الاقتصاد عصب الحياة، ومنذ القدم وحتى يومنا هذا، يسعى الانسان ويشقى من أجل توفير حياة سعيدة
له ولعائلته. ولو توسعنا قليلاً وإستطلعنا صور التاريخ لوجدنا ظواهر عديدة في حياة الـشعوب كـان
سببها الاقتصاد. فظاهرة الإستعمار وغزو الشعوب ونهب ثرواتها، لم تتم إلا لأسباب إقتصادية، ومـا
تمر به البشرية من أزمات بين الحين والحين ماهو إلا نتائج لأزمات إقتصادية. وتقسيم العالم إلى دول شمال وجنوب أو متقدمة ونامية يتم على أساس الغنى والفقر، وتسير دائما العلاقات الدولية بين الـدول وفق مصالحها الإقتصادية وهو المعيار الأكثر أهمية في عالم اليوم. زد على ذلك أن البرامج السياسية للأحزاب والتكتلات السياسية على المـستوى الـوطني (أي علـى مستوى كل دولة) مبني على وسائل ومعالجات ذات طابع إقتصادي، ترمـي لتحـسين حالـة الفـرد (المواطن) إقتصادياً وإجتماعياً، وعلى ضوئها يتم الوصول للسلطة وقيادة هذه البلدان. ومن هنا نرى أهمية الإقتصاد؛ كونه العنصر الأكثر أهمية وفعالية في حياة الأمم. فكلما كانت أمة غنية تمتع أبنائها بقدر وافر من الرفاهية والأمن والإستقرار، كلما ازدهرت وتطورت فيها مجالات العمـل والعلم ووسائل الترفيه. أما إذا كانت الدولة فقيرة: فتوصف عادة بأوصاف منافيـة لغناهـا التراثـي، ومكانتها التاريخية، ويعيش أبنائها تحت مطارق الفقر والجهل وتدني شروط الحياة الإنسانية الكريمـة، كما تعيش تحت المديونية والتخلف الإقتصادي، والتبعية السياسية والإقتصادية. وقد مرت أمم العالم بمشكلات إقتصادية جمة، ولازالت المجتمعات في كل الإمم، غنيها وفقيرها يعاني تلك الأزمات وشرورها ويخاف حدوثها من جديد، ورغم إختلاف الأسباب الكامنة ورائها، والأثار التي تنتج عنها، إلا إن الدلائل الحالية (كالإحتباس الحراري، وقلة المياة، وغيرها) تشير إلى احتمالية تكرار ما حدث من أزمات إقتصادية عالمية سابقة أدت إلى هلاك الملايين من البشر.