الموضوع: الشجاعة .. من مكارم الأخلاق
الشجاعة .. من مكارم الأخلاق
إذا نظرنا إلى الشجاعة في اللغة فسنجد أنها مصدر شَجُعَ فلان، أي صار شجاعًا، ومادتها (ش ج ع) تدل على الجرأة والإقدام.
وأما في الاصطلاح فقد عرفها بعضهم بأنها: الإقدام على المكارة والمهالك عند الحاجة إلى ذلك، وثبات الجأش عند المخاوف مع الاستهانة بالموت.
وقال ابن حزم رحمه الله: "هي بذل النفس للذَّود عن الدين أو الحريم أو عن الجار المضطهد أو عن المستجير المظلوم، وعمن هُضم ظلمًا في المال والعرض، وسائر سبل الحق سواءٌ قلَّ من يعارض أو كثر".
من هنا نجد أن الشجاعة المحمودة ما كانت من باب الإقدام على مخاطرة يرجى منها خير أو دفع شر.
وبناءً على ما تقدم فإن الإقدام بغير عقل جنون، والإقدام في غير مخاطرة ليس شجاعة، بل هو نشاطٌ وهمة، والإقدام لا لتحصيل خير أو دفع شر ليس من الشجاعة المحمودة، بل هو تهور مذموم.
وسائل تقوية الشجاعة:
إن الأخلاق بصفة عامة منها ما هو فطري ومنها ما هو مكتسب، وقد ذكر العلماء العديد من الوسائل النافعة لاكتساب الشجاعة وتقويتها في نفوس أهلها ومن هذه الوسائل:
1- التمرين العملي، وذلك بالتعرض للمواقف الصعبة التي لا يُتخلص منها إلا بالشجاعة.
2- الإخلاص لله تعالى والإيمان بالقضاء والقدر، فإن المخلص الذي لا يريد إلا وجه الله تعالى وثوابه لا يبالي بلوم اللائمين، إذا كان في ذلك رضا رب العالمين، ومتى قوي إيمان العبد بقضاء الله وقدره علم أن الخلق لا يضرون ولا ينفعون، وأن نواصيهم بيد الله تعالى، عندئذٍ يطمئن الفؤاد ويقوى القلب على كل قول وفعل ينفع الإقدام عليه.
3- الاطلاع على سير وقصص الشجعان للاقتداء ومحاولة التشبه بهم.
4- مكافأة الشجعان عن طريق العطاءات المادية والثناء والتمجيد وهي من أعظم الوسائل في التربية بشكل عام ولاسيما اكتساب الفضائل الخلقية.
التربية الإسلامية تُكسب الشجاعة وتقويها:
إذا نظرنا إلى آيات القرآن الكريم وأساليب المصطفى صلى الله عليه وسلم لوجدنا أنها تخرج - عند الالتزام بها - أبطالاً شجعانًا يُقدمون ولا يحجمون، يقتحمون الأهوال برباطة جأش وثبات قلب. فهاهو القرآن يخاطب الأمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ}...(الأنفال : 45).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ * وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.. (الأنفال : 15- 16].
{وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}.. (النساء : 104).
وغيرها الكثير من الآيات التي إن عاش المسلم في ظلها تشجع وقوي قلبه.
أما سنة النبي صلى الله عليه وسلم فهي خير شاهد على المعنى الذي أردناه، ويكفي أن هذا الجيل الذي تربى على عينه صلى الله عليه وسلم قد اكتسب من خلق الشجاعة ما فاق به كل الشجعان.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوتهم في هذا الخلق العظيم، فعن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأشجع ا لناس وأجود الناس، ولقد فزع أهل المدينة فكان النبي صلى الله عليه وسلم سبقهم على فرس.... الحديث.
وقد تعرض للمواقف الجسام والخطوب العظام فما لان ولا أصابه ضعف أو خور.
نراه في غزوة أحد وقد انفض أكثر الناس من حوله وكان هدفًا لسهام المشركين وسيوفهم، ومع ذلك يبرز وينادي على المسلمين بنفسه رغم ما يحمله هذا الموقف من تعريضه للخطر لكنه شجاع يقدم ولا يبالي ومثل هذا ما كان منه في غزوة حنين حين انهزم المسلمون في بداية المعركة فنادى عليهم فاجتمعوا إليه ثم كان النصر. ويكفي في الدلالة على شجاعته قول البراء رضي الله عنه: "كنا والله إذا احمر البأس نتقي به. وإن الشجاع منا للذي يُحاذي به - يعني النبي صلى الله عليه وسلم -".
