السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحقيقة أمامك أم خلفك؟

ينقسم الناس في ظاهرهم إلى قسمين: - قسم تتقدمه شخصيته. – و قسم يتقدم شخصيته.

الذين تتقدمهم شخصيتهم: هم مَن يظهرون ما خفي عن أعين الناس من خصالهم و أطباعهم , و لم يخفوا حقيقة شخصيتهم خوفاً من بروز عيوبهم , فكانت لديهم الشجاعة الكافية لإظهار ما يخفيه قلبهم , و ما يتبناه من معتقدات عقلهم , ولم يتركوا شيئاً للخفاء , فأمرهم كله علانيةً , إلا ما يحتسبون من الله أجره .

و سبب شجاعتهم ليست جرأتهم , و إنما حسن بنائهم لأنفسهم , و حفظهم لقلوبهم من المفاسد , و لسانهم من الزلل , و أفعالهم من العلل , و طريقهم من العوج , فلا يرون في أفعالهم ما يستحق خفاءَه , فإذا تحدثوا تحدثوا بالصدق , و إذا أخطئوا تواضعوا للحق , و إن وعظوا أخذوا بالوعظ , و إن احتاروا طلبوا الرأي .

فبدؤوا بأنفسهم , و أصلحوا شأنهم , و أخلصوا حتى لا تكون أفعالهم للمديح و الثناء عليهم , و عرفوا الخصال الحميدة , و أيقنوا بلباسها النظيفة , و إن السعي فيها مشكور , فسلكوا طريق حصدها , و صبروا عن الهوى , و ساروا عكس رياحها .

و كما يعلم جميعنا , إن الإنسان لا يخلوا من العيوب , ولا العلل , ولكن الفرق هو أن هناك من يجاهد نفسه لسد الثغرات , و الحذر من المزلات , و نفض عن ملابسه الملوثات , حتى يطهر ثوبه , فمثل هؤلاء لا يخافون ولا يختبئون خلف الأقنعة الوهمية , لأن التخفي لمن قلة محاسنه .
" و كلما قلة العيوب ازدادت الثقة "

فالثقة تأتي من قلة العيوب , و تقل العيوب بالسير في الطرق السليمة , و الإعراض عن الطرق التي بالمغريات تزينت , و بالأصوات الصاخبة و الضحكات تعالت , و التي لا يدخلها إلا من غلبت عليه نفسه و رضا بالدون .

و في الجهة المقابلة , قسم من الناس يتقدمون شخصيتهم , لإخفاء ضعفها و سوئها عن بعض فئات المجتمع , فيوهمون من أرادوا إيهامهم بحسن أخلاقهم , و صفاء قلوبهم , و طهارة أنفسهم , و سلامة ألسنتهم , فإذا التقوا بأصدقائهم أو خلوا بأنفسهم زالت هذه الفضائل , مثلهم مثل الذي لديه مساحة من الأرض , فبنى حولها سور جميل و جذاب , و ترك الأرض خالية , ليوهم الناس بسوره الجذاب , بأن ما خلف السور أجمل و أعظم , فمن فعل ذلك فهو بلا شك أحمق , لأنهُ حرص على المظهر و ثناء الناس , و ترك الأرض التي ينتفع بها خالية .

فالإنسان عليه تربية نفسه , و بناء الأساس قبل الجدران و السقف , و أن يتحلى بالأخلاق الحسنه لإرضاء الله و ذاته , و ليس ليُقال عنه , و أن لا تكون فقط أمام أُناس معينيين للمصلحة أو لغايات دنيوية , و يجب أن تكون هذه التربية تربية داخلية قلبية , فإذا القلب تربى , فالجسد تأدب .

"و الشخصية الحقيقية هي من تكون بنسبة كبيرة في علانيتها كما هي في خلواتها ."

الكاتب: راشد خليفة المزروعي .

Twitter: @rashidkhalifa