قبل أن تبدأ في التخطيط لعملية التفاوض إسأل نفسك :
 ماذا أريد من عملية التفاوض ؟
 هل أعرف ما يحتاجه الآخرين ؟
 من أين أحصل على المعلومات ؟
 ما هو مقدار القوة الذي أتمتع به ؟
 أين ومتى أقوم بعملية التفاوض ؟
 كيف تسير عملية المفاوضات ؟
 ماذا أفعل عندما تبدأ المفاوضات ؟
وللإجابة على هذه التساؤلات عليك اتباع الخطوات التي يطرحها هذا الجزء من الدورة والتي تطرح لك تصوراً شاملاً للطريق التي عليك السير بها .
إن إدارة العملية التفاوضية بشكل فعّال وناجح تجعل من الضروري القيام بالإعداد والتخطيط الجيد لهذه العملية ، حيث أن التخطيط الجيد يساعدنا على تحديد أهدافنا , وتحديد الأساليب والوسائل اللازمة لتحقيق هذه الأهداف , والتنبؤ بالمستقبل وأحداثه , ومن ثم الاستعداد له لتجنب المفاجآت والأزمات .
وأيضا من الضروري أن لا يتم التعامل مع العمـل التفاوضي على أنه حدث طارئ أو مفاجئ ، فالإعداد أو التخطيط هو المرشد والموجه الحقيقي للأداء التفاوضي ,حيث يساعد على تحديد الأهداف المرغوب تحقيقها من التفاوض , وتوفير المعرفة الكافية لنا حول الطرف الآخر وأوضاعه وتوقعاته , وتحديد ما يجب القيام به أو ما لا يجب القيام به أثناء الجلسة التفاوضية, وتحديد الإستراتيجيات التي سوف يتم استخدامها أثناء التفاوض وغيرها من الجوانب التي تساعد على نجاح المفاوضات ، وبالرغم من أهمية التخطيط والإعداد للتفاوض , إلا أننا نجد في الحياة العملية العديد من الممارسين لا يقومون بذلك قبل دخولهم المفاوضات , أو لا يخصصون الوقت الكافي للقيام بالتخطيط والإعداد الجيد .
إن أهمية الإعداد والتخطيط الجيد لعملية التفاوض تنبع من خلال العديد من الأسباب ومن بينها :
1. أن التفاوض نشاط إنساني يتم من خلاله الآخرين لتحقيق أهداف مرغوبة , ومن ثم فإن الإعداد والتخطيط لهذا النشاط يعتبر من الأساسيات الضرورية لزيادة فعالية أدائه
2. الإعداد والتخطيط للتفاوض يحتاج الوقت الكافي حتى يمكن إنجاز المهام المطلوبة بكفاءة عالية، مثال ذلك : أن توفير المعلومات عن الطرف الآخر يحتاج لوقت كافي لإنجاز هذه المهمة بكفاءة .
3. الإعداد والتخطيط الجيد للتفاوض يستوجب ضرورة تحديد المسائل أو الجوانب الأساسية والمفيدة التي تساعد على نجاح المفاوضات , ومن ثم التركيز عليها بما يضمن حسن استغلال الوقت المخصص لهذه المرحلة من مراحل إدارة الأداء التفاوضي.
خطوات الإعداد للعملية التفاوضية :
هناك العديد من المجالات والمسائل التي يمكن أن تشملها عملية الإعداد والتخطيط الجيد لأي نوع من أنواع التفاوض ، وبشكل عام لا يمكن حصر هذه المجالات نظراً لاختلاف طبيعة وظروف كل عملية من عمليات التفاوض عن الأخرى ، وهنا فإننا نقدم لك مجموعة من الخطوات الأساسية التي يجب على المفاوض أخذها بعين الإعتبار عند البدء بعمليته التفاوضية .
