الإجابة على هذا السؤال، تحتاج منك إلى بعض الهدوء والتفكير العميق، فهناك الكثير من الأفكار التي قد تمنعك من المبادرة بأخذ زمام نفسك بيدك، وتبعث في نفسك اليأس، وتضعف من حماسك للسير قدمًا نحو تحقيق أهدافك، فقد تضيع فرص كثيرة في الحياة؛ بسبب بعض الأفكار السلبية، أما الآن فقد آن الأوان للتغيير، ولكن كيف يمكن أن نغير هذه الأفكار إن لم نكن نعرفها أصلًا؟
إن قاموس النجاح لا يحتوي على كلمتي "إذا" و"لكن"؛ لأن كلمة "إذا" تعني الركون إلى التسويف والكسل، وأن تنتظر الفرصة حتى تأتي إليك لتطرق بابك بدلًا من أن تبحث أنت عنها، أما كلمة "لكن" فتعني أن تخلق من كل فرصة مشكلة وصعوبة، لا أن ترى في كل مشكلة فرصة للتعلم والمحاولة.
كم مرة قلت لنفسك: "لا أستطيع"، "ليس الآن"، "لقد فات الوقت"، "مستحيل"، وما شابهها من الأفكار التي جعلتك تتوقف، أو تتخاذل حتى فاتتك الفرصة، وربما العديد من الفرص؟
مثل هذه الأفكار ينبغي أن لا تبقى في ذهنك، بل يجب أن تتخلص منها بسرعة؛ لأنها تتكاثر كالفيروسات، حتى تستولى على كل عقلك وتفكيرك فتعطله.
هل لا زالت الصورة غير واضحة؟ دعنا إذًا نأخذ بعض الأمثلة:
الإحساس بتقدم السن:
كثير من الناس، من مختلف الأعمار والأجناس والمستويات الاجتماعية، ولا أكون مبالغًا إذا قلت أن عامل العمر أو السن كان من أكثر الأشياء التي يتحججون بها (على سبيل الحقيقة أو من باب الدعابة أحيانًا أخرى)، للتملص من المسؤولية، أو تأجيل العمل على تغيير حالهم للأفضل، كثير منهم يقول: "لم يعد سني مناسب لعمل كذا" أو "لقد كبرت ولم أعد أصلح لكذا ...".
لا شيء يحبط الإنسان ويقتل طموحه وأحلامه، مثل أن يلقي المسؤولية على جانب من جوانب حياته لا قِبَلَ له به، مثل مسألة العمر؛ لأنه ببساطة يحيل نفسه إلى التقاعد، ويأخذ دور المتفرج السلبي، الذي يسير نحو اليأس وفقدان البهجة في الحياة، والشعور بالاكتئاب.
لكن، هل يمكن التوقف عن تدمير الذات بهذا الشكل؟
الجواب، نعم، بالعمل، وليس بالقول فقط، إذا وجدت نفسك تستخدم هذه الحيلة القاتلة (حيلة العمر)، اسأل نفسك مباشرة "ولم لا؟" وبدلًا من الاستسلام لهذه الحيلة المحبطة، ابدأ مباشرة في التفكير في كيفية عمل ما تريد عمله لوضعه موضع التنفيذ، حتى في هذه السن، أنت لست مُطالبًا بالنتائج، فالتوفيق بيد الله وحده، ولكنك مطالب بحسن العمل فقط؛ لكي يتحقق فيك قوله تعالى: (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملًا) [الكهف: 30].
لا أستطيع:
بل تستطيع، إن الشيء الذي استطاع أمثالك أن يفعلوه، تستطيع أنت أيضًا أن تفعله، كل الأيام لكل الناس تحتوي على 24 ساعة، إذًا ما الذي ينقصك؟
كل الذي ينقصك هو أن تقول لنفسك: "نعم أستطيع"، ليس من قبيل إيهام نفسك وخداعها، ولكن من قبيل أن ترى الحقيقة كما هي، وأنك فعلًا تملك القدرات اللازمة، كل ما هنالك أنك اخترت فيما مضى أن لا تُفَعِّلَ هذه القدرات، وأتمنى أن تكون الآن قد قررت أن تفعل شيئًا مختلفًا.
الإرادة كالسيف:
يقول عباس العقاد رحمه الله: (الإرادة كالسيف يصدئه الإهمال، ويشحذه الضرب والنزال)، فمن لا يستخدم إرادته ويركَنُ إلى الخمول والكسل، يفقد قوته وقدرته على الحركة.
فأنت تستطيع أن تصنف نفسك في خانة الناجحين أو الفاشلين بإرادتك، فالفرق بين الناجح والفاشل ليس فرقًا في المعرفة أو القدرة، بل في الإرادة، من مَلَكَ الإرادة ملك القدرة، ومن فقدها قال "لا أستطيع".
تعهَّد حديقتك بالعناية:
العقل كالحديقة التي لا يكفي أن تزرع فيها الأزهار والنباتات الجميلة؛ لأنها ستموت إذا لم تقم بعملية أخرى مهمة وهي إزالة الحشائش والنباتات الضارة، فعندما تتخلص من كل الأفكار السلبية التي تعوق تقدمك نحو أهدافك، فإنك تستطيع أن تتبنى أفكارًا إيجابية تحقق لك ما تريد.
وحينها فقط ستذوق طعم النجاح، وسيكون جزءًا من هويتك الشخصية، ولن تستطيع التخلي عنه؛ والسبب هو أن الذي يملك الإيمان بنفسه ويعتقد أنه ناجح، لا يستسلم مهما واجه من عقبات، بل يستمر في المحاولة والسير حتى يحقق النجاح، في المقابل نرى أن الذي لا يرى في نفسه إلا الفشل يستسلم بسرعة عند أول عقبة، وينهار قبل الوصول إلى الهدف، وقد تكون العقبة الأولى هي أفكارك السلبية.
هل هناك أفكار أخرى تجعلك تتردد وتحجم عن أخذ زمام المبادرة، بالتغيير الفعال في حياتك؟
ربما، إذًا جرّب أن تتعرف على هذه الأفكار، وتناقشها بكل عقلانية، وتستبدلها بأفكار إيجابية مفيدة