لماذا املك هذه الصفات ولماذا هذه الشخصيه؟ نحن نعلم جميعا ان شخصيه الفرد هي شيء له نوع من الخصوصيه التي لا يمكن مقرانتها بأي انسان أخر مما يجعل من كل انسان شخص مميز بتكوينه وبصفاته. حتي المقتنعييين منا بشخصيتهم يحاولون ابداء غضبهم وعدم رضاهم عن ضعف بعض من صفاتهم. هذه الصفات هي التي تجعل اذا من حياتنا مشكله او مشاكل علينا موجهتها في حياتنا اليوميه والعمليه, اذ ان هذه الجوانب الضعيفه لشخصيتنا ممكن ان تؤثر على علاقتنا مع الاخرين وعلى نجاحنا في العمل والحياه. من الطبيعي جدا ان نحاول ان نبحث حاسدين عن صفات نعتقد انها قد تغيير مجرى حياتنا بشكل اجابي وقد يحدث ذالك في نفس العائله وبين الاصدقاء. لماذا اذا يملك الاخ , ابن العم أو الصديق تلك الصفات التي لا نملكها نحن؟ وهنا يحاول الناس البحث عن اجوبه تقليديه مثل الوراثه, تأثير المجتمع, التربيه أو مغامرات كان قد عاشها الشخص في الطفوله. لكن علماء النفس لهم اجوبه اكثر تعقيدا من تلك المعتقدات الاجتماعيه الراسخه في عقول الناس. لتفسير هذه الظاهره علينا اولا ان نبحث اكثر تعمقا في شخصيه الانسان وتركيبتها المعقده ليتمكن لنا ان نعرف اكثر عن تطور الانسان وحتى عن امكانيه تغيره لبعض الصفات السلبيه المرافقه له طوال حياته. ان راي علم النفس في تطور شخصيه الفرد واضح جدا. العالم الخارجي وصفات وراثيه نملكها منذ ولادتنا هم العوامل الاساسيه في تطور الانسان وصقل شخصيته. لكن التوجه الجديد في طرح مواضيع علم النفس وعلوم الاحياء بشكل عام وتحليلها يعود الى علم الوراثه وتوجهه الجديد في تفسير تصرفات الانسان اي ما يسمى بال behavioral genetics .
ان علماء الوراثه يحاولوا في هذا التوجه الجديد الربط المباشر ما بين تطور شخصيه الفرد وما بين الجينات التي يملكها عند الولاده عن طريق البحث الايمبيري ومحاوله تطبيق نتائج هذه البحوثات على تصرفات الانسان. كل انسان ولد على هذه الارض يملك صفات تمييزه ولا يمكن مقارنته بشكل مباشر مع اي شخص أخر. نظريه سهله للغايه ولا تملك اي تعقيد. رغم كل ذالك يتفاجىء الاهل دوما بمدى اختلاف ابنائهم المولدين في نفس الجو ومن نفس الاب والام واحيانا في سنسن متقاربه. ما سبب اختلاف الابناء عن بعضهم بعضاً؟ ولماذا يمكن لاخيين ان يتطورا بأشكال مختلفه جدا بحيث يصبح احدهم مجرماً مثلاً والاخر عضواً صالحا في المجتمع؟
الرحله المثيره الى شخصيتك:
منذ الولاده يبدأ الانسان بتطوير شخصيته ونفسه بطرق مختلفه اذ انه يوثر بشكل مباشر على عالمه الخارجي حتى ولو كان ذالك بحدود معينه لا يمكن ان يتخطاها مثل مكان ولادته, امكانيات الاهل او وسطهم الاجتماعي والخ. ان تطور شخصيه الانسان ومروره بمراحل مختلفه في حياته لا يمكن ان تعطي اسبابا كافيه لعلم النفس وخصوصا للباحثين في مجال" النيرو- بسيخولوجيا" المتخصص ببحث الاعصاب عن اسباب تطورات الانسان المختلفه. ان رأي الاتجاه العلم- النفسي الجديد هو ان تطور شخصيه الانسان متأثر من علاقات متبادله ما بين التأثير الخارجي من العالم والتأثير المباشر للجينات. ان هذا الاتجاه الجديد لا يمنحنا ما يكفي لان نعلم عن سبب أختلاف البشر عن بعضهم بعضا أو عن اسباب تطور شخصيه الانسان بهذا الشكل او بذاك. ان بعض العلماء الباحثين في هذا الموضوع يعتقدوا نهم قد وجدوا هذه الجينات المؤثره بشكل مباشر على تطور شخصيتنا وعلى مدى رده فعلنا في مواقف معينه ."أفشالوم كاسبي" من معهد الدراسات النفسيه في جامعه لندن يؤكد على اكتشاف الجين المسئول عن الضغط النفسي مطلقا عليه اسم Stress-Gen . هذا الجين هو المسئول عن رده فعل الانسان في حالات الضغط النفسي مثل فقدان مكان العمل أو الطلاق. ان نقص هذا الجين أو عدم وجوده عند بعض الاشخاص اذا هو سبب لرده فعل سلبيه مثل حالات الاكتئاب النفسي أوالحزن الشديد. وعلى العكس يمكن للشخص الذي يملك مثل هذا الجين الرد بشكل مناسب وأيجابي للغايه دون خلق مشاكل قد تؤثر على حياه الفرد. العالم الامريكي " ديان هامير" يؤكد في أبحاثه عن أكتشاف اهم جين قد يؤثر على حياه الانسان, على تطوره وعلى رده على المشاكل المختلفه والمواجهه له في حياته اليوميه وهو يطلق عليه اسم الجين الالهي. وهذا الجين يمنح من خلال عمليات بيو- كيميائيه مختلفه نوع من الروح العاليه والتي تمنح بدورها حب الاستقلاليه والتقدم في الحياه اليوميه مما يؤثر على حياه الانسان ويجعله ناجحاً.
