(أخلاقيات العمل 2)
للدكتور محمد خير الشعال

سبق الحديث عن أهمية الأخلاق في الحياة عامّة وفي الأسواق التجارية خاصّة، ومَرَّ ارتفاع أصوات كثير من الاقتصاديين تنادي: (الأخلاق فوق الاقتصاد)، وتقول:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا.

وقد سبقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: « مَا مِنْ شَيْءٍ يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ، وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الْخُلُقِ لَيَبْلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ » [الترمذي وأبو داود].

وفي خطبة اليوم حديث عن الطريق الذي يعرف به الإنسان عيوب نفسه وأخلاقه، ليصير بعد ذلك إلى تصحيحها وعلاجها، إذ معرفة المرض نصف العلاج.

أربعة طرقٍ تُعَرِّف الإنسانَ على عيوبه:

1. المعلم: أن يتخذ لنفسه معلماً بصيراً بعيوب النفس والخُلُق، يتتلمذ عليه، ويتَّبع نصائحه وإرشاداته.
2. الصاحب: أن يصاحب صديقاً صَدُوقاً، حَسُنَتْ أخلاقه، ويطلب إليه نصحَه فيما يرى به مِنْ عيوب، كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: (رحم الله امرءاً أهدى إليّ عيوبي).
3. الخَصْم: أن يستفيد معرفة عيوب نفسه من ألسنة خصومه ومخالفيه، فإن عين السخط تبدي المساوئَ، ولعلّ انتفاع الإنسان بخصمٍ يُذَكِّره عيوبَه أكثر من انتفاعه بصديقٍ مداهن يثني عليه ويمدحه بما ليس فيه، ويخفي عنه عيبه.
4. المخالطة: أن يخالط الناسَ، فكلُّ ما رآه مذموماً فيهم فليطالب نفسه بتركه وتجنبه.

ختاماً: المطلوب العملي منك في هذه الخطبة، وأنت في عملك وفي سوقك التجاري، أن تراعي خمساً من عشرين وصية تُعْنَى بالأخلاق، عرضت عليك منها في الخطبة الماضية خمساً وهذه خمس ثانية، وتأتيك الباقية في خطبٍ قادمة -بإذن
الله تعالى- :
6. كن صادقاً في معاملة المُرَاجِع أو المريض أو المستهلك... واعفُ عن إساءته.
7. كن وفياً بالكيل والميزان.
8. كن سمحاً في بيعك وشرائك، واقبل ردّ السلعة وإقالة النادم، ما دام الردُّ لا يسبب لك ضرراً.
9. بين عيب السلعة ولا تُخْفِه.
10. وثّق العقود لضمان الحقوق.