أذا كنت في قمّة غضبك، و أفرغت غيظك على الاخرين، فأنك بذلك ستستريح، لكن ماذا عن الشخص الاخر؟. فهل سيشاركك راحتك هذه؟ و هل ان لهجتك الحاده و اسلوبك العدائي يسهل مشاطرتك الرأي؟.

أن كان قلب الانسان مثقلا بالكراهيه و البغض نحوك، فأنك لن تستطيع ان تستميله الى طريقة تفكيرك، و لو استخدمت كل ما في الوحود من منطق. و ليعلم الاباء الموبخين و رؤساء العمل المتشددين و الازواج المتذمرين، ان الناس لا يريدون ان يغيروا ارائهم، كما لا يمكن اجبارهم على الاتفاق معي او معك. و لكن يمكن قيادتهم الى ذلك ان كنّا في غاية اللطف و التودد.

و اليكم هذه القصّه الحقيقيه على طريقة التعامل و كسب مودّة الناس

كانت هناك امرأه من دائرة السجلات الاجتماعيه تدعى السيده (دوروثي داي) من غاردن سيتي الواقعه على الاممتدادات الرمليه في لونغ ايلاند، تقول السيده داي في حديثها:
أقمت حفلة عشاء لمجموعة صغيره من أصدقائي. و كانت تلك مناسبة مهمه بالنسبة لي. فكنت أتوق لجعل الامور تسير في هدوء. و كان اميل، الخادم الذي ينظم اعداد الطعام، معاوني القدير في مثل هذه الامور، الا انه خذلني في هذه المناسبه.قكان العشاء مثالا للفشل. اذ اختفى اميل فجأة، و لم يبعث سوى بخادم واحد لتولي الامور.
و لم يكن لهذا الخادم اية معرفه بمبادىء اللباقه و خدمة المائده، فكان يقدم الطعام الى ضيوف الشرف في أخر الامر.
و كان اللحم قاس و البطاطا مليئه بالزيت، و كل شيء كان مريعا، مما أثار غضبي. فكنت أبتسم بجهد للضيوف، و احدث نفسي قائلة (مهلا كي أراك يا اميل، سألقنك درسا لن تنساه).

حدث ذلك نهار الاربعاء. و في اليوم التالي، استمعت الى محاضرة في العلاقات الانسانيه، أدركت خلالها ان الامر سيزداد سوءا لو وجهت الاهانه الى اميل. كما ان ذلك سيملأه اشمئزازا و عنادا، و يقتل فيه الرغبه في مساعدتي في المستقبل.
فحاولت النظر الى قضيتي من تلك الزاويه: فهو لم يشتري الطعام، و لم يقم بطهيه. و هو لم يستطع ذلك، فبدلا من انتقاده، قررت ان ابدأ باظهار تقديري له، و قد فعل ذلك فعل السحر.
فعندما رأيت اميل في اليوم التالي، كان بادي الغضب و مهيئا للعراك دفاعا عن نفسه. فقلت له : اسمع يا اميل،اريد ان اخبرك ان غيابك عن الحفله يعني الكثير بالنسبة لي. فأنت افضل خادمم مائده في نيويورك. و طبعا اعرف تماما انك لا تشتري الطعام أو تقوم باعداده، كما انك لا ترضى بالذي حصل يومم الاربعاء.
عندها انقشعت الغيوم، و قال اميل و هو يبتسم: تماما سيدتي، فالمشكله كانت بسبب الطهاة، و لم يكن الخطأ خطأي.
بعد هذا تابعت حديثي قائله: لقد خططت لاقامة حفلات اخرى، و انا بحاجة الى ارشاداتك يا اميل. فهل تظن ان من الافضل اعطاء الطهاة فرصة اخرى؟. نعم ، بالتاكيد، فذلك لن يتكرر ثانيه.
في الاسبوع التالي، اقمت حفلة عشاء ثانيه، و قمت انا و اميل باختيار اصناف الطعام. ثم منحته(البقشيش ) سلفا،و لم اذكر له اخطاءه السابقه مطلقا.
كانت المائده تزهو بالورود الجميله،و لم يغب اميل لحظه، و لم يكن احد ليستطيع خدمة الحفله مثلما فعل انذاك. اذ كان الطعام دافئا و مممتازا. و الخدمه رائعه، و كان يقوم بتقديم الطعام اربعة من الخدم بدلا من الواحد.
و فيما كنا نغادر المكان، قل احد الضيوف(كم هو رائع خادم المائده الذي يعمل لديك، فاننا لم نلق مثل خدمته و حرصه على راحة الضيوف).
ان ذللك صحيح لانني استطعت تحقيق اروع الاشياء من خلال اسلوبي الودي و تقديري الصادق.