حددت أسس إدارة إصلاح القطاع العام ، بتخطيط ومتابعة مباشرة من وزارة تطوير القطاع العام وديوان الخدمة المدنية ، معالم أساسية لنهج يتم من خلاله الوصول الى منظومة متكاملة من الاصلاح تجعل من القطاع الحكومي نموذجا مطابقا لتوجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني ، وذلك من خلال السعي الدائم لتحسين خدمات القطاع الحكومي ، وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين.

وجاء نهج الاصلاح للقطاع الحكومي بعدة فلسفات عملية لتحقيق غايات التطوير والتنمية والاصلاح ، حرصت الحكومة على تطبيقها بشكل عملي ووفق برامج زمنية محددة ، حيث تبنت الحكومة منذ يومها الاول برنامجاً شموليا لتطوير القطاع العام بهدف تحسين أداء الوزارات والمؤسسات الحكومية وتوجيهها للعمل نحو تحقيق الأهداف الاستراتيجية متوسطة وبعيدة المدى والتي تهدف بشكل رئيس الى تقديم خدمات أفضل للمواطن ، وفي الوقت ذاته عملت على مأسسة آليات التعاون بين وزارة تطوير القطاع العام والجهات المعنية بعملية التطوير بحيث تصبح مخرجات هذه الجهات مدخلات لبرنامج تطوير القطاع العام ، باعتبار ذلك جزءا من الخطة التنفيذية لبرنامج عمل الحكومة لعام 2010 الوارد في محور تطوير القطاع العام.

وتفعيلا لهذه المنهجية تم التركيز على عدة نقاط كان من ابرزها تفعيل المساءلة وقياس الأداء الحكومي ، من خلال برنامج تعزيز الرقابة والمساءلة والشفافية في القطاع العام ، اضافة الى عمل وزارة تطوير القطاع العام على توقيع عدة اتفاقيات مع المؤسسات الحكومية لتقديم الادوات اللازمة للتطوير ، وتحسين الاداء. ولعل ابرز ما حرصت الوزارة على تنفيذه وجعله حاضرا وبقوة في كل خططها هو تطوير الموارد البشرية وتحليل الفجوات التي يعاني منها موظفو القطاع واقتراح الحلول وتقديم الدعم الاستشاري والفني في مجال التطوير ، اضافة إلى مراجعة الهيكل التنظيمي للمؤسسات والمهام والواجبات وبطاقة الوصف الوظيفي بما يضمن معالجة تداخل الواجبات ، وكذلك تحقيق العدالة للموظفين من ناحية المكافآت ، والبعثات والدورات ، والعلاوات والترفيعات.وفي قراءة لـ"الدستور" حول واقع إدارة القوى البشرية في القطاع الحكومي وموظفي "الخدمة المدنية" ، تبين بشكل لافت ان ذراعي تطوير القطاع العام ، وهما وزارة تطوير القطاع العام وديوان الخدمة المدنية ، يضعان العنوان الاساسي في عملهما تطوير الموارد البشرية وتوفير افضل السبل لجعل موظف القطاع العام يتمتع بافضل الاوضاع وعلى كل الاصعدة وصولا في المحصلة الى خدمات أفضل لمتلقي الخدمة.

وزير تطوير القطاع العام وزير الدولة لشؤون المشاريع الكبرى المهندي عماد فاخوري أكد لـ"الدستور" انه تم وضع وضع عناوين واضحة لتطوير القطاع وإعادة هيكلته بما ينسجم وتوجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني في جعل القطاع حيويا ويقدم الافضل دوما للمواطنين ، وانطلاقا من مقولة جلالته "الانسان اغلى ما نملك" سعت الوزارة في برامجها ومنذ البدء الى تطوير وتنمية الموارد البشرية ، فيما عمل ديوان الخدمة المدنية على جعل تطوير الموارد البشرية وتحديدا في "الخدمة المدنية" أساسا لعمله على الرغم من الانطباع السائد بأن عمله على التوظيف واستقبال الطلبات وتنظيم الدور التنافسي والامتحانات ، إلاّ انه جعل من مهامه الاساسية قيادة عملية ادارة الموارد البشرية في الخدمة المدنية والنهوض بواقع وكفاءة الوظيفة العامة ، من خلال ترسيخ منهجية التخطيط الوظيفي ودراسة واقع الاجهزة الوظيفية وتطورها من حيث اعدادها واحتياجاتها ، ومنهجيات تقييم الاداء فيها ومساقات التدريب والتأهيل ، وتطوير الاوصاف الوظيفية والتأكد من شروط اشغال الوظائف والمهارات المطلوبة لمهامها.

