السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يروي أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله دخل عليه ابن عمه مسلمة بن الوليد بن عبد الملك فقال له:

يا أمير المؤمنين! ألا توصي لأولادك بشيء، فلقد أفقرتهم وهم كثير؟ ! فقال عمر :

وهل أملك شيئاً لأوصي لهم به؟! أم تريد مني يا مسلمة أن أعطيهم من مال المسلمين؟!

و الله لا أعطيهم حق أحد من المسلمين أبداً! فإن عيالي بين حالين:

إما أن يكونوا صالحين فالله يتولى الصالحين، وإما أن يكونوا غير ذلك فوالله لا أدع لهم ما يستعينون به على معصية الله عز وجل!
ثم قال:
أدخلوهم علي، فدخل أولاده وأحاطوا بسريره وعلى رأسهم الأم التقية النقية الوفية الصابرة فاطمة بنت عبد الملك رحمها الله وطيب الله ثراها،

ونظر إليهم عمر نظرة حانية، نظرة مبتسمة، وقال لهم كلاماً يفتت الصخور، ويذيب الحجارة! في كلام موجز قليل، نظر إلى أبنائه وقال:

يا بني! إن أباكم قد خير بين أمرين: بين أن تفتقروا ويدخل الجنة، وبين أن تستغنوا ويدخل النار، وقد اختار أبوكم الجنة، انصرفوا.

فانصرف الأولاد وانصرفت أمهم، وفي وقت انصرافهم كانت بعثة الشرف من الملائكة في انتظار عمر ، فلقد أقبل ملك الموت ليعالج هذهالروح الطيبة الطاهرة النقية، وأقبل ملك الموت وعمر بن عبد العزيز يردد قول الله عز وجل:

تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص: 83

يقول أحد السلف، والله لقد رأيت ابناء عمر بن عبد العزيز بعد ذلك من أغنى الناس وإن أحدهم ليخرج بأمواله على بعير ليتصدق بها على الناس.