أولاً : تحديد موضوعات وقضايا التفاوض :
لكل نوع من المفاوضات قضية أو مسألة يتم التفاوض حولها ( مثال ذلك مشكلة أراضى محتله في حالات التفاوض السياسي , أو صفقة بيعة في حالة التفاوض التجاري, أو قرض في حالة التفاوض المالي أو الاقتصادي سواء على مستوى البنوك المحلية أو الدولية) ، ولعل من المنطقي أن تكون الخطوة الأولى والأساسية في عملية الإعداد والتخطيط الجيد للتفاوض هي تحديد ودراسة وتشخيص القضية أو المسألة موضوع التفاوض ، ويتم ذلك من خلال مجموعة من الاعتبارات من بينها :
1- تحديد أهداف الأطراف ذات العلاقة بعملية التفاوض .
2- تقدير أطراف التفاوض لأوجه القوة ونقاط الضعف لديها .
3- تحديد الإطار العام للمعالم والأبعاد التي تدور حولها عملية التفاوض .
4- تحديد الموضوعات والقضايا التي تشملها عملية التفاوض وعناصر كل موضوع منها .
كما تختلف عمليات التفاوض باختلاف طبيعة كل قضية أو عملية من هذه العمليات ، وذلك تبعاً لعدد من الاعتبارات من بينها :
1- نطاق القضية التفاوضية وامكانية تحديدها بسهولة .
2- مدى فصل أو ربط القضايا المختلفة معاً وسهولة أو صعوبة الفصل .
3- المرونة في قضايا التفاوض ومدى امتلاك كل طرف من أطراف التفاوض لها .
4- سهولة أو صعوبة تسلسل خطوات تحديد القضايا محل التفاوض .
ثانياً : تحديد أهداف التفاوض :
بعد التحديد الدقيق والدراسة والتشخيص لنطاق وعناصر قضية أو مسألة التفاوض فإنه من الضروري تحديد الأهداف المرغوب تحقيقها من وراء المفاوضات ، إذ يعتبر تحديد أهداف عملية التفاوض الخطوة الأساسية في نجاحها ، ولكن عند تحديد أهداف التفاوض لابد من التأكد من أنها تؤدي إلى تحقيق الجوانب والشروط التالية :
• الوضوح وسهولة الفهم وعدم الغموض .
• مرونة الأهداف وقابليتها للتحقيق والمراجعة وأن تكون بعيدة عن الجمود .
• اشراك المفاوضين بتحديد الأهداف واقناعهم بها .
• أن يتم التعامل مع الأهداف في ضوء الظروف الفعلية والامكانيات الحالية وبواقعية .
• أن يتم ترتيب الأهداف حسب اولوية الرغبة في تحقيقها .
• أن تكون قابلة للقياس الكمي ما أمكن حتى يمكن قياس التقدم في تحقيقها .
• الارتباط بفترة زمنية محددة لتنفيذ الأهداف .
• المحافظة على سرية الأهداف وعدم اشاعتها .
ثالثاً : دراسة وتجهيز البيانات وتوفير المعلومات :
إن توفر المعلومات والبيانات بشكل جيد لدى المفاوض تجعل موقعه التفاوضي أكبر ، لأنها تمده بأسلحة فعّالة يمكنه استخدامها خلال المفاوضات ، ويمكن التفريق بين البيانات والمعلومات على النحو التالي :
• البيانات : هي تعبيرات عن حقائق خام حول مواقف أو أحداث فعلية في البيئة المحيطة لمتخذ القرار , وهي في حد ذاتها ليست ذات دلالات معينة يمكن استخدامها في عملية اتخاذ القرارات .
• المعلومات : هي بيانات تتعلق بحقائق ومواقف معينة تم وضعها في محتوى ذو معنى لمتلقيها بحيث يضفي عليها قيمة لأنه يتأثر بها, أو لأنها تحقق منفعة معينة. والمعلومات هي مخرجات يتم الحصول عليها نتيجة تشغيل البيانات ، وطبقاً للرؤية الإدارية فإن المعلومات هي عبارة عن البيانات التي تم وضعها في إطار ذو معنى ودلالة وفائدة , والتي تم توفيرها للمستقبل الذي سوف يستخدمها في صنع القرارات .
