ليس هناك من يتبع شخصا آخر بلا دافع لذلك ، انظر إلى أي موقف يتبع فيه الرجال أو النساء قائدا وسوف تكتشف أسبابا وراء اتباعهم له ، هناك وسيلة ما أو مجموعة من الوسائل قام باستخدامها هذا القائد ليحوز على ولاء هذه المجموعة من البشرله وجعلهم يسيرون وراءه .



والواقع يشهد أن هناك وسائل كثيرة ومتعددة استخدمها القادة عبر التاريخ للوصول إلى استقطاب أتباعهم وكسب ولائهم إلا أننا سنهتم بشرح وتحليل ثلاثة من أهم هذه الوسائل التي تستطيع بها استقطاب الأتباع من حولك وهذه الثلاثة وسائل هي:



1) اهتم بالآخرين وعاملهم بما تحب أن يعاملوك
2) الترويج لرؤيتك
3) تحمل مسؤولية أفعالك واعترف بأخطائك

وسيتركز حديثنا اليوم عن الوسيلة الأولى ونستتبعها بشرح بقية الوسائل في الحلقات القادمة إن شاء الله تعالى .



اهتم بالآخرين وعاملهم بما تحب أن يعاملوك به
يقول جون ديوي أحد أكثر الفلاسفة الأمريكيين المتبحرين " إن أعمق الدوافع في الطبيعة البشرية هي الرغبة في أن تكون مهما "


ويقول بيل كوهين " يحتاج كل إنسان إلى الشعور بأهميته من صغار السن حتى كبار السن وإنه لواحد من أهم المتطلبات الإنسانية بعد مطلب البقاء ، وهو السبب الحقيقي وراء غضبة الصغار ووقاحة الكبار في الغالب " ويقول ويليام جيمس " إن الطبيعة الأساسية في النفس البشرية هي النزوع إلى التقدير " ويقول ديل كارنيجي: "وهذا التعطش البشري للتقدير يتسم بالقوة، والشخص الفريد الذي يستطيع حقًا أن يرضي هذا التعطش القلبي، هو الذي يستطيع أن يجعل الناس في قبضة يده، حتى إن الحانوتي ليحزن عليه إذا مات".


إذا فمهمتك كقائد أن تشعر الآخرين انك تهتم بهم وأن تهتم بهم حقا لأن أهم سمة للقائد هي حرصه على أتباعه بل إن أتباعه لن يتبعوه إلا إذاوثقوا فيه ولن يثقوا في إلا إذا استشعروا أنه حريص عليهم وأنه مهتم بهم ولذا فانظر إلى ما قاله بيتر فاركسون "العلاقات التي تقوم على الثقة هي التي تعتمد على استعدادنا للاهتمام بمصالح الآخرين وليس بمصالحنا وحدنا" ولقد صدق الشاعر الروماني القديم والمشهور بوبليلياس سيرس حين قال: (إننا نهتم بغيرنا؛ حينما يهتم بنا).


نعم فلن يهتم بك الآخرون حتى تهتم بهم ولذا فخذها قاعدة أساسية في حياتك كلها ( لكي تكون مهما كن مهتما ) وبدون اهتمام بالآخرين فلا تنتظر قيادة وانتظر حياة مليئة بالمتاعب ، كما يقول عالم النفس الشهير (الفريد أدلر) في كتابه "المعنى الحقيقي للحياة": ( إن الشخص الذي لا يهتم بأخيه؛ هو الشخص الذي يواجه أعتى المصاعب في الحياة، ويؤذي الآخرين أيما إيذاء، ومن بين مثل هؤلاء أشخاص؛ تأتي كل حالات الفشل البشرية ).


ولقد كان رسول الله صلى عليه وسلم شديد الاهتمام بالصحابة والقارئ للسنة؛ يرى كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يعود من مرض من أصحابه، ويتبع جنازة من مات منهم، وإذا افتقد أحدهم في صلاة الصبح سأل عنه، ومن كان منهم في حاجة إلى المال ساعده بماله، وحث الصحابة على مساعدته، وهكذا كان حريصًا على المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار؛ وعلى إفشاء روح الحب والتعاون والاحترام فيما بينهم.


وحث رسول الله صلى الله عليه وسلم صراحة كل قائد أن يهتم بأمر أتباعه فقال : كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " بل وحث أفراد الأمة أن يهتم بعضهم ببعض فقال : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى " وقال صلى الله عليه وسلم : ليس منا من بات ولا يهمه أمر المسلمين "


ولقد أخرجت مدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم قادة تشربوا هذا المعنى وتشبعوا به : أن القائد الحقيقي هو القائد الذي يهتم برعيته ويستشعر بمسؤوليته تجاههم ولذا فليس من العجيب أن تسمع تلك المواقف التي يعجب منها التاريخ وتعجز أي أمة أن تأتي بمثيل لها؛ فها هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وهو خليفة للمسلمين ، لا ينسى امرأة عجوزا يذهب ليحلب لها شاتها وينظف لها بيتها وبعده فعلها عمر رضي الله عنه . بل انظر إلى عمر رضي الله عنه بلغ اهتمامه بأمر المسلمين وشعوره بالمسؤولية تجاههم أنه قال ذات يوم " لو عثرت بغلة في العراق لسئل عنها عمر " فما أروع هذا الشعور الجبار الذي يجعل أمير المؤمنين يضع في حسبانه تعثر بغلة في بلد تبعد عنه آلاف الكيلومترات !!