العلاقات الاقتصادية العربية التركية
بداية إن الاقتصاد التركي يعتبر من الاقتصادات الإقليمية الصاعدة حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي عام 2011 حوالي (950 بليون دولار) .
و تعتبر تركيا من البلاد التي تتوفر فيها مواد أولية متنوعة (باستثناء الطاقة) إضافة لموارد بشرية متطورة إستثمرت بشكل صحيح وجعلت من تركيا خلال سنوات قصيرة لأن تكون قطبا إقتصاديا و أصبح لديها قاعدة صناعية واسعة و دخلت الدول الاقتصادية الـ20 متخطية بلدان عربية نفطية كبيرة.
مما لا شك فيه نتج عن هذا التطور إهتمام كبير من دول المنطقة بالإقتصاد التركي فالعالم العربي يعتبر محور طاقة استراتيجي إقليمي وعالمي، وسوقا ذا طاقة استيعابية واسعة في مجال المنتجات الصناعية والزراعية والاستهلاكية، وفي الاتصالات، وقطاع الإنشاء، والتمويل والاستثمار المتبادل، والخدمات السياحية وغيرها، وخير دليل على أهمية السوق العربية لتركيا، اتفاقيات التعاون الاقتصادي والتجارة الحرة والمناطق المشتركة التي عقدت مع دول عربية عديدة كان لتلك العلاقات الاقتصادية والتجارية أثر إيجابي انعكس بارتفاع الصادرات التركية إلى منطقة الشرق الأوسط من 9 % في عام 1999إلى 19% في 2009 .
فيما إرتفعت الاستثمارات الخليجية خلال الفترة من العام 2003 إلى العام 2008 لتصل إلى ملياري دولار أمريكي تقريبا، كما نمت التجارة البينية بين دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا من 17 مليار دولار عام 1998 إلى 166 مليار دولار عام 2008
وتشير إحصائيات اقتصادية أن 16 بالمئة من التجارة الخارجية التركية تتم مع الدول العربية حيث بلغت الاستثمارات العربية في تركيا 36 مليار دولار
استثمارات عربية في تركيا
ويحتل الاقتصاد التركي المركز السابع عشر عالميا، والمركز الأول على مستوى دول الشرق الأوسط، حسب تقرير البنك الدولي، وذلك بعد أن كان في المرتبة 111، قبل حوالي عقد من الزمن .
كما جذبت تركيا خلال العقد الماضي استثمارات أجنبية تجاوزت قيمتها 40مليار دولار وأقنعت أصحاب أكثر من150ألف شركة بالعمل على أراضيها .
و يشير المحللون الاقتصاديون، إلى استمرار النمو الاقتصادي في البلاد، وإلى وجود اقتصاد قوي ومشرق في الأراضي التركية، سواء أكانت الاستثمارات أجنبية أو استثمارات محلية، خصوصا بعد النتائج الاقتصادية التي استطاع الحزب الحاكم تحقيقها خلال السنوات العشر الماضية، من خلال تضاعف قيمة الناتج المحلي والدخل الفردي، وكذلك سداد الديون التي كانت متراكمة عليها منذ قرابة أربعين سنة
وشهدت العلاقات الاقتصادية التركية العربية قفزة كبيرة مؤخّرا، حيث ظهرت استثمارات عربية جديدة في تركيا بنحو عشرين مليار دولار مع نمو كبير في حركة التبادل التجاري وتعاظم دور شركات المقاولات التركية في تنفيذ المشاريع في بعض الدول العربية
وتأمل تركيا في جذب 53 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية في السنوات الثلاث القادمة
دافع الاستثمار الأول: استقرار تركيا
أما أبرز ما شجّع المستثمرين العرب على الاستثمار في تركيا، هو الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي تتمتع به تركيا عن الأوضاع المضطربة في الشرق الأوسط بالإضافة إلى القوانين الميسِّرة والضامنة لحقوق الأجانب الذين يرغبون بالتملك والاستثمار في تركيا لدرجة الحصول على إقامة مدى الحياة في تركيا تتجدّد سنويا لمن يتملك عقارا فيها .
وتشير إحصاءات وزارة البيئة والتخطيط العمراني التركية إلى أن هناك14 ألف و600مستثمر أجنبي للعقارات في تركيا، وتأتي الكويت والسعودية على قمة المستثمرين العرب في تركيا
وبلغ حجم تدفق استثمارات دول الخليج إلى تركيا في (2014) حوالي 425مليون دولار أمريكي، أما دول الشرق الأوسط الأدنى فبلغ حجم استثماراتها في تركيا في العام نفسه 788مليون دولار أمريكي .
وفي2015 توقّع معهد قانون حماية المستهلك التركي أنه من المتوقع أن تشهد الاستثمارات العربية في قطاع العقارات التركي، زيادة مقدارها 6 مليار دولار .
كما أنه من المنتظر أن يصل عدد العقارات التي سيشتريها المستثمرون العرب حوالي 20 ألف وحدة سكنية، وذلك حسب الدراسات والتوقعات التي أجرتها لجنة المستثمرين العقاريين العرب التي تم تأسيسها مؤخراً .
وكشفت إحصاءات العام الماضي في تركيا عن شراء المستثمرين العرب لحوالي 5 آلاف وحدة سكنية، وقرابة 3500 قطعة أرض في البلاد، تمركزت أغلبها في مدينتي إسطنبول وبورصا
كل هذه المؤشرات وغيرها تؤكّد عمق العلاقات الاقتصادية العربية مع تركيا وتطورها، سواء القادمة من دول الخليج وباقي دول الشرق الأوسط للاستثمار في تركيا، أو الصادرات التركية للدول العربية التي تطورت منذ أكثر من 10أعوام وحتى اليوم
دعوات للتطوير
والآن بدأت تحدث دعوات قوية لتفعيل اتفاقيات التجارة الحرة بين تركيا والدول العربية وزيادة في حجم التبادل التجاري والاستثمارات المتبادلة كان نتيجة مباشرة لاتخاذ حزمة من الإجراءات والقرارات التي كان لها أثر إيجابي على تنمية التبادل التجاري والاستثماري، وإزالة كل المعوقات التي تعترض تنمية العلاقات التجارية والاستثمارية المتبادلة بين تركيا والدول العربية
وبلغ حجم التبادل التجاري بين الدول العربية وتركيا سنة(2014) ما قيمته 45 مليارا و260 مليون دولار، حيث لعبت الشركات التركية دورا ملحوظا في إنجاز العديد من مشاريع التنمية وخاصة في مجال البنية التحتية في قطر، كالمساهمة في إنشاء الجسور والطرق والعديد من المرافق الخدمية
دعم عربيّ للأتراك
أخيراً لابد من الإشارة الدعم العربي الذي بدأ فور إعلان روسيا ما أسمته “عقوبات” حيث دشّن ناشطون عرب على مواقع التواصل الاجتماعي حملة “ادعم البضائع التركية” وهاشتاج آخر بعنوان “أناعربي وأتضامن مع تركيا” دعا فيه النشطاء إلى دعم تركيا بشراء بضائعها ومنتجاتها سواء تلك التي أوقفت روسيا استيرادها أو أي منتجات تركية أخرى، باعتبار أن تركيا دولة إسلامية شقيقة وداعمة للدول العربية .