ويجب أن تتصف المعلومات الجيدة بالتزامن ، الدقة : الصحة أو الخلو من الأمراض ، إمكانية التعبير الكمي ، إمكانية التحقق ، إمكانية الحصول عليها ، الخلو من التحيز ، الشمولية ، الملائمة ، والوضوح ، و يمكن تقسيم أنواع البيانات المطلوب تجهيزها في أي عملية تفاوض إلى ما يلي:
 بيانات عن المفاوض نفسه
 بيانات عن الموقف والظروف المحيطة
 بيانات تفصيلية عن قضايا التفاوض
 بيانات عن الطرف الآخر
رابعاً : تقييم المركز التفاوضي :
إن الإعداد والتخطيط الجيد لعملية التفاوض تستوجب أن يقوم المفاوض بتقييم مركزه أو وضعه التفاوضي , وذلك بالمقارنة بمركز ووضع الطرف الآخر ، و عملية التقييم المطلوب القيام بها يجب أن تركز على الجوانب التالية :
• مجالات القوة التي يتميز بها المفاوض .
• مجالات الضعف التي يعاني منها المفاوض .
• مدى الحاجة للتفاوض .
• التأييد أو المعارضة من جانب الأطراف الأخرى ذات الاهتمام بالقضية .
• الفترة الزمنية المتاحة للوصول إلى حل أو اتفاق .
• الآثار المتوقعة لعدم حل المشكلة أو الوصول إلى اتفاق في الأجل الطويل .
وعند معرفة المفاوض لهذه العناصر بشكل مميز فإنه يحصن نفسه ويعرف مقدار وحجم قوته ، وبالتالي اختيار اسلوب التفاوض الذي يتناسب ومركزه التفاوضي قوةً وضعفاً .
خامساً : إختيار المفاوض أو الفريق التفاوضي :
عند اختيار من يقوم بعملية التفاوض فلابد من التأكد من تحليه بالمهارات الأساسية التي تجعل منه مفاوضاً ناجحاً يقوم بما أوكل به من مهام تفاوضيه على أكمل وجه .
هذا ويمكن أن تتم عملية التفاوض من خلال فرد واحد يمثل جهة أطراف التفاوض أو من خلال فريق عمل يتم أختياره بناءً على مجموعة من الأسس ، ولكل من الأسلوبين العديد من المزايا والمساوىء التي تميزها عن بعضها ، ويتوفق اختيار أحد هذين الاسلوبين بناء على مجموعة من الاعتبارات من بينها .
• التكلفة المترتبة على اختيار أحد الأسلوبين والعائد من ورائهما .
• المهارات التي تحتاجها عملية التفاوض ومدى احتياج فرد واحد أو فريق تفاوض لتنفيذها .
• أهمية موضوع التفاوض ومدى خطورة نتائجه .
سادساً : اختيار مكان التفاوض :
ويدخل ضمن أنشطة الإعداد والتخطيط للتفاوض اختيار المكان الذي سوف تتم فيه عملية التفاوض ، وهنا نجد أن هناك ثلاثة بدائل متاحة للمفاوضة عند اختيار المكان المناسب للتفاوض وذلك بالنسبة للطرفين ، البديل الأول ويتمثل في اختيار مكان المفاوض نفسه , والبديل الثاني يتمثل في اختيار مكان الطرف الآخر , والبديل الأخير يتمثل في اختيار مكان محايد .
والمفاضلة بين البدائل المختلفة الممكنة للمكان المناسب للتفاوض يجب أن تتم في ضوء بعض المعايير الموضوعية , والتي في مقدمتها ما يلي :
• طبيعة وخصائص الموقف التفاوضي .
• القوة النسبية التي يتمتع بها كل طرف في التفاوض.
• المسافة بين الأطراف المتفاوضة.
• سهولة الوصول إليه.
• الإمكانيات المتاحة.
• التسهيلات والتجهيزات المطلوبة للتفاوض.
• اعتبارات الأمن .
سابعاً : تحديد وقت التفاوض :
ومن الجوانب الهامة أيضا ً عند الإعداد للتفاوض الوقت ,حيث يجب أن يتم دراسة الأبعاد التالية :
 تحديد الوقت المناسب لبدأ عملية التفاوض وذلك في ضوء رغبات الأطراف المختلفة .
 تقدير الفترة الزمنية التي سوف تخصص لعملية التفاوض .
 الجدول الزمني لسير عملية التفاوض في ضوء الفترة الزمنية المخططة .
