كلنا نواجه هذا اللون من الاستفزاز
الذي هو اختبار لقدرة الإنسان على الانضباط،
وعدم مجاراة الآخر في ميدانه،
وهناك تسعة أسباب ينتج عنها أو عن واحد منها ضبط النفس:
أولاً: الرحمة بالمخطئ والشفقة عليه،
واللين معه والرفق به.
قال سبحانه وتعالى لنبيه محمد
-صلى الله عليه وسلم-:
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ
فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر)
[آل عمران: 159].
وفي هذه الآية فائدة عظيمة وهي:
أن الناس يجتمعون على الرفق واللين،
ولا يجتمعون على الشدة والعنف؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال:
(وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)
[آل عمران: من الآية159].
وهؤلاء هم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- من المهاجرين والأنصار -رضي الله عنهم-،
والسابقين الأولين؛ فكيف بمن بعدهم؟!
وكيف بمن ليس له مقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
من الناس؛
سواء كان من العلماء أو الدعاة أو ممن لهم رياسة أو وجاهة؟!
فلا يمكن أن يجتمع الناس إلا على أساس الرحمة والرفق.
َقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه لِرَجُلٍ شَتَمَه:
"يَا هَذَا لَا تُغْرِقَنَّ فِي سَبِّنَا وَدَعْ لِلصُّلْحِ مَوْضِعًا فَإِنَّا لَا نُكَافِئُ مَنْ عَصَى اللَّهَ فِينَا
بِأَكْثَرَ مِنْ أَنْ نُطِيعَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ".
وَشَتَمَ رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ فَقَالَ له الشَّعْبِيُّ:
"إنْ كُنْتُ كمَا قُلْتَ فَغَفَرَ اللَّهُ لِي وَإِنْ لَمْ أَكُنْ كَمَا قُلْتَ فَغَفَرَ اللَّهُ لَكَ".
فلا بد من تربية النفس على الرضا، والصبر، واللين، والمسامحة؛
هي قضية أساسية،
والإنسان يتحلّم حتى يصبح حليمًا.
وبإسناد لا بأس به عن أَبي الدَّرداءِ قالَ: قالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:
" إِنَّما العلمُ بالتعلُّم، وإِنما الحِلْمُ بالتحلُّمِ،
مَنْ يَتَحَرَّ الخيرَ يُعْطَهُ، ومَنْ يَتَّقِ الشرَّ يُوقَه ُ".
فعليك أن تنظر في نفسك وتضع الأمور مواضعها قبل أن تؤاخذ الآخرين،
وتتذكر أن تحية الإسلام هي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
التي أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نقولها لأهلنا إذا دخلنا،
بل قال الله -سبحانه وتعالى-:
(فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ)
[النور: من الآية61].
وأن نقولها للصبيان والصغار والكبار
ومن نعرف ومن لا نعرف.
وعن عمار رضي الله عنه قال:
" ثَلاَثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ:
الإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ،
وَبَذْلُ السَّلاَمِ لِلْعَالَمِ،
وَالإِنْفَاقُ مِنَ الإِقْتَارِ"
لهذه التحية معان،
ففيها معنى السلام:
أن تسلم مني، من لساني ومن قلبي ومن يدي،
فلا أعتدي عليك بقول ولا بفعل،
وفيها الدعاء بالسلامة،
وفيها الدعاء بالرحمة،
وفيها الدعاء بالبركة…
هذه المعاني الراقية التي نقولها بألسنتنا
علينا أن نحولها إلى منهج في حياتنا،
وعلاقتنا مع الآخرين.
ثانيًا: من الأسباب التي تدفع أو تهدئ الغضب
سعة الصدر وحسن الثقة؛
مما يحمل الإنسان على العفو.
ولهذا قال بعض الحكماء:
"أحسنُ المكارمِ؛ عَفْوُ الْمُقْتَدِرِ وَجُودُ الْمُفْتَقِرِ"،
فإذا قدر الإنسان على أن ينتقم من خصمه؛
غفر له وسامحه،
(وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)
[الشورى:43].
وقال صلى الله عليه وسلم لقريش :
"مَا تَرَوْنَ أَنِّى صَانِعٌ بِكُمْ؟"
قَالُوا : خَيْرًا! أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ.
قَالَ:
"اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ".
وقال يوسف لإخوته بعد ما أصبحوا في ملكه وتحت سلطانه:
(لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)
[يوسف:92].
