آثار الذنوب على الأفراد والشعوب 4



ثَالِثًا: تَعسِيرُ الأُمُورِ عَلَى العَاصِي فَلَا يَتَوَجَّهُ لِأَمْرٍ إِلَّا يَجِدُهُ مُغلَقًا دُونَهُ أَو مُتَعَسِّرًا عَلَيْهِ، وَهَذَا كَمَا أَنَّ مَنِ اتَّقَى اللّٰهَ جَعَلَ لَهُ مِن أَمرِهِ يُسرًا، فَمَن عَطَّلَ التَّقوَى جَعَلَ لَهُ مِن أَمرِهِ عُسرًا.
وَيَالِلّٰهِ العَجَبُ! كَيْفَ يَجِدُ العَبْدُ أَبوَابَ الخَيرِ، وَأَبوَابَ المَصَالِحِ مَسدُودَةً عَنْهُ، وَطُرُقَهَا مُتَعَسِّرَةً عَلَيْهِ، وَهُوَ لَا يَعلَمُ مِن أَيْنَ أُتِيَ؟
فَيَا مُستَفتِحًا بَابَ المَعَاشِ بِغَيرِ مِفتَاحِ التَّقوَى! كَيْفَ تُوَسِّعُ طَرِيقَ الخَطَايَا، وَتَشكُو ضِيقَ الرِّزقِ؟!
قَالَ اللّٰهُ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِّ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجَاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب﴾ [الطلاق: 2 - 3].
«فَقَد ضَمِنَ اللّٰهُ لِلمُتَّقِينَ أَن يَجعَلَ لَهُم مَخرَجًا مِمَّا يُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ، وَأَن يَرزُقَهُم مِن حَيثُ لَا يَحتَسِبُونَ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُل ذَلِكَ، دَلَّ عَلَى أَنَّ فِي التَّقوَى خَلَلًا، فَليَستَغفِرِاللّٰهَ، وَليَتُب إِلَيهِ»[1].
إِذَا كُنْتَ تَتَّقِي اللّٰهَ فَثِق أَنَّ اللّٰهَ سَيَجعَلُ لَكَ مَخرَجًا مِنْ كُلِّ ضِيقٍ، وَاعتَمِد ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَولُ مَنْ يَقُولُ لِلشَّيءِ: كُن! فَيَكُونَ.
وَلِلّٰهِ دَرُّ القَائِلِ:
بِتَقْوَى الإِلَــــهِ نَجَا مَنْ نَجَا
وَفَازَ وَصَارَ إِلَى مَا رَجَا
وَمَن يَتَّقِ اللّٰهَ يَجْعَلْ لَهُ كَمَا
قَالَ مِنْ أَمْرِهِ مَخْرَجَا

«فَشُهُودُ العَبدِ نَقْصَ حَالِهِ إِذَا عَصَى رَبَّهُ، وَانسِدَادَ الأَبوَابِ فِي وَجهِهِ، وَتَوَعُّرَ المَسَالِكِ عَلَيهِ، حَتَّى يَعلَمَ مِنْ أَينَ أُتِيَ؟ وَوُقُوعُهُ عَلَى السَّبَبِ المُوجِبِ لِذَلِكَ، مِمَّا يُقَوِّي إِيمَانَهُ»[2].

[1] «شرح العقيدة الطحاويَّة» (ص 269)، لابن أبي العز الحنفي [المكتب الإسلامي - بيروت].

[2] «مدارج السالكين» (1/323)، و«تهذيب المدارج» (1/362) - بتصرُّف -.

يتبع...