وزارة تطوير القطاع العام

الى ذلك ، أكد المهندس فاخوري أن الوزارة تعمل على تأطير عمل تطوير الموارد البشرية بإطار تشريعي يؤسس لحالة نموذجية لا تخضع لاي مؤثرات او حتى لاشخاص ، مشيرا الى عدة تفاصيل تشريعية وتنظيمية تعمل الوزارة على اعدادها وخطوات دخلت حيز التنفيذ ، ومن ابرزها مشروع تعزيز القدرات المؤسسية والإدارية لوحدات الموارد البشرية في دوائر ومؤسسات القطاع العام ، ونظام الموارد البشرية الموحد للمؤسسات المستقلة ، وهما من ابرز مشاريع الوزارة التي تعمل على تنفيذها خلال المرحلة المقبلة ، والتأسيس من خلالهما لحالة وظيفية حكومية نموذجية تقودنا حتما الى مثالية في العمل العام بكل تفاصيله ، لا سيما انه سيكون للمشروعين انعكاسات ايجابية كبيرة على الموظف وبالتالي سيكون لذلك مردود ايجابي على طبيعة الاداء ، والانتاج والخدمة.وبين فاخوري ان الوزارة تعمل على اعداد نظام موارد بشرية موحد للمؤسسات المستقلة ، وذلك بناء على قرار مجلس الوزراء الذي جاء مستندا على احدى توصيات دراسة انظمة الموارد البشرية المنفذة من قبل الوزارة ، تلك الدراسة التي جاءت كحاجة ملحة للوقوف على واقع انظمة الموارد البشرية في المؤسسات المستقلة ، وذلك في ضوء الاختلاف والتباين الواضح بين العناصر والاجراءات التي تحكم عملية ادارة وتنمية الموارد البشرية في تلك المؤسسات ، وافتقار معظم انظمة المؤسسات للمبادئ والأحكام التي تضمنتها وثيقة سياسات الموارد البشرية والمرتكزات الاساسية التي جاءت هذه الوثيقة لإرسائها كالنزاهة والشفافية والعدالة وتكافؤ الفرص ، ... الخ.

وشدد فاخوري بهذا الخصوص على ان النظام سيكون مرجعية ومظلة تشريعية موحدة تحكم أنظمة الموارد البشرية في المؤسسات المستقلة ، وفرصة لتضمين هذا النظام كافة المبادئ والمرتكزات التي تضمنتها وثيقة سياسات الموارد البشرية الهادفة لتعزيز مبادئ العدالة والمساواة والنزاهة وتكافؤ الفرص ، وفرصة للتخلص من حالات التباين والاختلاف بين أنظمة الموارد البشرية في المؤسسات المستقلة ، وسيوجد الحد الادنى من التوحيد في عناصر ادارة وتنمية الموارد البشرية في القطاع العام ، مما سيكون له الأثر الأكبر على تنظيم العمل في هذه المؤسسات ، وسينعكس بصورة أساسية على الموارد البشرية العاملة فيها. وسيعزز عملية المتابعة والرقابة على تطبيق أحكام نظام موحد خاص بالموارد البشرية في المؤسسات العامة المستقلة من قبل أي جهة رقابية يوكل إليها هذا الأمر.

وشدد فاخوري على أنه لن يكون هناك أي استثناءات بتطبيقه ، وسيكون ملزما ومسطرة على الجميع ، كونه بالفعل سيحقق عدالة للموظف.

وتناول فاخوري الحديث ايضا حول "مشروع تعزيز القدرات المؤسسية والإدارية لوحدات الموارد البشرية في دوائر ومؤسسات القطاع العام" ، الذي يأتي في اطار تطوير الموارد البشرية ايضا ، مشيرا الى انه يأتي انسجاما مع تطلعات وزارة تطوير القطاع العام وتوجهاتها نحو تعزيز القدرات المؤسسية والإدارية لوحدات الموارد البشرية ومساعدتها في بناء قدراتها للقيام بدورها الحيوي والهام الذي تضطلع به لمساعدة الدوائر والمؤسسات الحكومية نحو تحقيق أهدافها الإستراتيجية والتنظيمية التي أنشئت من أجلها.

