مبادئ الإقناع:


لما كان الإقناع يقوم على الاتصال الهادف إلى مخاطبة عقل الجماهير في محاولة لإقناعها بفائدة مضمون الاتصال وبالتالي كسب تأييدها كنتيجة للتقبل والرضا ، فإنه يمكننا إعادة صياغة مبادئ الإقناع التي يستهدي ويسترشد بها العاملون في كافة المجالات الاتصالية لإقناع جمهورهم الذي يتعاملون معه كما يلي :
1- وجود اقتراحٍ مقبول : بمعنى أن تتضمن الرسالة التي يحاول الشخص إيصالها إلى جمهوره بعض الجوانب التي تلقي قبولاً لديه مما يُشكل عاملاً مشتركاً وأرضية مشتركة يقفان عليها للانطلاق إلى الهدف نفسه .
2- أن يعكس الاقتراح رغبات الأفراد ومطالبهم : فكلما ارتبطت الرسالة مضمون الاتصال بأمر يمس مصالح الأفراد ويُعبر عن حاجاتهم أو رغباتهم وطموحاتهم كلما لاقت الاهتمام والقبول فالتقبل والتبّني من الجمهور.
3- أن يشمل الاقتراح جوانب تُظهر نتائجه المتوقعة : فكلما اشتملت الرسالة على معلومات وحقائق مستمدّة من خبراتٍ سابقة توحي بما ستُفضي إليه مضامين الرسالة وما سيؤول إليه الاقتراح من نتائج مفيدة ونافعة كلما لاقت القبول.
4- أن يصدر الاقتراح عن شخص موثوق به : فالرسالة إذا صدرت عن وجهة تحوز على ثقة الجمهور واحترامه كلما كنت أكثر تقبلاً منه .
5- أن يقدّم الاقتراح بصفة شخصية ومباشرة : فالشخصية أو الجهة التي تحوز على رضا وقبول الجمهور يمكنها تقديم الاقتراح بشكل شخصي ومباشر مع ما يستلزم ذلك من شرح بالنسبة للاقتراح وأسلوب تطبيقه .
ويمكن تلخيص هذه المبادئ بما يلي :
1. مبدأ المعرفة : أي الجماهير تأثير تطبيق على مصالحها .
2. مبدأ الحركة : حيث أن قبول الاقتراح مرهون بمعرفة الجماهير لكيفية تطبيقه.
3. مبدأ الثقة: أي أن يصدر الاقتراح عن شخص أو منظمة ذات سمعة طيبة .
4. مبدأ الوضوح : أن يُصاغ الاقتراح لا لبس فيها ولا غموض.
أهمية الإقناع في الحياة