وتختلف اتجاهات أطراف التفاوض وأساليبهم في تحديد الأزمنة والتوقيتات الملائمة للتفاوض على ضوء استراتيجياتهم وتكتيكاتهم في استثمار عنصري الزمن والتوقيت .
ثامناً : التخطيط المبدئي لأجندة التفاوض :
في هذه المرحلة من الإعداد والتخطيط للتفاوض يتم وضع تصور لأجنده التفاوض والذي يجب أن يراعى فيها أن تتضمن مايلي:
• القضية / القضايا التي سوف تكون موضع التفاوض.
• عناصر أو أجزاء القضية وأولوية كل منها عند العرض.
• أهداف التفاوض.
• نماذج التنازلات.
• الجدول الزمني لسير عملية التفاوض.
• فترات الاستراحة.
• موضوعات جانبية سيتم مناقشتها في الأوقات غير الرسمية.
تاسعً : الإعداد والتحضير للجلسة الافتتاحية :
يجب العناية عند الإعداد والتخطيط للمفاوضات بالجلسة الافتتاحية وبالتالي التحضير لها , حيث أنها تتميز بالآتي:
• من خلالها يتكون ما يعرف بالانطباع الأول.
• تمثل فرصة للتعارف الأولى والترحيب.
• ما يدور فيها سيؤثر سلباً إلى حد كبير على سير العمل واستمرار التفاوض .
• تعكس النوايا .
• تهيئ الجو المناسب لعملية التفاوض .
وعند التحضير للجلسة الافتتاحية يجب مراعاة ما يلي :
• البدء بالتعارف والترحيب بالطرف الآخر و إقامة الود معه .
• بناء الثقة في الدقائق الأولى .
• إضفاء الأهمية على الجلسة المزمع عقدها .
• التنويه بالحرص على نجاح عملية التفاوض وتحقيق المصلحة المشتركة .
• إمكانية إقامة حفل بسيط وأخذ صور تذكارية إن أمكن .

عاشراً : تصور مبدئي لسيناريو المفاوضات :

عند الإعداد للتفاوض يمكن وضع تصور مبدئي لسير المفاوضات أو ما يطلق عليه (سيناريو للتفاوض) ، ويتضمن هذا السيناريو الجوانب المقترحة التالية :
• تصور مبدئي للجلسة الافتتاحية : من الذي يبدأ الحديث ؟ وكيف ؟ وماهي الفترة الزمنية المناسبة لذلك ؟
• أسلوب بدء التفاوض وكيفية عرض القضية أو بعض جوانبها .
• توقعات بشأن سلوك الطرف الآخر وردود أفعاله .
• كيفية التصرف في المواقف المفاجئة أو غير المتوقعة .
• الاستراتيجية الرئيسية التي سيتم التعامل بها مع الطرف الآخر .
• التكتيكات التي سيتم إتباعها .
• كيفية التصرف في حالة الفشل في الوصول إلى اتفاق .

وأخيراً : هذه هي الخطوات الرئيسية لعملية الاعداد والتخطيط للمسار التفاوضي لأي نشاط يحتاج إليه ، إلا أن هناك مجموعة أخرى من الأمور يجب أخذها بعين الأعتبار ومن بينها : -
1 – أختيار لغة التفاوض : حيث أن هناك أهمية كبرى لهذه الخطوة في حال المفاوضين متعددى اللغات ، إذ لا بد من تحديد لغة رئيسية يتم الرجوع إليها ولذا عليك محاولة جعل لغتك هي لغة التفاوض .
2 – ترتيبات الاتصال : وهي خطوة سابقة لعملية تحديد مكان وكيفية اللقاء ، حيث يتفق الطرفان على هذه الاجراءات .
3 – تحديد البدائل : إذ عليك تحديد عدد من البدائل أو الخطط البديلة التي يمكن التحول إليها عند الحاجة وحسب تطورات الموقف التفاوضي .
4 – التدريب والاستعداد : حيث يمكن أن تقوم بعمليات تدريبية استعداداً لعملية التفاوض سواء من خلال أسلوب تمثيل الأدوار أو العصف الذهني أو غيرها من الأساليب .