المنظمات الأهلية هي منظمات وسيطة تقع مابين الأسرة والدولة، والمتفق عليه أنها تنظيم تطوعي غير مسيس لا يستهدف الربح ، تسعى لتحقيق مصلحة عامة ، وهي تتمتع باستقلال إداري بما لا يتعارض مع أحكام القوانين النافذة. يطلق عليها في المنطقة العربية اسم ( الجمعيات والمؤسسات الأهلية). أما العمل المؤسساتي( المؤسسي) فهو كل تجمع منظم يسعى إلى تحسين الأداء وزيادة الفعالية، وفقا لسياسات واضحة وأساليب عمل مدروسة لتحقيق غايات محددة، وفي العادة يوزع العمل فيه على إدارات و لجان متخصصة ، بمعنى أن القرار يكون للجماعة وليس للفرد.ولكي يكون العمل مؤسساتيا يجب أن يشتمل على جملة خصائص منها : - يعمل على تحقيق التكامل والاستقرار في بيئة العمل. - يسعى للاستفادة من كافة القدرات البشرية والمالية. - يطال نفع فعله كافة المواطنين المقصودين بالخدمة. - يتحاشى قائد التنظيم فيه التفرد بالقرارات المصيرية . - يتميز العمل بالشفافية والوضوح. - الفرصة فيه متاحة لإعداد قادة بدلاء. - يتضمن خطة واضحة الأهداف والأساليب . - يضمن أسلوب العمل مستويات عالية من الخدمة الجيدة. لماذا نطالب بالعمل المؤسسي في الجمعيات الأهلية : تكمن أهمية العمل المؤسسي في كونه ينقل الفعل من الفردية إلى الجماعية ، ومن العفوية إلى التخطيط ،ومن الغموض إلى الوضوح ، ومن محدودية الموارد إلى تعددها، ومن العمل وفقا للأعراف إلى العمل وفقا للقوانين . وإذا نظرنا إلى الجمعيات القائمة في بلدنا وفي بلدان عربية أخرى، نجد معظمها لا يلتزم بهذه الخصائص ، وباستثناء المراحل الأولى لمسيرتها التي تبدو ناجحة بسبب الثقة التي يحوزها المؤسسون من الداعمين الأساسيين ، فإن انتكاسات حادة نلاحظها في المراحل اللاحقة في كثير منها، لهذا فإن المؤسسين يقع عليهم عبء وضع الجمعية بالمسار الصحيح، فإن تمكن هؤلاء من تعميق الفكر المؤسسي منذ البداية ، فإن الجمعية ستبقى في تصاعد مستمر حتى وإن تركوا ، وإلا فيكون الضعف من نصيبها، وأول ما يتوجب على المؤسسين فعله انتقاء مجلس إدارة فعال ، فالقيادة الناجحة تلك التي تتجه إلى تحقيق أهداف الجمعية اعتمادا على قواعد قانونية واضحة وممارسة ديمقراطية تحترم الخلاف والتنوع ، وتعكس الحرص على صنع القرارات والسياسات بطريقة جماعية وبصورة شفافة ، والتي تعي أنه بالإضافة إلى الأهداف المحددة في نظام الجمعية فإن أهدافا عامة مطلوب تحقيقها، منها الإقرار بأن المنظمات الأهلية هي إحدى مؤسسات التنشئة الاجتماعية وربما السياسية، وبالتالي هي مؤسسات تدريب على المشاركة والمواطنة . وهذا أمر بديهي على مجلس الإدارة أن يعيه ويعي أيضا الوظائف المطلوبة منه وأهمها : - تحديد الأهداف والأغراض التي تسعى المنظمة لتحقيها , والاتفاق على الأساليب والوسائل اللازمة للوصول إلى تلك الأهداف. - اعتماد التخطيط منطلقا للعمل . بصورة تحقق سد الفجوة بين رؤية المنظمة لما تريد فعله مستقبلا وبين ما هي عليه الآن وأسلوب التغيير الذي تطمح إليه!!!! - العمل لتوفير الموارد البشرية ( المتطوعون) والمالية للجمعية ، وإدارتها بطريقة فعالة. - اختيار المدير الإداري ومراجعة أدائه ( هذا إن وجد) حيث القلة القليلة من جمعيات المحافظة لديها مدير إداري. - الالتزام بالأنظمة والقوانين واللوائح الداخلية المعتمدة. ما هي عوامل نجاح العمل المؤسساتي : 1- عوامل تعني مجلس الإدارة - معرفة مجلس الإدارة بماهية العمل المؤسسي ، وتوفر القناعة لديه بصوابية هذا العمل . - صدور القرارات عن مجلس الإدارة مجتمعا وليس عن الرئيس أو المدير . - التجانس ما بين أعضاء مجلس الإدارة . وليس معنى ذلك أن يكونوا من مهنة واحدة، ولا حتى من بيئة واحدة، فالتنوع أساس النجاح، إنما المقصود ألا تكون جلسات المجلس منصرفة إلى تصفية حسابات .!!! فالاحترام لشخصي عامل أساس لخلق الانسجام.