[RIGHT]ابتلاء ولكن .. بقلم ا/ ايهاب العشري

لا يكاد يخلو بيت و لا حياة من صنف من صنوف الابتلاء. فالابتلاء سنة من سنن الله عز و جل في الكون. فقد تجد لدي كل أسرة ما يعكر صفو حياتها و قلما تجد أسرة لا يوجد ما يشغلها . فهذه معطيات الحياة التي نحياها و تلك طبيعتها .

فهذه الأسرة لديها الابن المريض و تلك أصيبت بعدم التوافق بين الزوجين و أخري لديها


البنت المطلقة ورابعة لديها البنت العانس و خامسة لديها الابن الفاشل في دراسته و سادسة لديها الأب الذي يبحث عن عمل حيث لا يجد ما يسد به رمق الجوع له و لأولاده .. ابتلاءات من كل شكل و لون ولو أخذ الإنسان يعدد تلك المشكلات لما انتهي .

وفي المقابل فهناك من يضخم الأمور فيري الصغير كبيراً . فإذا مرت عليه المشكلة البسيطة تجده في قمة الانزعاج و الضيق.

كذلك فإننا نستطيع أن نقول أن وراء كل باب مغلق من المشاكل ما لا يعلمه إلا الله عز و جل . فلقد كنت أنظر إلي صديقي هذا علي أنه في قمة السعادة الأسرية و لكن عندما اقتربت منه أكثر و أكثر وجدت أنه علي غير وفاق مع زوجته و السبب في ذلك أن وزنها زائد و أن هذا الأمر يهدد استقرارهم الأسري إلي درجة أنه يهددها بأنها إذا لم تخفف من وزنها فإنه سوف يطلقها فعندما أكمل قصته و أوضح حجم معاناته قلت سبحان الله العظيم فوراء كل باب مغلق ما لا يعلمه إلا الله.

لقد كانت أم علي امرأة صابرة طائعةُ لربها و تعرف أمر دينها جيداً و لا نزكي علي الله أحداً غير أن الله عز و جل قد ابتلاها بزوج و العياذ بالله بعيد عن ربه كل البعد . لا يصلي و لا يشكر الله علي أي نعمة هو فيها و دائماً ما يسعى لمعرفة أخبار الناس و لا يفترض حسن النية في أي إنسان مهما كان فالكل عنده غير صادقين. إضافة إلي ذلك فهو يعتبر نفسه العّلامة الذي يفهم كل شئ و غيره لا يفهم و يخاطبك بأسلوب مستفز . كنت حينما أراه أشعر أن هذا الرجل مسكين فعلاً لأنه يجهل الكثير من أمور الحياة ومع صبر تلك المرآة فإنها اكتشفت أنه علي علاقة محرمة مع بعض النساء الغانيات مما زاد بلائها و لكنها مع ذلك كانت مضطرة لأن تصبر و لما لا و قد رزقت منه بأربعة أبناء ، و هذا ما جعل حجم المأساة يزداد سوءًا لديها . فهي الأن تعيش معه و لكن حياة الكرب و النكد و لا نملك إلا أن نقول كان الله في عونها.

هذه المرآة و من في نفس ظروفها كثيرات و لو تحدثنا عن البعض فما كفانا أن نكتب ما لا يحصي من المقالات.

غير أنني دائماً أقول أن الخلاف سنة من سنن الله في الخلق و من هذا المنطلق فليست كل الخلافات الزوجية مصائب و لكن قد تكون هناك من الفوائد ما لو بحثنا فيه لعلمنا أن مقادير الله تجري بحكمة لا يعلمها إلا هو و ما علينا سوي أن نأخذ بالأسباب من أجل حل هذه المشاكل و في النهاية ما قدره الله عز و جل سيكون .

إن الزوجين بقدر ما آتاهما الله من حكمة ثم من معرفة أحدهما للأخر يستطيعان أن يحولا تلك المشاكل التي يمرون بها إلي الملح الذي يكسب الحياة المذاق الخاص0و لكن إذا سمح كلاً منهما أن تزداد المشاكل و أن يتدخل فلان و علان فلن تحل مشكلة ما أبداً0

إن الابتلاء من كبد الحياة و لقد قال الله تعالي "لقد خلقنا الإنسان في كبد " فما أن ينتهي ابتلاء حتى يأتي أخر و يبتلي المرء علي قدر دينه و علي قدر أهل العزم تأتي العزائمُ . فالإنسان قبل الزواج يظل يفكر و يخطط متي يتزوج و بعد الزواج يفكر في إنجاب الأولاد ثم بعدها يفكر كيف يربيهم و من أين ينفق عليهم ثم يزوجهم و يظل يفكر هل هم سعداء أم لا ؟ و هكذا يظل الإنسان يحمل الهموم و ينتقل من هم إلي أخر إلي تنتهي الحياة حيث لا عودة إلا بالقبر.

و الابتلاء ليس معناه :-

*أن الذي لم يبتلي أحب عند الله من المبتلي . فليس معني عدم الابتلاء حب الله للإنسان . بل بالعكس فقد يكون علامة علي عدم رضا الله عنه .

* أن الابتلاء من الضروري أن يكون بالمكروه. فأيضاً الاستقرار العائلي ابتلاء. لقوله تعالى "و نبلوكم بالخير و الشر فتنه" فقد يبتلي الله المرء ليري أيشكر أم يكفر.
قال تعالى :

( ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين )
سورة البقرة - 155
قال تعالى ( ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور ) سورة الشورى - 43

قال تعالى ( استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين ) سورة البقرة - 153

وخلاصة القول أن الإنسان الذي يصبر عندما تأتيه الضراء و يشكر عندما يرزق السراء فإن هذا قمة العطاء.[/RIGHT]









.