معظم المنظمات مازالت ليست لديها الوعي الكافي بمفاهيم رأس المال الفكري، ولا بأبعاد المعرفة، ولا بالاختلافات بين خلق القيمة و الأنشطة، التي تستخدم لتحقيق ميزة تنافسية للمنظمة في وقت اشتدت فيه المنافسة، ولم تعد فيه مكانة حقيقية في السوق إلا للمنافس الذي يمتلك ميزة تنافسية حقيقية، ومن أجل هذا أصبح ضروريا على المنظمة التركيز في إدارة طاقات رأس المال الفكري الموجود بها، حتى تحقق أقصى منفعة، فسياسات الموارد البشرية شأنها شأن الأنشطة الإدارية، تعامل الأفراد على أنهم يشبهون بعضهم البعض. لذلك فإن النظر إلى الأفراد من زاوية رأس المال الفكري يقترح أنه ليس فقط بعض الأفراد يختلفون في قيمتهم بالنسبة للمنظمة، ولكن أيضا يحتاجون لطرق مختلفة لتوجيههم، وإدارتهم و مكافأتهم.
وقد زاد النظر إلى رأس المال الفكري كمصدر لتحقيق الميزة التنافسية، حيث أن المعدل الأسرع للتعلم التنظيمي و الذي يفوق معدل التعلم في المنظمات المنافسة و تقدير قيمة الأفراد الذين يمثلون رأس المال الفكري للمنظمة من الأمور الحاسمة في تحقيق الميزة التنافسية، إضافة إلى ذلك من ضمن أنواع القيمة التي يمكن للمنظمة تحقيقها، تراكم الأرباح، تحديد الوضع الإستراتيجي، الاستحواذ على ابتكارات الآخرين، كسب ولاء العملاء، تخفيض التكلفة، تحسين الإنتاجية.(1)دورة حياة أفضل للمنظمة و المنتجات، تنمية الأفراد، الاستخدام الأمثل للموارد البشرية و المادية، تعظيم الربحية، تنمية كوادر إدارية متميزة.(2) و تتحقق هذه القيم نتيجة لبعض المبادرات و الممارسات الإدارية من قبل المنظمة، وتقوم المنظمات بتصميم هذه المبادرات لضمان الأشكال المحددة للقيمة و التي تبدو مهمة لإستراتيجية أعمالها، و التي تتحقق بصورة روتينية من خلال رأسمالها الفكري.
وفي مقال منشور في مجلة L’Expansion Management Review يتساءل أحد الكتاب في مقال تحت عنوان "ماذا لو صنفنا المنظمات حسب المادة الرمادية فيها ؟" و يرى بأن المال الذي أصبح يفيض في أسواق العملات، أصبح اليوم يركز على جيل جديد من الشركات، اقتصادية في رأس المال لكن سخية على الأفراد ذوي الكفاءات الفكرية و الذين يكلفون هذه الشركات طبعا الكثير.(3)
و في نهاية الثمانينات، قال أب إدارة الأعمال بيتر دراكر (Peter Drucker): "مصنع الغد ينتظم حول المعلومة وليس حول تألية العمليات". من أجل العيش و العمل في الاقتصاد العالمي، على المنظمات أن تظهر المعالم الجديدة للإبداع. إدارة المعرفة هي عامل إستراتيجي يسمح للمنظمات بتعظيم مزاياها على المدى البعيد مقارنة بمنافسيها. القدرة على التعلم، على التعاون و الإبداع أسرع من الآخرين أصبح بالنسبة للمنظمات المصدر الرئيسي الدائم للميزة التنافسية. وبناءا على ذلك، حتى تبقى المنظمات تنافسية، عليها أن تركز على أصولها غير المادية، أي على "رأس مالها الفكري"، و ليس فقط على أسسها البنائية، نجاح المنظمات يعتمد أكثر فأكثر على القدرات الفكرية لأفرادها و على قدرتهم على التغير، على التكيف، على التأقلم مع البيئة الاقتصادية الجديدة.(4)
...............................
(1) راوية حسن، مدخل استراتيجي لتخطيط و تنمية الموارد البشرية، الإسكندرية، الدار الجامعية، 2002، ص ص372-373.
(2) بتصرف، محمد إسماعيل بلال، إدارة الموارد البشرية، الأزريطة، دار الجامعة الجديدة،2004، ص ص321-322.
(3) site web de L’Expansion Management Review ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]).
(4) Gérard, NARO, « Le Capital Intellectuel, Priorité à L’approche Citoyenne dans L’économie de L’ère Numérique: Qu’est-Ce Que Le " Capital Intellectuel ? " » , CONFERENCE MONDIALE D’UNI POUR LES CADRES SINGAPOUR, 21-23 Août 2000, p 13.