وبالتالي الوصول إلى قرارات فاعلة. - أن تكون لغة الحوار هي اللغة السائدة بين أعضاء المجلس وبينهم وبين أعضاء اللجان وحتى الهيئة العامة. - التزام المجلس بأسلوب التخطيط الاستراتيجي 2 – عوامل تخص عمل الجمعية لنقول عن جمعية ما أنها تعمل بأسلوب مؤسساتي يجب أن يكون لديها : - بناء تنظيمي محكم يتضمن نظام داخلي يحدد الأهداف وأوجه النشاط والأدوار والمسؤوليات والصلاحيات وجهات المساءلة وغيرها0 - جهاز حكم ( مجلس الإدارة ، لجان ....) يتمتع باستقلالية في اتخاذ القرارات. - نظام مالي محكم وفعال ، تدار الأموال من خلاله بكل شفافية. - خطة تسويقية واضحة تشمل ( تسويق الأفكار والأنشطة والمشروعات ) وهي تختلف عن الخطة الإعلامية. - مجموعة من السياسات والقواعد والأساليب والإجراءات التي تحكم نشاط الجمعية لتحقيق أهدافها . - قيادة فاعلة قادرة على ابتكار الرؤى وصياغة الأهداف ووضع الاستراتيجيات وتحفيز الطاقات. المشكلات المتعلقة بالقضايا المؤسسية التي تواجه المنظمات الأهلية : لا أحد ينكر أن هناك الكثير من المشاكل والتحديات التي تواجه المنظمات الأهلية ، منها ما يتعلق بالبنية التنظيمية ومشكلات القيادة ، وأخرى تتعلق بالموارد البشرية والمالية ، وثالثة في الأنظمة واللوائح الداخلية والاستثمار والترويج والاتصال وغيرها....نختصرها ونجملها بما يلي : · تخلف الأنظمة والقوانين الناظمة لعمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية في الكثير من البلدان العربية. · عدم وضوح المهام والصلاحيات المتعلقة بأعضاء مجلس الحكم ( مجلس الإدارة واللجان) والإداريين ، وعدم التفويض بالصلاحيات0 · ضعف الأهلية لدى البعض من مجالس الإدارة والإداريين. · عدم الاهتمام بقضايا التوثيق والإحصاء وقواعد البيانات · ضعف المعايير الرقابية وانتفاء مفهوم التقويم. · عدم وضوح مفهوم التشاركية بين المنظمات الأهلية بعضها مع بعض وبينها وبين المؤسسات الحكومية. · ندرة برامج التدريب والتأهيل. · عدم وضوح في أنظمة التعيين والترقية. · محدودية الموارد المالية. · ضبابية الفهم لاستثمار الفائض من أموال المنظمة. · تخلف وسائل الاتصال بالمجتمع لدى الكثير من هذه المنظمات وضعف الترويج الإعلامي لأنشطتها. · ضعف التخطيط الاستراتيجي ، الهادف للتغيير . · تبني مشاريع غير مدروسة جيدا. كما وهناك مشكلات لها علاقة غير مباشرة بالعمل المؤسسي نذكر منها اثنتين: · عدم إدراك صانعي القرارات على المستوى الحكومي لأهمية المنظمات الأهلية في دعم مشاريع التنمية. · تدني الوعي المجتمعي بأهمية العمل الاجتماعي والتنموي منه بخاصة ، ما ينعكس سلبا على التمويل . من الضروري ذكره أن هناك جمعيات متميزة، تسعى لتحديث عملها من خلال إيجاد حلول ناجعة لما سبق ذكره من مشكلات . إلا أن مسؤولين في جمعيات ومنظمات أخرى كثيرة، يرون في العمل الاجتماعي وبخاصة الخيري منه وسيلة للتقرب من الله عز وجل فقط ، ومع أهمية هذا المنظور إلا أن المنظمات العالمية الناجحة استفادت من هذا الحماس لدى أعضائها ، لتعزيز مفهوم العمل المؤسساتي ، ودعم مفهوم أخر جديد علينا وهم مفهوم المسؤولية المجتمعية ، الذي يعني بأبسط صوره المسؤولية الأدبية لشركات القطاع الخاص تجاه الفئات الأشد ضعفا في المجتمع، وضرورة دعم الهيئات والمنظمات التي ترعى هذه الفئات ، إضافة لدعم مشاريع التنمية التي تقوم بها تلك المنظمات للحد من الحاجة. هايل القنطار