بحث عدد من الخبراء العرب في التنمية البشرية أزمة البطالة التي تعيشها الدول العربية وجاءت معظم اوراق العمل المشاركة في المؤتمر الدولي حول ازمة البطالة في العالم العربي الذي اقيم في القاهرة خلال الفترة 17- 18مارس الماضي ونظمته منظمة العمل العربية بالتعاون مع المعهد العربي للتخطيط بالكويت والبنك الاسلامي للتنمية جاءت مؤكدة لتدني استجابة البطالة للنمو الاقتصادي في الدول العربية.
وقرأ المؤتمر اهم الخصائص التي تميز مجموعة الدول العربية فيما يتعلق بعمل اسواق العمل (بما في ذلك انخفاض معدل المشاركة في سوق العمل) والاتجاهات الزمنية لمعدل البطالة، ومعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي (الذي بلغ متوسطه السنوي حوالي 4.6في المائة منذ منتصف التسعينات) والمتغيرات المؤسسية، ورأس المال البشري (الذي سجلت اتجاهاته الزمنية تحسنا في دول العينة)، ونسبة الصادرات للناتج المحلي والإجمالي..
وتوصل المؤتمرون الى أن زيادة معدل النمو الاقتصادي بنقطة مئوية يؤدي الى انخفاض معدل البطالة بحوالي 3.2نقاط مئوية (من متوسط حوالي 16.4% من القوة العاملة الى حوالي 13.3%) وكذلك الحال بالنسبة لمعدل البطالة في أوساط الذكور ولكن بطريقة اقوى.
واستنادا على النتائج الرقمية لعدد من الدراسات ناقش الخبراء اهم اتجاهات السياسات التي يمكن ان تتبع بما في ذلك التوصية التقليدية حول أهمية الاستقرار الاقتصادي والبيئة المؤسسية لاغراض تحقيق النمو واستدامته، والعناية بالنظام التعليمي لتتوافق مخرجاته مع متطلبات سوق العمل.
وذكرت منظمة العمل العربي ان مشكلات البطالة منتشرة في كافة بلدان العالم دون استثناء مع تباين في معدلاتها، غير ان البيانات والمؤشرات الحديثة والمتوفرة من مختلف المصادر العربية والدولية الموثوق بها اشارت الى أن المعدل العام للبطالة في المنطقة العربية هو الأعلى بين مناطق العالم حيث بلغ 14% ليتجاوز حجم العمالة العربية العاطلة عن العمل 17مليون عامل، كما تسجل المنطقة العربية أعلى معدل للبطالة بين الشباب والمعدل الأعلى بين الإناث والمعدل الأعلى بين المتعلمين.
وقال "لقد كانت النظرة الى البطالة في الوطن العربي كظاهرة مزمنة، تتعرض لها بعض البلدان بسبب حجم السكان او الظروف الاقتصادية ولم يكن من المتوقع ان تنتشر البطالة في جميع البلدان العربية لكنها شملت الآن البلدان العربية المحدودة السكان والمنتجة للنفط بوفرة مع ان هذه البلدان تستقطب اعدادا كبيرة من العمالة الوافدة، وبالتالي أصبحت مشكلات البطالة تهدد الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي في كافة ارجاء الوطن العربي مما يتطلب ايجاد الحلول المناسبة للنهوض بالتشغيل في اطار نظرة عربية شمولية متكاملة المصالح والأهداف، وليس بشكل منفرد وفقا لتفاقم ظاهرة البطالة في البلد الواحد من عدمه.
وأشارت المنظمة الى أنه وعلى الرغم من انخفاض معدلات البطالة في عدد من البلدان العربية في السنوات الأخيرة والاستمرار في بذل المزيد من الجهود بشأن النهوض بالتشغيل، لا تزال معظم هذه البلدان تعاني من مشكلات البطالة وبوجه خاص بطالة الشباب وحديثي التخرج، وقد لا تكون ظاهرة البطالة في العديد من الحالات مرتبطة بعدم توفر فرص العمل بقدر ما تكون فرصة العمل المتوفرة لا تتناسب مع مؤهلات ومهارات وقدرات طالب العمل، حيث تشير البيانات الى أن ظاهرة البطالة أصبحت في تزايد بين خريجي التعليم والتدريب المهني والتقني وان معدلات البطالة بين المتعلمين اعلى من معدلات البطالة بين الأميين وذلك نتيجة الفجوة بين مخرجات التعليم والتدريب المهني والاحتياجات الفعلية لسوق العمل سريعة التغير، الامر الذي يستوجب اعادة النظر في مردود منظومة التعليم والتدريب المهني والتقني في الدول العربية ومراجعة برامجها واستراتيجياتها بهدف تطويرها وتحديثها وفقا للتطورات العلمية والتقنية والتكنولوجية التي يمر بها العالم لتكون منظومة التعليم والتدريب، اكثر ارتباطا بحاجات الانتاج والشراكة مع المنشآت.