الموضوع: من روائع الدكتور مصطفى محمود
من روائع الدكتور مصطفى محمود
أشعر بالندم يا إلهي حتى نخاع العظم من أني ذكرت سواك بالأمس و هتفت بغير اسمك و طافت بخاطري كلمات غير كلماتك
سمحت لنفسي أن أكون مرآة للسراب و مستعمرة للأشباح
...
جهلت مقامي و نزلت عن رتبتي و ترجلت عن فرسي الأصيلة لأركب توافه الأمور و لأمشي مع السوقة و أزحف على بطني مع دود الأرض
خدعني شيطاني و استدرجني إلى مسرح العرائس الذي يديره و إلى تماثيل الطين و الزجاج و الحلي المزيفة
استدرجني إلى بيوت القماش و قصور الورق و قدمني إلى ناس يبتسمون للمصلحة و يحبون للشهوة و يقتلون للطمع و يتزاوجون للتآمر..
رجال وجوههم ملساء مدهونة و نظراتهم خائنة و لمساتهم ثعبانية و نساء تغطيهن المساحيق فلا تبدو ألوانهن الحقيقية بشرتهن مشدوة و وجوههن مكوية و خطواتهن حربائية و أيديهن تتسلل إلى القلوب يسرقن كل شيء حتى الحقائق
عالم جذاب كذاب يضوع بالعطور و يبرق بالكلمات.. عالم لزج معسول تغوص فيه الأرجل كما يغوص النمل في العسل حتى يختنق بحلاوته و يموت بلزوجته
و الأصوات في هذا العالم كلها هامسة مبللة بالشهوة تتسلل إلى ما تحت الجلد و تخترق الضمائر و تأكل الإيمان من الجذور
تذكرتك يارب و أنا أمشي في هذا العالم فشعرت بالغربة و الانفصال و لم أجد أحدا أكلمه و يكلمني و أفهمه و يفهمني.. نبذوني كلهم و رفضوني كما نبذتهم و رفضتهم.. و أحسست بنفسي وحيدا غريبا مطرودا.. ملقى على رصيف أبكي كطفل يتيم بلا أم
و سمعت في قلبي صراخا يناديك
كانت كل خلية في بدني تتوب و تئوب و ترجع و سمعتك تقول في حنان.. لبيك عبدي..
و رأيت يدك التي ليس كمثلها شيء تلتقطني و تخرجني من نفسي إلى نفسك
و اختفى ديكور القماش و الورق و ذاب مسرح الخدع الضوئية
و عاد اللا شيء إلى اللا شيء
و عدت أنا إليك
لا إله إلا أنت
سبحانك
و لا موجود سواك
القرب منك يضيف
و البعد عنك يسلب
لأنك وحدك الإيجاب المطلق
و كل ما سواك سلب مطلق
علمت ذلك بالمكابدة و أدركته بالمعاناة و عرفته بالدم و العرق و الدموع و مشوار الخطايا و الذنوب و أنا أقع في الحفر و أتعثر في الفخاخ.. و كلما وقعت في حفرة شعرت بيدك تخرجني بلطف و كلما أطبق عليّ فخ رأيتك تفتح لي سبيلا للنجاة.. و كلما وضعوني في الأغلال و أحكموا عليّ الوثاق شعرت بك في الوحدة و الظلمة تفك عني أغلالي و تربت على كتفي في حنان و إلهامك يهمس في خاطري.. أما كفاك ما عانيت يا عبدي
أما اتعظت.. أما اعتبرت.. أما جاء اليوم الذي تثبت فيه قدمك و تستقر خطاك على الطريق.
فأقول باكيا
سبحانك يارب و هل هناك تثبيت إلا بك و هل هناك تمكين إلا بإذنك
أنت وحدك الذي أصلحت الصالحين و ثبت الثابتين و مكنت أهل التمكين
تعطي لحكمة و تمنع لحكمة و لا تسأل عما تفعل
شفيعي إليك صدقي
و عذري إليك حبي للحق
و ذريعتي إلى عفوك رغبتي في الخير
فمن خطيئاتي نبتت الحكمة كما تنمو أزهار الياسمين من الأرض السبخة
و من دموع ندمي علمت الناس فصدقوني حينما كلمتهم لأنهم رأوا كلماتي مغموسة بدمي و من عثراتي و سقطاتي أضأت مصباحا هاديا يجنب الناس العثرات
و كل من عبر طريقي قلت له كلمة صدق و دللته على السلامة
ربنا ما أتيت الذنوب جرأة مني عليك و لا تطاولا على أمرك و إنما ضعفا و قصورا حينما غلبني ترابي و غلبتني طينتي و غشيتني ظلمتي
إنما أتيت ما سبق في علمك و ما سطرته في كتابك و ما قضى به عدلك
رب لا أشكو و لكن أرجو
أرجو رحمتك التي وسعت كل شيء أن تسعني
أنت الذي وسع كرسيك السماوات و الأرض
د . مصطفى محمــود
رد: من روائع الدكتور مصطفى محمود
موعظة بليغة اخي الفاضل .. جزاك الله خيرا
يقول سليمان – عليه السلام - في التوراة:
امرأة فاضلة من يدلني عليها.. إنها أثمن من كل ما في الأرض من ماس و لآلئ.. فتشت في الألف امرأة فلم أجدها.
فمن هي تلك المرأة الفاضلة التي فتش عنها سليمان... (مشاركات: 2)
الجمعة .. الشمس تنحدر إلى المغيب على جبل عرفات .
الجبل مزروع بالخيام .. مليون و خمسمائة ألف حاج يحطون عليه كالحمام في ثياب الإحرام البيض .. لا تعرف الواحد من الآخر .. لا تعرف من الفقير و من الغني ..... (مشاركات: 0)
الباحث عن لحظة هدوء في هذا الزمان لا يجدها.. إذا فتح الراديو تنهال عليه تشنجات قادة إسرائيل، و تهديدات صدام، و أخبار الزلازل و السيول و الأعاصير.. و إذا فتح التليفزيون تنهمر عليه مسلسلات العنف و... (مشاركات: 0)
منذ ألف سنة كان السفر إلى اليمن على الأقدام يحتاج إلى أعوام. يحمل المسافر خيمته و زاده و زواده و زكائب التمر و البلح و الخبز المكسر و يتوكل على الله.
و بين الفيافي و الجبال و الوهاد و الأحراش يطل... (مشاركات: 0)
في ساعات الصفاء حينما تنقشع الغواشي عن القلب و تنجلي البصيرة، و أرى كل شيء أمامي بوضوح، تبدو لي الدنيا بحجمها الحقيقي و بقيمتها الحقيقية، فإذا هي مجرد رسم كروكي أو ديكور مؤقت من ورق الكرتون، أو بروفة... (مشاركات: 0)