لقد تميز عصر الخلافة الإسلامية العثمانية بالتألق في الفتح الإسلامي عن طريق الاعتماد على جيشه القوي ونظامه المتألق، عند ذلك الوقت في عالم المنافسة الحربية، وكان من أهم عوامل النصر والفتح الإسلامي في العصر العثماني بعد توفيق الله سبجانه وتعالى هو الاعتماد على العناصر البشرية الشجاعة والمدربة تدريباً عالياً جداً لاستعمال أحدث الأسلحة والتكنولوجيا الحربية، كما أنه من ضمن هذا الجيش الجبار الجرار يوجد مجموعة من الوحوش البشرية، تسمى الانكشارية، والتي كانت تولي كل الاهتمام من قبل الخليفة العثماني من تدريب، وإعداد نفسي، وبدني، من الصغر للفتح، والعراك العسكري.

إن المنافسة التجارية بين الشركات في سوق عصرنا الحالي قد تعتمد في منافستها على إستيراتيجيات، وطرق عدة، لكن من أهم وأقوى هذه الطرق، رغم عدم سهولة تحقيقها، هي تكوين مجموعة من الموارد البشرية ذات طابع خاص، وعلم واسع، وأداء متميز، يصعب على الشركات الأخرى محاكاته، لا سيما منافسته، قد تتميز أي شركة بتكنولوجيا حديثة للمنافسة الفعالة في السوق، حسب إستراتيجيتها، لكن هذا التميز التكنولوجي للقدرة على المنافسة في السوق هو تميز قصير الأجل لإمكان محاكاته من قبل أي منافس في السوق، بعد وقت قصير. وعلى عكس ذلك فالشركات التي تستطيع أن تتميز بمواردها البشرية، فإن قدرتها على المنافسة تكون طويلة الأمد، لأنه من الصعب على الشركات الأخرى محاكات هذه القدرات للموارد البشرية.

كما أنه لكل إستراتيجية حاجة لقدرات معينة للموارد البشرية، وسياسة خاصة للتعامل مع هذه الموارد البشرية، فعلى نموذج بورتر 
«Porter’s Model»، فإن الإستراتيجيات تتكون من ثلاثة أنواع:

النوع الأول : هو الإستراتيجية المعتمدة على التكاليف القليلة، ولذلك فإن الموارد البشرية يجب أن تملك قدرة ومهارة فعالة في تقليل التكاليف مع نمو المبيعات.

النوع الثاني : هو الإستراتيجية المعتمدة على التميز في الخدمات والمنتجات، ولذلك من اللازم وجود موارد بشرية متميزة في الإبداع، لتوفير التميز في الخدمات والمنتجات.

النوع الثالث : هو الإستراتيجية المعتمدة على التركيز على شريحة معينة من العملاء في السوق، ولذلك فإن الموارد البشرية يجب أن تكون مدربة تدريباً خاصاً على المهارات الخاصة للتعامل مع هذه الشريحة في السوق.

والسؤال هنا : هل من الممكن للشركات والمؤسسات التي تريد أن تنافس بقوة أكبر في السوق أن تولي جل اهتمامها بمواردها البشرية، لكي تحملها على أكفف الراحة إلى القمة، ولو بعد حين أو وقت طويل من اتباع إستراتيجية ثابتة؟!

بقلم: خالد الحسينان