اعلم بأن النفس جموح، وأن النفس أمارة، وأنه لن يخف الحساب يوم القيامة إلا على من حاسب نفسه في الدنيا. قال [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ] : [حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا، وتزينوا للعرض الأكبر يوم لا تخفى منكم خافية، فإنما يخف الحساب يوم القيامة عمن حاسب نفسه في الدنيا]. هل دعيت يوماً لحضور محاكمة في قاعة محكمة من محاكم الدنيا؟ انتقل معي على جناح السرعة إلى قاعة محكمة وتصور أنك جالس في هذه القاعة، وهاهو القاضي يدخل إلى قاعة المحكمة، وبين يديه الحاجب ليصرخ في الحضور: محكمة.. انظر إلى وجوه الناس وتفرس، انظر إلى الصدور ربما تعلو وتهبط وهي تنتظر أن تسمع الحكم من القضاء؛ بل ربما ترى العيون وقد انهمرت منها الدموع مدراراً على الوجوه، والآذان صاغية، والأبصار مشدودة، والكل منتظر، المتهم في قفص الاتهام وأهله ينتظرون، يا ترى بأي حكم سينطق القاضي في هذه اللحظات؟! تصور هذه اللحظات لتقف على حجم الهول الذي يعيش فيه الناس، ولله المثل الأعلى، فأرجو أن تنتقل من هذه الجلسة إلى لحظات يقف فيها العبد على بساط العدل بين يدي الله جل وعلا، وقد دنت الشمس من الرؤوس مقدار ميل وغرق الناس في عرقهم كل على قدر عمله، وأتي بجهنم ولها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها، فإذا رأت جهنم الخلائق زفرت وزمجرت، فتجثوا كل الأمم على الركب من هول الموقف.



تذكر وقوفك يوم العرض عرياناً متوحشا قلق الأحشاء حيرانا




والنار تلهب من غيظ ومن حنق على العصاة ورب العرش غضبانا




اقرأ كتابك يا عبدي على مهل فهل ترى فيه حرفاً غير ما كانا




لما قرأت ولم تنكر قراءته إقرار من عرف الأشياء عرفانا




نادى الجليل خذوه يا ملائكتي وامضوا بعبدٍ عصى للنار عطشانا




المشركون غداً في النار مسكنهم والمؤمنون بدار الخلد سكانا




مثل لنفسك أيها المغرور يوم القيامة والسماء تمور




إذ كورت شمس النهار وأدنيت حتى على رأس العباد تسير




وإذا النجوم تساقطت وتناثرت وتبدلت بعد الضياء كدور




وإذا الجبال تقلعت بأصولـها فرأيتها مثل السحاب تسير




وإذا العشار تعطلـت وتخربت خلت الديار فما بها معمور




وإذا الوحوش لدى القيامة أحشرت وتقول للأملاك أين نسير




وإذا الجليل طوى السماء بيمينه طي السجل كتابه المنشور




وإذا الصحائف نشرت وتطايرت وتهتكت للعالمين ستور




وإذا الوليد بأمه متعلق يخشى القصاص وقلبه مذعور




هذا بلا ذنب يخاف جناية كيف المصر على الذنوب دهور




وإذا الجحيم تعسرت نيرانـها ولها على أهل الذنوب زفيـر




وإذا الجنان تزخرفت وتطيبت لفتىً على طول البلاء صبور