصنعوا فرصهم بأنفسهم.
*نقلا عن صحيفة الاقتصادية السعودية.