كثيراً من الناس للأسف يعيشون حياتهم سبهلله ، وكثير منهم أيضاً يحولون الوسيلة هدفاً وويختزلون الغاية الكبرى إلى هدفاً قصير المدى أو مهمة تعبدية تاك اواي.. وهذا ما نعايشه في رمضان .. فبعض الناس تتعامل مع رمضان بالعاطفة الإيمانية وتعتبره مناسبة دينية عابرة ، تستقبله بفرحة ، وتقضي لياليه بين أنس العائلة وبهارج الأسواق ، وتودعه بفرحة وأمنيات ودعوات ، ثم ماذا ؟ غلق صفحة رمضان في حياتهم ، ألم يعلموا بأن رمضان جاء منقذاً ومعيناً ومخلصاً للآفات والركام الذي اعتلى نفوسهم ... فرمضان محطة للتزود بالوقود وشحن لبطارية القلب الذي تراكم عليه الصدأ والران ، واعتلته الأتربة والأدران واقتحمته الأمراض ، وفتكت به المعاصي والذنوب ، فيأتي رمضان منقياً ومفلتراً للقلب ، ومنبهاً وموقظاً وشاحذاً للهمم ، ومجدداً للعهد ، ومذكراً بالهدف الذي خلقنا الله من أجله .. { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } .. ومذكراً بالهدف من صيامه .. { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } ..التقوى التي يندثر آثارها طول العام ، .. يعلم الله طبيعة النفس البشرية .. إنها تنسى وتفتر ، وتحتاج إلى معينات { ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً } فسبحان الله العظيم فرمضان يضعنا على منصة الانطلاق ويهيئ نفوسنا من جديد لنعود إلى الأصل ونتذكر الهدف لنعمل من أجله ونكون على العهد .. ولا ينبغي أن يكون رمضان هو الغاية .. بمعنى بأنه بمجرد انقضائه وقمنا بصيامه وقيامه فقد وصلنا إلى الغاية العظمى .. فهذا خلط كبير ، وهذا نموذجاً فقط نسوقه لما نعيشه من فوضى في حياتنا . ويا ليتنا نستدرك ما فات ، ونصحح مسارنا خاصة ونحن في شهر جاء إلينا ليحملنا على تغيير مألوفاتنا وكسر عاداتنا . فهل نستغل هذه الغنيمة الكبيرة ونستثمر وجود رمضان بكل فوائده وعطائه وبركاته . أسأل الله ذلك.