و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
و الله يا أخي أحزنتني كثيرا كثيرا كثيرا بسؤ ظنك في أمتنا و أنت من أنت
نحن هنا في منتدانا نتعلم كيف نصنع الأحداث ، و نؤثر فيها
و كنت أحسب أن هناك من يرى بوضوح كيف يتم نزع أمتنا من قيادة الأمم بمنتهى الصبر و التأني و.....
هذا المقال إن شاء الله يعبر عما أريد :
الناس.. علي دين ملوكهم.. كيف ؟!
صفحات من التراث
الناس.. علي دين ملوكهم.. كيف ؟!

الوليد .. بنى جامع دمشق وقبة الصخرة وعمر البلاد.

وسليمان... أكل وشرب حتي مات وهلك بسبب نهمه وجشعة !..
- أكل أجواف (20) خروفا و (40) رقاقة.. ولم يشبع !!

وعمر بن عبد العزيز.. أقام العدل في أرجاء الدنيا فصار الخليفة الخامس للمسلمين
- سراج المسلمين.. كان لا يكتب علي ضوئه حرفا لنفسه !!

** " الناس علي دين ملوكهم.. أو مليكهم " هذه جملة تناقلها العوام في كل عصر وفي كل مصر.. حتي صارت مثلا دارجا أو حكمة سارية أثبتتها أخبار الزمان في غالب العصور.

والإمام الحافظ بن كثير في موسوعته التاريخية ( البداية والنهاية ) يري صحة هذه العبارة إلي حد كبير.. فالناس بالفعل علي دين مليكهم ، إن كان خمارا كثر الخمر وان كان خليعا فكذلك ، وان كان شحيحا حريصا كان الناس كذلك ، وان كان جوادا كريما شجاعا ، كان الناس كذلك ، وان كان طماعا ظلوما غشوما فكذلك ، وان كان ذا دين وتقوي وبر وإحسان كان الناس كذلك.. وهذا يوجد في بعض الأزمان وبعض الأشخاص.
وفي عصر من العصور.. وهو عصر الدولة الأموية..

كان لكل ملك همة.. وكان الناس كذلك.. حتي قالوا : كانت همة الوليد بن عبد الملك في البناء وكان الناس كذلك يلقي الرجل الرجل فيقول : ماذا بنيت ؟ ماذا عمرت ؟ وكانت همة أخيه سليمان في النساء وكان الناس كذلك ، يلقي الرجل الرجل فيقول : كم تزوجت ؟ ماذا عندك من السراري ؟ ( أي من الإماء) ، وكانت همة عمر بن عبد العزيز في قراءة القران وفي الصلاة والعبادة ، وكان الناس كذلك ، يلقي الرجل الرجل فيقول : كم وردك ؟ كم تقرا كل يوم ؟ ماذا صليت البارحة ؟


الوليد بن عبد الملك بن مروان.. والعمران

قال ابن جرير : كان الوليد بن عبد الملك عند أهل الشام أفضل خلائفهم ، بني المساجد بدمشق ووضع المنابر وأعطي الناس ، وأعطي المجذومين ، وقال لهم : لا تسألوا الناس ، وأعطي كل مقعد خادما، وكان ضرير قائدا، وفتح في ولايته فتوحات كثيرة عظاما ، وكان يرسل بنيه في كل غزوة إلي بلاد الروم ففتح الهند والسند والأندلس وأقاليم بلاد العجم حتي دخلت جيوشه إلي الصين وغير ذلك.

قال وكان مع هذا يمر بالبقاع فيأخذ حزمة البقل بيده ويقول : بكم تبيع هذه ؟ فيقول : زد منها فانك تربح. وذكروا انه كان يبر حملة القرآن ويكرمهم ويقضي عنهم ديونهم.

وقد بني الوليد جامع دمشق فلم يكن له في الدنيا نظير حيث تكامل بناؤه في مدة عشر سنين بدءا من سنة ست وثمانين من الهجرة حتي الفراغ منه في سنة ست وتسعين هجرية وهي السنة التي مات فيها الوليد وأكمل إخوته ومن جاءوا من بعده بقايا ألحقت بالمسجد.
كما بني صخرة بيت المسجد عقد عليها القبة وبني مسجد النبي – صلي الله عليه وسلم – ووسعه حتي دخلت الحجرة التي فيها القبر فيه ، وله آثار حسان كثيرة جدا.