ولقد تأسى به أصحابه، فهذا أبو بكر أشجع الأمة بعد نبيها يقول فيه عليٌّ رضي الله عنه حين سأل الناس: من أشجع الناس؟ فقالوا: أنت، فقال: أما إنه ما صرعني أحد إلا غلبته، لكنه أبو بكر..".
إنها شهادة من أحد أشجع فوارس الأمة عليٌّ بن أبي طالب لصدِّيق الأمة بأنه أشجع الناس، كما يدل على شجاعة الصديق ثباته ورباطة جأشه عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك تصميمه على محاربة المرتدين ومانعي الزكاة، وغيرها من المواقف العظيمة الدالة على شجاعته.
وكذلك كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قيل لعي بن أبي طالب: إذا جالت الخيل، فأين نطلبك ؟ قال: حيث تركتموني.
فمن فرط شجاعته لا يتزحزح عن مكانه ولا يتراجع.
وكان يقول: والذي نفس أبي طالب بيده لألف ضربة بالسيف أهون عليَّ من موتة على فراش.
وقال بعض العرب: ما لقينا كتيبة فيها علي إلا أوصى بعضنا على بعض.
وهذا البراء بن مالك رضي الله عنه بلغ من شجاعته أنه قتل من الشجعان مائة رجل مبارزة، ومن أعظم مظاهر شجاعته ما كان منه في اليمامة حين زحف المسلمون إليها لقتال المشركين، فألجأوهم إلى حديقة فيها مسيلمة الكذاب فتحصن فيها الأعداء، فقال البراء: يا معشر المسلمين ألقوني عليهم، فحملوه حتى إذا أشرف على الجدار اقتحم فقاتلهم حتى فتح الله على المسلمين ووقع به يومها بضع وثمانون جراحة، فرضي الله عنه من شجاع.
وهذا سيف الله خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه، رجل من أشجع الشجعان بلغ من شجاعته أن يهجم على قائد جيش العدو ويختطفه من بين جنوده وذلك في معركة عين التمر حيث كان على قوات نصارى العرب عقة بن أبي عقة، وكَّل خالد بنفسه حوامي من جانبيه وقال لهم: اكفوني ما عنده فإني حاملٌ عليه، وبينما عقَّة مشغول بتسوية صفوفه إذ بخالد رضي الله عنه يتقدم وحوله عشرة من جنده نحو عقَّة يحتضنه ثم يحمله كالبرق ويعود به أسيرًا إلى صفوف المسلمين وقد تجمدت الدماء في عروق المتنصرة حين رأوا هذا ا لمشهد الرهيب فلم يتحملوا الصدمة ولاذوا بالفرار، وركب المسلمون أكتافهم يقتلون ويأسرون.
أرأيت شجاعة كهذه؟!!.
وما لهم لا يكونون كذلك وقد أيقنوا بقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.. (التوبة : 111).
أشجع العرب في شعره
قيل لعبدالملك : من أشجع العرب في شعره ؟ فقال : عباس بن مرداس حين يقول :
أشد على الكتيبة لا أبالي ----- أحتفي كان فيها أم سواها
الفرق بين الشجاعة و الجرأة
إن الفرق بين الشجاعة والجرأة أن الشجاعة من القلب وهي ثبات القلب واستقراره عند المخاوف وهو خلق يتولد من الصبر وحسن الظن، أما الجرأة فهي إقدام سببه قلة المبالاة وعدم النظر في العاقبة والاندفاع بدون تفكير ولا حكمة.
من أقوالهم في الشجاعة:
قال الذهبي رحمه الله: لا ينبغي أن يقدم الجيش إلا الرجل ذو البسالة والنجدة والشجاعة والجرأة، ثابت الجأش، صارم القلب صادق البأس، ممن قد توسط الحروب ومارس الرجال ومارسوه، ونازل الأقران وقارع الأبطال، عارفا بمواضع الفرص، خبيرا بمواقع القلب والميمنة والميسرة. فإنه إن كان كذلك وصدر الكل عن رأيه كانوا جميعا كأنهم مثله.
وقيل: الشجاع محبب حتى إلى عدوه، والجبان مبغض حتى إلى أمه.
وقالت الحكماء :
أصل الخيرات كلها في ثبات القلب، ومنه تستمد جميع الفضائل وهو الثبوت والقوة على ما يوجبه العدل والعلم ،...و الشجاعة غريزة يجمعها حسن الظن بالله تعالى.