لكن الاسئله في هذا الاتجاه ما زالت غير واضحه ومن الصعب جدا الاجابه عليها بشكل قاطع وعلمي. ان النتائج والابحاث المختلفه لم تمنحنا حتى الان امكانيه الرد والتعمق في مجال علم الوراثه ولذالك يحاول علماء النفس بالبحث بطرق تقليديه اخرى كانت قد استعملت في بدايه القرنيه الاخيره وحتى الان طبعاً, مثل الاعتماد على نماذج معينه كانت قد طرحت من علماء في مجال تحليل الشخصيات. نموذج الخمس تأثيرات هو مثال على احد هذه النماذج التي يحاول علماء النفس من خلالها بأيجاد تحليلات مختلفه لشخصيه الانسان وتركيبها. في اللائحه المعروضه في الاسفل سأحاول طرح هذا النموذج المكون من خمس انواع من الشخصيات الاساسيه والتي تتفرع الى مائه واثني عشر نوعا من الصفات المختلفه والتي تتبع لخمس انواع الشخصيات والتي سأذكر بعضا منها في القائمه المطروحه ادناه. من المهم ان اذكر ان هذا النموذج هو من أهم النموذجات الموجوده في مجال التحليل النفسي ويعتبر من اهم المراجع في البحث في هذا المجال.
التأثيرات الخارجيه :
على شخصيه الانسان مختلفه وهي تأينا في الاساس من العالم الخارجي والذي يُحتم علينا احياناً. ان تاثير الطفوله مثلا على تطور الانسان هو موضوع البحث الاساسي للعالم النفسي الالماني فرويد والذي يحاول ربط كل تطور وكل تصرف انساني بمشاكل الطفوله والاحداث التي عاشها الانسان كطفل. ان التحليل النفسي المسمى " بالبسيخو-انالوزا" والذي اُكتشف على يد فرويد في بدايات القرن العشرين يركز على اهميه الطفوله في التحليل النفسي ومحاوله ايجاد اسباب للمشاكل العصبيه في هذه الطفوله. لا شك ان اهتمامنا يصب هنا في تفسير وتحليل شخصيه الانسان العادي وليس تحليل لشخصيات مصابه بأمراض عصبيه. لكن من المهم أيضا ان نذكر ان هذه الشخصيات المصابه كانت يوما شخصيات عاديه تملك صفات مختلفه. في هذا البحث سنحاول الابتعاد بقدر الامكان عن فرويد وعن نظريته في تحليل شخصيه الانسان وذالك بسبب تطرفه " العلمي طبعا" وتعمقه في مدى تأثير الطفوله على مسار الانسان وتطوره
من الاشياء المثيره والتي لها أكبر تاثير على صقل شخصيه الانسان كما اكتشف علماء من جامعه "هومبولدت" في برلين: علاقات الانسان العاطفيه. الانسان يولد وشخصيه ثابته - كما اثُبت عن طريق ابحاث عديده-.
