السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان عن محاسبة النفس:

وجماع ذلك أن يحاسب نفسه أولاً على الفرائض؛ فإن تذكر فيها نقصًا تداركه إما بقضاء أو إصلاح، ثم يحاسبها على المناهي؛ فإن عرف أنه ارتكب منها شيئًا تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية، ثم يحاسب نفسه على الغفلة؛ فإن كان قد غفل عما خلق له تداركه بالذكر والإقبال على الله تعالى ثم يحاسبها بما تكلم به أو مشت إليه رجلاه أو بطشت يداه أو سمعته أذناه: ماذا أرادت بهذا، ولمن فعلته، وعلى أي وجه فعلته؟ ويعلم أنه لا بد أن يُنشر لكل حركة وكلمة منه ديوانان: ديوان لمن فعلته، وكيف فعلته؛ فالأول سؤال عن الإخلاص، والثاني سؤال عن المتابعة، وقال تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92، 93]، وقال تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [الأعراف: 6]، وقال تعالى: {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ} [الأحزاب: 8]؛ فإذا سئل الصادقون وحوسبوا على صدقهم فما الظن بالكاذبين؟!