وهذه الوحدات موجودة في عدد كبير من المؤسسات والدوائر والوزارات ، وفي حال عدم وجودها يجب ان يتم انشاؤها ، كونها اصبحت ضرورة.

واشار فاخوري الى ان المشروع يهدف بشكل أساسي إلى تعزيز القدرات المؤسسية والإدارية للدوائر والمؤسسات الحكومية في مجال تخطيط وإدارة وتنمية الموارد البشرية ومساعدتها للانتقال من مفهوم إدارة شؤون الموظفين التقليدية إلى تطبيقات إدارة الموارد البشرية بشكلها الشمولي ، وذلك من خلال تقييم واقع القدرات المؤسسية والتنظيمية لوحدات إدارة الموارد البشرية في هذه الدوائر والمؤسسات من حيث (البيئة التنظيمية والمؤسسية ، تخطيط الموارد البشرية ، إدارة الموارد البشرية ، تنمية الموارد البشرية ، البنية المادية والتكنولوجية) ووضع وتنفيذ خطط عمل تطويرية (استناداً الى نتائج التقييم) لرفع قدرات تلك الوحدات وبما ينسجم مع التطلعات المستقبلية للدور المنوط بها.

ديوان الخدمة المدنية

ولم تبتعد سياسات ديوان الخدمة المدنية عن هذا النهج ، بل سعى من خلال ركائز واضحة لتعزيز سياسات "تطوير القطاع العام" وجعلها طريقا يشاركها السير به وتنفيذها ، فكانت هناك أسس قوية وواضحة لادارة القوى البشرية في الخدمة المدنية.

ووفق مصدر مأذون في الديوان فانه على الرغم من الانطباع السائد بأن عمل ديوان الخدمة المدنية يتركز في عملية التوظيف واستقبال الطلبات وتنظيم الدور التنافسي والامتحانات ، فإن المهمة الاساسية لديوان الخدمة المدنية هي قيادة عملية ادارة الموارد البشرية في الخدمة المدنية والنهوض بواقع وكفاءة الوظيفة العامة ، من خلال ترسيخ منهجية التخطيط الوظيفي ودراسة واقع الاجهزة الوظيفية وتطورها من حيث اعدادها واحتياجاتها وفئاتها وتخصصاتها ومجموعاتها النوعية ، ومنهجيات تقييم الاداء فيها ومساقات التدريب والتأهيل ، وتطوير الاوصاف الوظيفية والتأكد من شروط اشغال الوظائف والمهارات المطلوبة لمهامها.

وبين المصدر ذاته ان من مهامه ايضا الاشراف على حسن تنفيذ التشريعات وعدالة تطبيقها ومتابعة قضايا الموظفين ، والعمل على تحسين البيئة الوظيفية والمعيشية للموظف العام وادارة عملية الرواتب والعلاوات والحوافز.

ولفت الى انه "وصولا للحالة التي نسعى لها في الديوان ، فقد عملنا على صياغة عدة دراسات على واقع القوى البشرية في الخدمة المدنية ، وتم اجراء دراسات حول واقع القوى البشرية ، شملت دراسة واقع القوى البشرية في وزارتي الصحة والاوقاف ، ودراسة معالجة المعينين خارج جدول التشكيلات ، وغيرها من الدراسات التي هدت ضالة الديوان نحو الكثير من الامور التي من شأنها تطوير الاداء ورفع سويته من خلال تحسين وضع الموظف".وحرص الديوان ايضا على ان يوفر وسائل مختلفة لتطوير الموارد البشرية في القطاع الحكومي بشكل عام فكانت هناك جهود وسعي كبير للوصول الى آلية وصف وتصنيف الوظائف ، وتنظيم وضع اسس الترفيعات الوجوبية والجوازية ، وتنمية الموارد البشرية من خلال البعثات والدورات ، اضافة الى جائزة الموظف المثالي التي جعلت من موظف القطاع العام يعمل بجد ليجد امامه ما يكافئه على ما يقدم ، لما يتبعها من امتيازات كبيرة للموظف الفائز بها.