للحب الاول تأثيرأص اساسياً على تطور شخصيه الانسان وصقلها لانه يمنح الانسان نوع من الحكمه والوعي. علاقه الحب حتى وان لم تنتهي بالزواج وحتى ان لم تكن ابديه كما يأمل البعض منا لها تأثير ايجابي جدا على شخصيه الانسان لانها تمنحه الثقه بالنفس والشعور بالوجود والتوازن. ان البحث المتعمق في هذا المجال في جامعه برلين يؤكد ان للحب اكبر تأثير على صقل شخصيه الانسان وله اهميه اكبرمن اهميه تاثير أختيار مكان العمل مثلاً, الاصابه بحادث معين أو ولاده جديده. ان تفسير هذه الظاهره يكمن في منح الحب من خلال علاقه ما بين شخصين لنوع من الامان والدفء الذان لا نحصل عليهما في احداث مهمه اخرى قد تؤثر على مجرى حياتنا وتغيره. ان ولاده طفل جديد مثلا يسبب لاهله عبء تلبيه متطلباته واحتياجاته وهذا التغير لا يمنح ورغم اهميته اي نوع من التوازن . هذا البحث يوكد كذالك على ان الغير متزوجون هم أشخاص مائلين الى الحزن والاكتئاب احيانا. لانهم لا يملكوا ذالك المرح والذي يجعل محاولاتهم المستقبليه لايجاد شريكه للحياه اصعب واكثر تعقيدا.
تأثير الاهل على تطور وصقل شخصيه الابناء ضئيل نسبياً في وجهه نظر العلماء الالمان اذ ان الابحاث المختلفه كانت قد اثبتت ان الاطفال والشباب تبحث بنفسها عن العالم المناسب لها عن طريق اختيار الاصدقاء مثلا أو حب نوع معين من الموسيقى أو الرياضه. الاهل في المجتمع الغربي يحاولوا ان يمنحوا اولادهم فرصه الاختيار والحريه ما بين هذا وذالك. المجتمع الشرقي بعكس ذالك يمنح الاهل حق الفرض على الاولاد على اختيار اصدقائهم, على مدى خروجهم ودخولهم. ان اختلاف المجتمع يؤثر بالتأكيد على تطور شخصيه الانسان وبشكل خاص في موضوع الاهل ومدى تأثيرهم ومنحهم للحريه والتي تملك معان مختلفه كلما اختلف المجتمع
هل من الممكن اذا ان يغيير الانسان صفاته ويؤثر على صقل شخصيته؟ اتذكر المثل العربي القائل " من شب على شيء شاب عليه" واحاول ان اربط ما بينه وبين اقوال علماء النفس والذين يؤمنوا بان للانسان مقدره ان يفعل ذالك حتى جيل الخمسين. من المهم ان اذكر ان هذا الاعتقاد جديد نسبياً لان النظريه السابقه لهذا الموضوع تطرح هذا القضيه بشكل اخر وتمنح مقياس اخرى للجيل الذي يمكن فيه للانسان ان يتغيير وذالك جيل الثالثه عشر اي قبل المراهقه. ان البحث في هذا المجال ما زال مفتوحاً وواسعاً امام الاتجاهات المختلفه مثل علم الجينات والذي يركز في السنين الاخيره بشكل خاص على هذا المجال. لا شك انه على العلماء الباحثين في هذا المجال بالقيام في ابحاث اكثر تعمقا في حياه الانسان لايجاد اجوبه اكثر وضوحاً. علم الجينات على سبيل المثال يطرح قضيه تنوع الطعام كسبب اساسي في تطور الانسان بشكل عام وتطور شخصيته بشكل خاص.علماء الاجتماع مثلاً يحاولوا بالتأكيد على مدى اهميه العالم الخارجي.
ان شخصيه الانسان هي التي تولد عالمه الخارجي وهذا بالتالي يؤثر على مدي تطور شخصيته الاساسيه والتي يولد معها الى ان تأخد طابع معين من الثبات يمكن له بالتأكيد أن يتغيير أكثر في المستقبل مع تأثير الجيل. لا شك ان روح المغامره تقل مع زياده الجيل لكن الحكمه والتفكير بشكل سليم تمنح للمسن صفات جديده أخرى من الممكن لنا ان نسميها تغييرات في الشخصيه. من المهم قبل انهاء هذه التحليل القصير جدا والمختصر في شخصياتنا وتطورها ان أذكر ان علم النفس والعلوم الاجتماعيه المختلفه لم تنجح حتى الان بوجود اسباب رئيسيه ووحيده لتطور الانسان وشخصيته بهذا الشكل أو بالشكل الاخر وذالك رغم انشغال العديد من علمائها أمثال فرويد, غويلفورد و كيتشمر بأيجاد نموذج شامل يمكننا الاعتماد عليه. الاتجاهات المختلفه الجديده وخصوصا في مجال الجينات الوراثيه تنظر الى المستقبل العلمي في هذا الموضوع بتفائل املهً ان تجد في المستقبل اجابات لكل تلك الاسئله المحيره و التي تطرحها هذه الابحاث عن تركيبه شخصيه الانسان المعقده.