وقال بعضهم:
ليس الشجاع الذي يحمي فريسته ----- عند القتال و نار الحرب تشتعل
لكن من رد طرفاً أو ثنى وطراً ----- عن الحرام فذالك الفارس البطل
وقالوا
و لـو أن الحياة تبقى لحيّ -----لعددنا أضـلنـا الشـجعـانـا
و إذا لم يكن من الموت بدّ -----فمن العجزأن تموت جبانا.
المصدر: موقع إسلام ويب
بحث حول قول الرسول صلى الله عليه وسلم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "
الباحــث :
د . صيدلى / جمال محمد الزكي (مشاركات: 3)
مما هو واقع مشاهد في الحياة أن لمخالفة المنهج الإسلامي آثارا وخيمة تنعكس على كل جوانب الحياة، وعلى الأفراد والمجتمعات. ذلك أن من ينهج سبل الانحراف مبتعدًا عن منهج الإسلام يقيض له من يجلب القلق... (مشاركات: 1)
الأخلاق... ثم القانون
فوجئنا بهجوم من أفراد ومؤسسات ينشرون مطبوعاتنا على الإنترنت ويتيحونها لغير المشتركين دون وجه حق! كان معظم هؤلاء الأفراد من أصحاب المدونات، وقد فعلوا ذلك بنوايا حسنة؛ في حين... (مشاركات: 2)
الحلم سيد الأخلاق
ـ قِمّة ما يتمناه العبد يوم القيامة أن يُبعث في زمرة حسن الخلق. وما من شيء أثقل في ميزان العبد من الخُلُق الحسن وصاحب الخلق الحسن ليبلغ بحسن خُلقه درجة الصائم الذي لا يفطر... (مشاركات: 0)
من الصعب الوصول إلى قمة الأخلاق في هذا الزمن
الذي يسير على قاعدة إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب ليست نظرة تشاؤمية ولكنها النظرة الواقعية
ما يسعني قوله أننا لسنا مثاليون لكننا نسعى للمثالية
... (مشاركات: 4)
صمم هذا البرنامج لمساعدة المتدربين في تعلم كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في انتاج المحتوى الرقمي على سبيل المثل الحصول على تصميمات الجرافيك وعمل المونتاج وكتابة المحتوى واعداد العروض التقديمية. وكذلك تحليل البيانات الكبيرة وتحسين الانتاجية.
برنامج تدريبي لتمكين قيادة أنظمة الجودة في المنشآت الصحية المعتمدة وفقا لمعايير سباهي حيث يزودهم بالادوات والمعارف اللازمة للحفاظ على الاعتماد وتجديده ويكسبهم مهارات القيادة وتحليل البيانات وادارة المخاطر واكسابهم القدرة على تدريب فرق العمل وضمان الامتثال المستمر للمعايير في المستشفيات والمنشآت الصحية.
أول برنامج تدريبي عربي يهدف إلى تدريب المشاركين على معايير جودة الأمن السيبراني في المؤسسات والشركات، كذلك تعزيز وعي المشاركين بتأثير سلامة المعلومات والبيانات الحساسة وتعريفهم بالتهديدات السيبرانية وكيفية التعامل معها، كذلك تعزيز الممارسات الأمنية والإجراءات الواجب اتباعها لحماية الأنظمة والبيانات، ويركز هذا البرنامج التدريبي المتخصص على تعزيز القدرات الفنية للمشاركين فيه مع التركيز على آليات استخدام احدث التقنيات في حماية الأنظمة والبيانات.
برنامج تدريبي يساعدك على فهم فلسفة ادارة التميز المؤسسى والمتطلبات الرئيسية لها وفهم النماذج الاوروبية والامريكية واليابانية لادارة التميز فى المؤسسات الرياضية والإلمام بمعايير التميز وكذلك جودة الخدمات فى المؤسسات الرياضية والقيادة الرشيدة والابداع الادارى والابتكار وسيتعرف على استخدام بطاقة الاداء المتوزان ( BSCE) بالمؤسسات الرياضية والالمام بمفهوم الريادة المؤسسية والاستراتيجية فى المؤسسات الرياضية والتعرف على التطبيقات و الممارسات العملية فى ادارة التميز فى المؤسسات الرياضية .
برنامج يتناول موضوع التشريعات والقوانين الرياضية والنظم القانونية للرياضة والحامية الدستوية للحق في الرياضة وهرمية التشريعات الرياضية والتشريعات الرياضية العربية و لوائح النظم الاساسية والجمعيات العمومية وغير العمومية بالمؤسسات الرياضية و تسوية المنازعات والتحكيم فى المجال الرياضى و دراسة مقارنة بين القانون المصرى والفرنسى فى تسوية المنازعات فى المجال الرياضى