يشكل العلم والأخلاق جناحين قويين الطيران الانسان إلى أوج الانسانية .
إن المجتمع الذي يعمل على إحياء العقل والعاطفة معاً هو أسعد المجتمعات .
فبالعلم يتقدم نحو الترقي والتكامل ، وبالعواطف والأخلاق توجد البيئة الصالحة ... البيئة التي يسودها جو من
الحب والحنان والاخلاص حيث يعيش الجميع في غاية المودة والأخاء.
حيث توجد الأخلاق والعواطف ولا يوجد غلم فلا تكامل هناك ولا تقدم ، ينعدم الادراك لحقائق الحياة هناك ،
الانسان يكون محروماً من الانتصارات العلمية الباهرة في تلك الصورة.
وحيث يوجد العلم ولا يوجد إيمان ولا فضائل ، وحيث يوجد العلم ولا يوجد شرف ولا تقوى ، وحيث يوجد العلم
ولا يوجد أثر للفضائل الخلقية والانسانية ... هناك تظهر الأنانية والاثرة ، وهناك يسيطر الجشع والحرص على
الناس ، هناك يقع الأفراد في شرك الفساد والخيانة ، هناك تجد الاعتداء والتجاوز على حقوق الآخرين ، يعكر
جو الصفاء والأمن ...
إن المهندس الفني في صنع السيارة يراعي الموازنة بين قوة المحرك وقوة جهاز الإيقاف ( البريك ) .
فكلما يزداد المحرك إلى الجانب الايجابي أي الحركة ، يزيد على قدرة الايقاف وهو الجانب السلبي وذلك لكي
يحمي السيارة ومسافريها في اللحظة الحرجة وعند الاشراف على السقوط ويسيطر عليها فيوقفها.
والتقدم العلمي في العالم المعاصر بمنزلة التكامل المتزايد لقوة المحرك الاجتماعي .
أما الفضائل الخلقية فانها بمنزلة ( البريك ) الذي يحفظ الناس في ساعة الخطر من الموت والسقوط .
والانسان يكون سعيداً عندما يرفع من المستوى الايماني والأخلاقي في الوقت الذي يلاحظ فيه
الترقيات العلمية في العالم .
وذلك ليستخدم العلم في الطريق المفيد فقط .
::: ومن المؤسف أن البشرية سالكة في الاتجاه المخالف لهذا
الطريق منذ مدة ... وكأنه كلما تتقدم العلوم ، يأخذ الايمان والتقوى في التناقص والتقلص.
:إن العالم اليوم أصبح ـ بضعف الجانب اليماني والأخلاقي فيه ـ أشبه بسيارة بلا ( بريك )
تستمر في سيرها بصورة قلقة ، والناس يقضون حياة مليئة بالاضطراب والقلق وهم خائفون من أن تصل بهم
الحياة إلى رأس منزلق يؤدي بهم إلى الهاوية ، فيأمر الرؤساء بإشغال النار وحينذاك يستغل التقدم العلمي
للتخبط في النار والدم والقضاء على الكرة الأرضية في بضع ساعات.
إذا بقي الذكاء حراً غير تابع للادراك المعقول أو الالهام بالقيم الأخلاقية فذلك أمر خطر جداً .
فالذكاء ليس يجرنا إلى الماديات فحسب ، بل يجرنا إلى البهمية ..
فقد انتبه الناس فجأة إلى أن انتصاراً عملياً عجيباً يهدد السلام العالمي بصورة فظيعة وفجأة رأت الدول التي
نسميها بالمتمدنة أن اتحاداً أخلاقياً فقط هو القادر على حمايتهم تجاه هذا الخطر .
الوقت ضيق إلى درجة أنه يمكن الحصول على النجاة المحتمل بواسطة المعاهدات المكتوبة فقط ، ولكن الكل
يعلم أن الاعتماد والاطمئنان إلى هذه المعاهدات لا يتجاوز اعتبار الشخص الموقع عليها إذا لم يكن هذا
الشخص أمينأً ومخلصاً .
أو لم يكن ممثل أمة تكسب كلامه وشرفه رصيداً متيناً ، فلا يبقى معنى لتلك الاتفاقيات .
أنه لأول مرة في التاريخ البشري نرى أن الصراع بين الذكاء والقيم الأخلاقية صار موضوعاً حيوياً يتوقف
عليه الحياة أو الموت .
::: نحن نأمل أن نستفيد من هذه العظمة ، ولكن المؤسف أننا نشك في ذلك..