آثار الذنوب على الأفراد والشعوب 2


إِنَّ أَضرَارَ المَعَاصِي، وَشُؤمَ الذُنُوبِ عَظِيمٌ وَخَطِيرٌ؛ وَلَهَا «مِنَ الآثَارِ القَبِيحَةِ المَذمُومَةِ، وَالمُضِرَّةِ بِالقَلبِ وَالبَدَنِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، مَا لَا يَعلَمُهُ إِلَّا اللّٰهُ»[1]. فَمِنهَا:

أَوَّلًا: حِرمَانُ العِلمِ: فَالعِلمُ نُورٌ يَقذِفُهُ اللّٰهُ فِي القَلبِ، وَالمَعصِيَةُ تُطفِئُ ذَلِكَ النُّورَ، فَكَم هِيَ المَعَارِفُ الَّتِي تَعَلَّمنَاهَا ثُمَّ تَاهَت فِي سَرَادِيبِ النِّسيَانِ، كَانَ سَبَبَ ذَلِكَ المَعَاصِي.
فَكَمْ مِنْ حَافِظٍ لِكِتَابِ اللّٰهِ أُنسِيَهُ حِينَ تَعَلَّقَ قَلبُهُ بِمَعصِيَةٍ، وَكَم مِن مُجِدٍّ فِي الدَّعوَةِ إِلَى اللّٰهِ حُرِمَ بَرَكَةَ ذَلِكَ بِسَبَبِ الذُّنُوبِ.
شَكَوتُ إِلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفظِي***** فَأَرشَدَنِي إِلَى تَركِ المَعَاصِي
وَقَالَ: اعلَم بِأَنَّ العِلمَ فَضلٌ*****وَفَضلُ اللّٰهِ لَا يُؤتَاهُ عَاصٍ
قَالَ شَيخُ الإِسلَامِ رحمه الله: «وَاللّٰهُ سُبحَانَهُ جَعَلَ مِمَّا يُعَاقِبُ بِهِ النَّاسَ عَلَى الذُّنُوبِ: سَلْبَ الهُدَى وَالعِلمِ النَّافِعِ»[2].
وَلَمَّا كَانَ أَهلُ القُرُونِ المُفَضَّلَةِ أَتقَى لِلّٰهِ، وَأَبعَدَ عَنِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّ مَن بَعدَهُم كَانَ دُونَهُم فِي تَحقِيقِ العِلمِ وَإِصَابَةِ الحَقِّ.
قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ رحمه الله: «مَا مِنْ أَحَدٍ تَعَلَّمَ القُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ، إِلَّا بِذَنْبٍ يُحْدِثُهُ؛ وَذَلِكَ بَأَنَّ اللّٰهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿وما أصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيْكُم ويَعْفُوا عَن كَثِير﴾، وَنِسْيَانُ القُرْآنِ مِنْ أَعْظَمِ المَصَائِبِ»[3].


[1] «الداء والدواء» لابن القيم (ص 85).

[2] «مجموع الفتاوى» (14/152).

[3] رواه ابن المبارك في «الزهد» (رقم: 85)، وقال الشيخ أبو إسحاق الحويني في تعليقه على «فضائل القرآن» لابن كثير (ص 222): «سنده جيد».