رأى الاقتصادي البحريني حسن العالي أن المؤشرات الاقتصادية التي تصدُر عن بعض المؤسسات العالمية لا تعكس بالضرورة الوضع القائم على الأرض بسبب أن المعلومات يستقى معظمها من مصادر رسمية أو مصادر اعتيادية لا تمثل المجتمع, ولذلك فإن النتائج تكون عادة غير دقيقة.

كما أوضح أن المؤسسات الاستثمارية لا تعوِّل كثيراً على هذه المؤشرات الرسمية عند الرغبة في الاستثمار في أي بلد وإنما تقوم بدراساتها الخاصة لمعرفة حقيقة ما يجري على الأرض والتشريعات المطبقة والفرص الاستثمارية المتاحة, وأن على دول الخليج العربية الاستثمار بقوة في تنمية الموارد البشرية للاستفادة من الوفرة المالية.

وأبلغ العالي «مال وأعمال» أن قيام بعض المؤسسات العالمية بهذا العمل إنما هو «محاولة تكوين مؤشرات وإحصاءات رقمية عن بعض الإنجازات التي لا يمكن قياسها بشكل بسيط مثل التقدم المعرفي أو مكافحة الفساد. التطورات التنافسية لا يمكن قياسها بشكل إحصائي دقيق».

وأضاف «المحصلة النهائية هي أن المؤشرات غير دقيقة لأن المعلومات المكونة لهذه المؤشرات تستقى من مصادر رسمية وبالتالي قد يتم تحريف المؤشر, وأن بعض المؤشرات تعتمد على عينات عشوائية ولا تمثل بالضرورة الحقيقة لأنها تعتمد على مصادر رسمية أو اعتبارية لا تمثل المجتمع».

وذكر أن الصين والهند, وهما الدولتان الآسيويتان اللتان تشهدان نموّاً اقتصاديّاً سريعاً ومستمرّاً, وكذلك بعض دول أميركا اللاتينية يشار إليها في المؤشرات في نهاية القائمة أو في متوسطها «إلا أنها من أكبر الدول التي تستقطب الاستثمارات الأجنبية المباشرة, وأن الاستثمارات لا تأخذ بهذه المؤشرات وإنما تقوم بدارساتها الخاصة بناء على ما يجري على الأرض». وتستقطب الصين التي يبلغ النمو السنوي فيها نحو 10 في المئة معظم الاستثمارات الأجنبية.

وأضاف «المبدأ - إصدار المؤشرات - صحيح ولكن الطريقة التي يتم بها تطبيقه بها خلل. فالأمم المتحدة مثلاً لا تقيس التنمية البشرية بعدد الناس الذين يدخلون المدارس أو عدد المدارس المتوافرة, ولكن بالقدرة المطلوبة التي تجعل الإنسان يحصل على عمل كريم وبراتب مجزٍ».

والعالي ليس الوحيد في نظرته إلى هذه المؤشرات التي عادة يتم تسييسها وتستخدم أبواقاً للتفاخر بين الدول في حين تظل التنمية دون المستوى المطلوب وتبقى اقتصادات الدول معتمدة بشكل أو بآخر على سلعة رئيسية.

فقد ذكر مصرفي يتمتع بباع طويل في اقتصادات دول الخليج أن المؤشرات التي تصدرها المؤسسات العالمية «هي فقط أرقام لدى المؤسسات التي تصدِّرها, وأن دول المنطقة لا تتبع سياسة التنمية البشرية الصحيحة.

وأضاف «أفواج تتبعها أفواج يتم تخريجها في المدارس سنويّاً لكنها لا تجد طريق العمل الصحيح الذي يجب أن تسلكه وتعتمد على الدولة في سد أفواهها».

من ناحية أخرى؛ دعا العالي دول الخليج العربية التي تشهد «طفرة نفطية قوية ولديها موارد كبيرة إلى الاستثمار بشكل صحيح في تنمية الموارد البشرية لأن رأس المال البشري في هذه الدول محدود وهو الذي يضمن التنمية المستدامة».

وتشهد دول الخليج ازدهاراً اقتصاديّاً غير مسبوق معظمه بسبب ارتفاع أسعار النفط في الأسواق الدولية إلى مستويات قياسية بلغت نحو 145 دولاراً للبرميل الواحد. ولكن العالي قال إن هذه الدول لم تستغل حتى الآن وبشكل صحيح هذه الموارد في تنمية العنصر البشري.

وأضاف «نحو 95 في المئة من المشروعات والنسبة نفسها بشأن الإنشاءات التي تتم في دول الخليج العربية ليست موجهة إلى المواطن العادي».

وتشهد دول المنطقة طفرة لم يسبق لها مثيل في البنية التحتية والإنشاءات, ويتم استثمار مليارات الدولارات في إنشاء مجمعات وأبراج سكنية حديثة, ولكن أزمة السكن لاتزال تطول السكان العاديين وخصوصاً في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء والأراضي التي قفزت أكثر من 500 في المئة في السنوات الثلاث الماضية.

وتطرق العالي إلى الاقتصاد المعرفي فبيَّن أن هذا القطاع يساهم بنسبة مهمة في الدخل القومي وأنه على رغم وجود مراكز بحوث في البحرين فإنه غير متحقق بشكل مناسب بسبب عدم ارتباطه بصناعات تقوم على الاقتصاد المعرفي.

ونالت البحرين المركز رقم 49 في مؤشر الاقتصاد المعرفي بحسب الجدول الذي أصدره البنك الدولي في مايو / أيار العام الجاري متخلفة عن قطر والكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة التي احتلت المراكز 48 و47 و43 على التوالي, ما يدل على أن دول الخليج الأخرى تسعى جاهدة إلى تحسين مستوياتها.

ومؤشرات الاقتصاد المعرفي يصدرها البنك الدولي لاعتمادها أداة مرجعية بهدف المساعدة في تنفيذ برامج المعرفة من أجل التنمية ولمساعدة البلدان على تحديد التحديات والفرص التي تواجهها في تحقيق الانتقال إلى الاقتصاد القائم على المعرفة.

وتتألف المؤشرات من 83 متغيراً نوعيّاً في 140 بلداً، وهذه العوامل مجتمعة تستخدم لقياس أداء الدول فيما يتعلق باقتصاد المعرفة الذي يقوم على ركائز؛ هي: نظام الحافز الاقتصادي والمؤسسي، والتعليم، والابتكار والإبداع، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وتقاس المتغيرات على مقياس متدرج من صفر إلى 10 مقارنة مع البلدان الأخرى.

ويعكس اقتصاد المعرفة الأهمية المتزايدة للمعرفة، وهو اقتصاد يعتمد على حصول المنظمات والأشخاص على المعارف من أجل مزيد من التنمية الاقتصادية والاجتماعية.