سليمان بن عبد الملك بن مروان..والأكل والنهم
بويع سليمان بن عبد الملك في اليوم الذي كانت فيه وفاة الوليد.. وذلك يوم السبت للنصف من جمادي الآخرة سنة ست وسبعين من الهجرة وكانت ولايته سنتين وثمانية أشهر وخمس ليال.. وهلك وهو ابن تسع وثلاثين سنة.. بعد أن ذكرت طائفة من المؤرخين.. انه كان قد أكل كثيرا كثيرا.. وشرب كثيرا.. كثيرا !!
ذكر المسعودي في كتابه (مروج الذهب).. أن سليمان كان صاحب أكل كثير يجوز المقدار وكان يلبس الثياب الرقاق وثياب الوشي (أي المزخرفة ).. والناس كذلك لبست الوشي جبايا وأرديه وسراويل وعمائم وقلانس ، وكان لا يدخل عليه رجل من أهل بيته إلا في الوشي ، وكذلك عماله وأصحابه ومن في دارة.. حتي الطباخ فإنه كان يدخل إليه في صدره وشي وعلي رأسه طويلة وشي ، وأمر أن يكفن في الوشي المثقلة.
وكان شبعه في كل يوم من الطعام مائة رطل بالعراقي ،وكان ربما أتاه الطباخون بالسفافيد (أي الأسياخ ) التي فيها الدجاج المشوية وعليه جبة الوشي المثقلة.. فلنهمه وحرصه على الأكل يدخل يده في كمه حتى يقبض على الدجاجة وهي حارة فيفصلها.

وذكر الأصمعي قال : ذكرت للرشيد نهم سليمان وتناوله الفراريج بكمية من السفافيد ، فقال : قاتلك الله فما أعلمك بأخبارهم ، إنه عرضت علي جباب بني أميه ، فنظرت إلى جباب سليمان وإذا كل جبه منها في كمها أثر كأنه أثر دهن ، فلم ادر ما ذلك حتي حدثتني بالحديث. ثم قال : علي بجباب سليمان ، فأتي بها ، فنظرنا فإذا بتلك الآثار فيها ظاهرة ، فكساني منها جبة. فكان الأصمعي ربما يخرج أحيانا فيها فيقول : هذه جبة سليمان التي كسانيها الرشيد !
وذكر أن سليمان خرج من الحمام ذات يوم وقد اشتد جوعه ، فاستعجل الطعام ، ولم يكن فرغ منه ، فأمر أن يقدم عليه ما لحق من الشواء فقدم إليه عشرون خروفا ، فأكل أجوافها كلها مع أربعين رقاقة ، ثم قرب إليه الطعام بعد ذلك مع ندمائه وكأنه لم يأكل شيئا !!
وحكي إنه كان يتخذ سلال الحلوى ، ويجعل ذلك حول مرقده ، فكان إذا قام من نومه يمد يده فلا يقع إلا علي سله يأكل منها !!

عمر بن عبد العزيز بن مروان.. وشيء من زهده وعدله

* ذكر المؤرخون.. أن عمر بن عبد العزيز لما رجع من جنازة سليمان أتي بمراكب الخلافة ليركبها فامتنع عن ذلك وانشأ يقول :
فلولا التقي ثم النهي خشية الردى لعاصيت في حب الردى كل زاجر
قضي ما قضي فيما مضي ثم لا تري له صبوة أخري الليالي الغوابر
ثم قال : ما شاء الله لا قوة إلا بالله. قدموا إلي بغلتي ، ثم أمر ببيع تلك المراكب الخليفية وجعل أثمانها في بيت المال.

* قالوا ولما رجع من الجنازة وقد بايعه الناس واستقرت الخلافة باسمه ، انقلب وهو مغتم مهموم فقال له مولاه : مالك هكذا مغتما مهموما وليس هذا بوقت هذا ؟ ، فقال : ويحك ومالي لا أغتم وليس أحد من أهل المشارق والمغارب من هذه الأمة إلا وهو يطالبني بحقه أن أؤديه إليه ، كتب إلي في ذلك أو لم يكتب ، طلبه مني أو لم يطلب.
* وقال الزبير بن بكار.. قال عمر في أول خطبة له :.. أيها الناس من صحبنا فليصحبنا بخمس أو فليفارقنا : يرفع إلينا حاجة من لا يستطيع رفعها ، ويعيننا علي الخير بجهده ، ويدلنا من الخير علي ما لا نهتدي إليه ، ولا يغتابن عندنا أحدا ، ولا يعرضن فيما لا يعنيه فانقشع عنه الشعراء والخطباء وثبت معه الفقهاء والزهاد.

