الخَيِّـر لكـــل النــاس
تطرق إلىَّ صوته لأول مرة وكانت نبراته تحمل انطباعا أنه من هؤلاء الذين نطلق عليهم أولاد البلد .. لذا تيقنت أني أمام رجل يحمل شهامة هؤلاء ، وبين حناياه حب للخير لكل الناس وكان أول لقاء لي معه وهو بصحبة أسرته خلال تكريم الجمعية المصرية للمترجمين واللغويين .
عندما اقتربت أكثر من الأديب والكاتب والباحث إبراهيم خليل إبراهيم ودار بيننا الحوار وتوطدت علاقتي به وبأسرته ، تأكدت أن فراستي كانت في محلها تماما .. فكل كلمة ينطقها هي عهود حب وصدق وأمان لكل شخص يعرفه .. يؤثر أصدقائه على نفسه ، ولا يجد غضاضة أبدا أن يكون سببا فى تألق الآخرين.. بل يمد يده للجميع دون أن يطلب الثمن .
واجد النور .. يسعى دوما إلى النور ، وينبش بحثا عن كل موهبة , ويغمرها بألق اهتمامه ومحبته .. لقد نالني من عطفه وحبوره الكثير عندما احتضن أعمالي، وجاهد دون أن يترقب مطلبا مني كي يسلط عليها الأضواء .
في يوم كنت أتكلم مع صديقة سورية عبر الأميل فقالت : لقد قرأت عنكِ مقالة في موقع شهير ، وأرسلت لي الرابط .. وعندما فتحت الرابط وجدت واجد النور ( إبراهيم خليل إبراهيم ) هو كاتب هذا المقال عنى .. دون أن يشعرني أنه بذل جهدا .
وهو عندما يتكلم عن المبدعات يتكلم عنهن بكل خوف الأخ على شقيقاته والذي يحيط أخواته بحنانه وخوفه أن تخدش كرامتهن من هؤلاء الذئاب البشرية التي تدعي الأدب والفضيلة ، كي يوقعن من تريد أن تنال موهبتها الرعاية التي تسحقها في حبائل الكيد والضلال ، وربما ابتزاز المال .. فهو لا يقبل أبدا أن يتعرض لزميلة حتى لو كان مزاحا بأي كلمة سوء .. ويدافع عن حقوقهن المادية والفكرية بكل ما أوتي من قوة وخبرة ، وهذا ما دفعني أن أشعر له بكثير من الإجلال والتقدير .
الأستاذ إبراهيم خليل إبراهيم موهبة حقيقية ، دافقة بالنشاط في كافة مناحي الفكر .. فهو رجل المقال سواء الأدبى أوالديني أو السياسي أ والاجتماعي و من الطراز الأول .. يقدمه في ثوب قشيب .. يثير لدى القارئ متعة الكشف والمعرفة ، وهو متنوع الثقافة .. ولم يترك منحى إلا وتطرقه بكل حذق وبراعة .
هو رجل محب للوطن الكبير فقد اهتم بأدباء وشعراء تلك الأمة الناطقة بحرف الضاد .. وشارك في مناسباتها المختلفة فحزن لحزنها وفرح لفرحها .. تكلم عن فلسطين والقدس السليب ، وعن لبنان الجريح .. وقدم أعمالا لأدباء وشعراء يبكون على أطلال العراق ، ويرثون وطننا العربي وما آلت إليه الأحوال من تدهور وأعداء متربصين بنا في غدر .
ثم هو عاشق لتراب مصر المحروسة .. فكتب عن نكسة 1967 ورفضها تماما وأكد على أن مصر بخير .. كما فتح ملف الأسرى الذين سفكت دمائهم غدرا وغيلة .
ثم ها هو يغازل محافظاتها عبر مقالاته الرائعة .. وكم شعرت بامتنان له عندما ذكر المنصورة وشعبها ومركز بلقاس الذي يعد أكبر مراكز محافظة الدقهلية ويضم إليه العديد من القرى ويتبعه مصيف جمصه الرائع .
ومعه سمقت روحي إلى السماء وأنصت لأصوات قراء القرآن الكريم وهم يرتلونه .. فقد خلد ذكراهم مع نخبة من المبتهلين في كتابه ( أصوات من السماء ) ودون تاريخهم بأحرف من نور .
قرأت كتابه ( الحب والوطن فى شعر فاروق جويدة ) ، وأيضا كتابه ( رؤى إبداعية فى شعر رفعت المرصفي ) .. فكان نقده رائعا وهو لا يألو جهدا من الاستعانة بالمراجع ، ويبذل الجهد الكبير من أجل البحث والتقصي ، ويجعلنا نتذوق الشعر بمذاق جديد يجمع بين اللذة والمتعة والممزوجة بالمعرفة .
قرأت له قصة ( حفيد الذكريات ) وأقصوصة ( دم الحبيب ) .. فكان مبدعا ولغته الشعرية تسري في سلاسة وتتغلغل إلى الوجدان دون تقعر .. وهو في نفس الوقت ينصت إلى النقد برحابة صدر .. وهنا تكمن روح التواضع التى تجعله يتطور ويقدم الأفضل مع كل مرة يقدم فيها إبداعا جديدا ..
بساطته تحمل براءة الطفولة وقلبه الأخضر الذي ينبت مع إشراقة كل يوم جديد زروعا ، تتخلله الأزهار ومن كل لون تعبق لمن حوله بأريجها الزكي .
عرفته أيضا مذيعا مجيدا وقد انطلق صوته بكل ثقة يقدم حفل تكريم كتاب الإصدار الأول لسلسلة فرسان السندباد بمقر الجمعية المصرية للمترجمين واللغويين بجاردن سيتى بمحافظة القاهرة عاصمة جمهورية مصر العربية يوم التاسع والعشرين من شهر مايو لعام 2008 .. في كلمات قليلة ولكنها معبرة جدا .. وفي أثناء هذا كان يهتم بالجميع و يلقى علي من حوله السعادة .. وتنطلق دموعة تأثرا من أجل أصدقائه .
عرفته باراً بأمه وهو يقف أمامها كطفل صغير ويعرض عليها أوسمته وما ناله من جوائز وهو يقول في حنان غامر :
أنظري يا أمي لقد حصلت على هذا .
فتنظر إليه أمه بكل ما تحمله الأمومة من رقة المشاعر وعينيها قبل لسانها تلهجان له بالدعاء
ثم عرفته زوجا محبا باراً بزوجته .. رقيقا بها ، يحيط أسرته برعايته ومحبته ، ويغدق على أولاده من اهتمامه وحبوره ، وفي نفس الوقت يدعم ثقته في أنفسهم .. فها هو ( حامد) الواعد قد أمسك الكاميرا بكل ثقة ليقدم تقريرا صحفياً عن احتفالية التاسع والعشرين من شهر مايو .. وهو أيضا يكتب الشعر والقصة ليسير على درب والده .. بينما ( يارا ) الأمورة ترصد والدها وترنو إلى ما يكتب بكل اهتمام .. بينما ( محمد ) الابن الأكبر يرقب الجميع وقد اختار العلم والأدب .
تحية مني للأستاذ والأخ العزيز والأديب والكاتب والباحث والشاعر ( إبراهيم خليل إبراهيم ) وإلى أسرته الرائعة .. وإلى زوجته الكريمة التي أسرتني بقوة إيمانها وعمق مشاعرها .
الروائية / فايزة شرف الدين
جمهورية مصر العربية