من الصعوبة أن يتقدم ويتطور مجتمع لا يملك القناعة الكافية بضرورة الأخذ بوسائل الحضارة المتقدمة من تكنولوجيا صناعية وزراعية وتقنية اقتصادية ومهنية وغيره .. وهنا نلمح ضرورة الإقناع ، ونشعر بأهميته في أمور الحياة المتعددة ، وتلح ضرورته في الأمور الدينية ، كما أن الإقناع في أمر ما ليس من الضروري أن يكون بصورة مباشرة وموجهة لكل شخص بعينه ، لأن ذلك قد يصعب تحقيقه دائماً .. ولأن التأثر والتأثير الجماعي يشكل نوعاً من الإقناع ويؤدي إلى التقليد .
وقد قامت الباحثة الاجتماعية كاتلين ريدون بدراسة حول الإقناع وأهميته ، فأشارت إلى حقيقة اجتماعية ، وهي أن الناس يعتمدون على بعضهم ، ويتصرفون بالكيفية التي تخلق التوافق بينهم ، فكل منهم عليه أن يجد الأساليب التي تجعل سلوكه المحقق لأهدافه مقبولاً من الآخرين ، ذلك لأن أنماط الحياة تؤكد على أن الناس كائنات اجتماعية ، فهم في حـاجة إلى أن يكونوا في صحبة الآخرين ، وأن يكونوا مقبولين منهم وهذه الحاجة التي يشعرون بها لا يمكن تحقيقها إذا جاء سلوكهم متعارضاً مع أهداف الآخرين ، ويأتي الإقناع كأسلوب يحاول به الناس أن يغيروا سلوك الآخرين.
فلكي تقنع مزارعين بسطاء باستخدام الأساليب التكنولوجية الحديثة في الزراعة لابد أن يشاهدوا النتائج أولاً ، ويمكن أن تتكرر العملية ذاتها بالنسبة للحاسب الآلي لتطوير الإدارة في المؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة ، فالكثير من أصحابها وممن يقومون عليها ليست لديهم القناعة الكافية بالدور الكبير الذي يقوم به الحاسب الآلي ، ومهما شرح لهم وجرت معهم محاولات للإقناع بجدوى ذلك فمن غير الممكن التسليم بنجاح هذا الأمر ، ولكن تطبيق ذلك في مؤسسةٍ ما مشابهة لتلك ومشاهدة النجاح الباهر والأداء الكبير لهذا الجهاز ، عندئذٍ ستكون تلك عملية إقناعية جيدة، وهي بالطبع ليست مباشرة ، فكل صاحب مؤسسة سيحاول الحصول على ذلك الحاسب واستخدامه في إدارة أعماله ، الأمر نفسه سوف يتكرر مع باقي المؤسسات بسبب عامل التأثر والتأثير.
إن أهمية الإقناع لا تقف عند هذا الحد بل إن الأمر يتعدى ذلك مجال التعليم والتربية، فالتعليم بعضه يقوم على التجارب والأرقام والأفكار والملاحظة ، ولكل منها نتائج يجب أن تكون صحيحة و إلا أصبحت الرسالة التعليمية المقدمة غير مقنعة ، فالعلوم الرياضية كالهندسة والجبر ونحوهما تقوم أساساً على مبدأ الإقناع والبرهان وكل ذلك يدل على أهميته في مجال التعليم وكذلك التربية ، فالطفل لا يمكن أن يقتنع بخطر النار والمياه الساخنة إلاَّ إذا شعر بها بنفسه ، ولا يمكن أن يقتنع بأن الكذب غير محبوب وخلق سيئ إلاَّ إذا شعر بنتائجه الوخيمة ، والمراهق أيضاً لا يمكنه أن يدرك أضرار التدخين إلاَّ بالمشاهدة ، والأمر ينجرّ على سائر المجالات الأخرى التي يدخل فيها الإقناع كالدين بشكل رئيسي والإدارة ، والعلاج النفسي ، فمثلاً عندما يتقدم شاب لخطبة فتاة ما ، فمن الضروري وجود الاقتناع بين الطرفين وإلا انتهى الزواج بالفشل في غالب الأحيان
إذن نخلص مما سبق إلى أن توفر عنصر الإقناع والاقتناع من الأهمية بمكان في جميع أمور الحياة المختلفة سواءً المتعلقة بالفرد أو المجتمع ، كما أن الإقناع يأخذ أهميته في المسائل الدينية ، فاعتناق دين ما لا يكون سهلاً وكذا الاعتقاد بمذهب أو فلسفة ذات صبغة روحية لا تقع لأحد إلاًّ بعد حصول الإقناع والتأثير من طرف آخر ، إن عمليات الإقناع بين الناس تحتاج لمزيد من الدراسة والبحث المستفيض ، وتحتاج إلى تقديمها بأسلوب علمي أكاديمي ، فيستفيد منها أصحاب الفكر وحملة مشاعل المعرفة والدعاة المخلصون.
نجاح عملية الإقناع :

من أجل سير عملية الإقناع بصورة سلسة وحتى لا تضيع الجهود سدى لا بد من مُراعاة بعض العوامل في عملية الإقناع التي نريد إيصالها إلى الجمهور فيتقبل مضمونها ويتبنّاها وهذه العوامل هي :
1- البساطة والوضوح : يجب أن تكون العملية بسيطة وواضحة المضمون وكذلك في لغتها ويجب أن تكون مترابطة متسلسلة ومنطقية ولغتها تتناسب مع احتياجات الموقف نفسه وتكون كذلك كاملة مختصرة صحيحة ومفهومة.
2- الإثارة والتشويق : لا بد أن يكون في عملية الإقناع نوع من التشويق وإثارة الانتباه والاهتمام مما يحفز المتلقي على التعاون ، كما يجب أن لا تتضمن أو تُشعر بأي طريقة تجريح أو لبس أو تعالي على المتلقي.
3- إشباع الرغبات والحاجات : لدى المتلقي حاجات كثيرة مما يجب معه معرفة تلك الرغبات والحاجات التي تنسجم مع مضمون الرسالة للعمل على إشباعها ما أمكن وغالباً ما تعمد الرسائل إلى إثارة حاجة حب الاستطلاع وأحياناً الحاجة إلى الأمان وهكذا ..
4- المصداقية في المضمون وفي المصدر نفسه : وهذا يتطلب منا توخي الصدق في المعلومات والدقة والوضوح . كما أن المصدر إذا كان يحظى بالقبول لدى المتلقي فإنه يكون باعثاً على الثقة ومن ثم الارتياح والاقتناع بما يقول يرسل.
5- الإثابة والتعزيز : ففي كافة أشكال الاتصال وعند البحث عن عنصر الإقناع لابد من ممارسة هذا المبدأ لنجاح الاتصال بشكل عام . ويكون ذلك أحياناً بمساعدة المتلقي على الرد على الرسالة وإشعاره بالاهتمام بها وغيرها من الأساليب المناسبة