* اجتهد – رحمه الله – في مدة ولايته – مع قصرها – حد رد المظالم ، وصرف إلي كل ذي حق حقه ، فكان مناديه في كل يوم ينادي : أين الغارمون ؟ ( أي أهل الديون ) أين الناكحون ؟ أين المساكين ؟ أين اليتامى ؟ حتي أغني كلا من هؤلاء.
* قالت زوجته فاطمة : دخلت عليه يوما وهو جالس في مصلاه واضعا خده علي يده ودموعه تسيل علي خديه ، فقلت له : مالك ؟ فقال : ويحك يا فاطمة ، قد وليت من أمر هذه الأمة ما وليت ، فتفكرت في الفقير الجائع ، والمريض الضائع ، والعاري المجهود ، واليتيم المكسور ، والأرملة الوحيدة ، والمظلوم المقهور ، والغريب والأسير ، والشيخ الكبير ، وذي العيال الكثير ، والمال القليل وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد فعلمت أن ربي عز وجل سيسألني عنهم يوم القيامة ، وأن خصمي دونهم محمد صلي الله عليه وسلم – فخشيت أن لا يثبت لي حجه عند خصومته ، فرحمت نفسي فبكيت.
* وخرج ابن له وهو صغير يلعب مع الغلمان فضربه صبي وشج رأسه ، فاحتملوا الصبي الذي شج ابنه وجاءوا به إلي عمر فسمع الجلبة فخرج إليهم ، فإذا امرأة تقول : إنه ابني وإنه يتيم.. فقال لها عمر : هوني عليك ، ثم قال : أله عطاء في الديوان ؟ قالت : لا ! قال : فاكتبوه في الذرية.. فقالت زوجته فاطمة : أتفعل هذا به وقد شج ابنك ؟.. فقال ويحك ، إنه يتيم وقد أفزعتموه.
* قال مالك بن دينار : يقولون مالك زاهد ، أي زهد عندي؟ إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز ، أتته الدنيا فاغرة فاها فتركها جملة.
* قالوا : ولم يكن له سوي قميص واحد فكان إذا غسلوه جلس في المنزل حتي يجف !
* وقد وقف مرة علي راهب فقال له : عظني فقال : عليك بقول الشاعر :
تجرد من الدنيا فإنك إنما خرجت إلي الدنيا وأنت مجرد
قال : وكان يعجبه ويكرره وعمل به حق العمل.
* قالوا : ودخل علي امرأته يوما فسألها أن تقرضه درهما أو فلوسا يشتري بها عنبا ، فلم يجد عندها شيئا ، فقالت له : أنت أمير المؤمنين وليس في خزانتك ما تشتري به عنبا ؟ فقال هذا أيسر من معالجة الأغلال والأنكال غدا في نار جهنم.
* قالوا : وكان سراج بيته علي ثلاث قصبات في رأسهن طين !!
* قالوا : وبعث يوما غلامه ليشوي له لحمة فجاءه بها سريعا مشوية ، فقال : أين شويتها ؟ فقال في المطبخ ؟ قال : في مطبخ المسلمين ؟ قال : نعم : كلها فاني لم أرزقها ، هي رزقك !!
* وسخنوا له الماء في المطبخ العام فرد بذلك بدرهم حطبا !!
* وقالت زوجته : ما جامع ولا احتلم وهو خليفة !!
* قالوا : وكان له سراج يكتب عليه حوائجه ، وسراج بيت المال يكتب عليه مصالح المسلمين ، لا يكتب لنفسه علي ضوئه حرفا !!
*قال رجاء بن حيوه : سمرت عند عمر بن عبد العزيز ذات ليلة فعشي السراج ( أي ضعف الضوء ) فقلت : يا أمير المؤمنين : ألا أنبه هذا الغلام يصلحه ؟ فقال : لا ! دعه ينام ، لا أحب أن أجمع عليه عملين. فقلت : أفلا أقوم أصلحه ؟ فقال : لا ! ليس من المروءة استخدام الضيف ، ثم قام بنفسه فأصلحه وصب فيه زيتا ، ثم جاء وقال : قمت وأنا عمر بن عبد العزيز ، وجلست وأنا عمر بن عبد العزيز !!
*وذكروا أنه أمر جارية تروحه ، حتي ينام فروحته ، فنامت هي ، فأخذ المروحة من يدها وجعل يروحها ويقول : أصابك من الحر ما أصابني !!
* وكان يبكي حتي يبكي الدم من الدموع ، ويقال إنه بكي فوق سطح ، حتي سال دمعه من الميزاب !!
* وكان يأكل العدس ليرق قلبه وتغزر دمعته !
* وكان إذا ذكر الموت اضطربت أوصاله وقرأ رجل عنده ( وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين ) (الفرقان / 13) فبكي بكاء شديدا ثم قام فدخل منزله وتفرق الناس عنه.
* وكان يكثر من قوله : اللهم سلم سلم ، وكان يقول : اللهم أصلح من كان في صلاحه صلاح لأمة محمد ( صلي الله عليه وسلم ) وأهلك من كان في هلاكه صلاح أمة محمد ( صلي الله عليه وسلم ).
---------------------------------------------------------

المنشاوي الورداني
مترجم بالتليفزيون المصري