ثالثًا: شرف النفس وعلو الهمة،
بحيث يترفع الإنسان عن السباب،
ويسمو بنفسه فوق هذا المقام.
لها ما لها عند الله-عز وجل-
من الأجر والرفعة.
فعَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:
" مَنْ كَظَمَ غَيْظًا - وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ -
دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُؤوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ مَا شَاءَ "
، والكلام سهل وطيب وميسور ولا يكلف شيئًا، وأعتقد أن أي واحد يستطيع
أن يقول محاضرة خاصة في هذا الموضوع،
لكن يتغير الحال بمجرد الوقوع في كربة تحتاج إلى الصبر وسعة الصدر واللين
فتفاجأ بأن بين القول والعمل بعد المشرقين.
خامسًا: استحياء الإنسان أن يضع نفسه في مقابلة المخطئ.
وقد قال بعض الحكماء:
"احْتِمَالُ السَّفِيهِ خَيْرٌ مِنْ التَّحَلِّي بِصُورَتِهِ
وَالْإِغْضَاءُ عَنْ الْجَاهِلِ خَيْرٌ مِنْ مُشَاكَلَتِه".
وقال بعض الأدباء:
"مَا أَفْحَشَ حَلِيمٌ وَلَا أَوْحَشَ كَرِيمٌ".
إن هذه العضلة التي في صدرك قابلة للتدريب والتمرين،
فمرّن عضلات القلب على كثرة التسامح، والتنازل عن الحقوق،
وعدم الإمساك بحظ النفس،
وجرّب أن تملأ قلبك بالمحبة!
فلو استطعت أن تحب المسلمين جميعًا
فلن تشعر أن قلبك ضاق بهم،
بل سوف تشعر بأنه يتسع كلما وفد عليه ضيف جديد،
وأنه يسع الناس كلهم لو استحقوا هذه المحبة.
فمرّن عضلات قلبك على التسامح
في كل ليلة
قبل أن تخلد إلى النوم،
وتسلم عينيك لنومة هادئة لذيذة.
سامح كل الذين أخطؤوا في حقك،
وكل الذين ظلموك،
وكل الذين حاربوك،
وكل الذين قصروا في حقك،
وكل الذين نسوا جميلك، بل وأكثر من ذلك.
.انهمك في دعاء صادق لله -سبحانه وتعالى- بأن يغفر الله لهم،
وأن يصلح شأنهم، وأن يوفقهم..؛ ستجد أنك أنت الرابح الأكبر.
وكما تغسل وجهك ويدك بالماء في اليوم بضع مرات أو أكثر من عشر مرات؛
لأنك تواجه بهما الناس؛ فعليك بغسل هذا القلب الذي هو محل نظر ا لله -سبحانه وتعالى-!
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-:
( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ)
أخرجه مسلم.
فقلبك الذي ينظر إليه الرب سبحانه وتعالى من فوق سبع سموات
احرص ألا يرى فيه إلا المعاني الشريفة والنوايا الطيبة.
اغسل هذا القلب، وتعاهده يوميًّا؛
لئلا تتراكم فيه الأحقاد، والكراهية، والبغضاء،
والذكريات المريرة التي تكون أغلالاً وقيودًا تمنعك من الانطلاق والمسير والعمل،
ومن أن تتمتع بحياتك.
سابعًا: قطع السباب وإنهاؤه مع من يصدر منهم،
وهذا لا شك أنه من الحزم.
حُكِيَ أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِضِرَارِ بْنِ الْقَعْقَاعِ:
وَاَللَّهِ لَوْ قُلْت وَاحِدَةً؛ لَسَمِعْت عَشْرًا !
وبالخبرة وبالمشاهدة فإن الجهد الذي تبذله في الرد على من يسبك
لن يعطي نتيجة مثل النتيجة التي يعطيها الصمت،
فبالصمت حفظت لسانك, ووقتك, وقلبك؛
ولهذا قال الله سبحانه وتعالى لمريم عليها السلام :
"فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا"
[مريم: من الآية26].
والكلام والأخذ والعطاء،
والرد والمجادلة تنعكس أحيانًا على قلبك،
وتضر أكثر مما تنفع.
ثامنًا: رعاية المصلحة؛
ولهذا أثنى النبي -صلى الله عليه وسلم- على الحسن رضي الله عنه بقوله:
(ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ )
أخرجه البخاري.
فدل ذلك على أن رعاية المصلحة التي تحمل الإنسان على الحرص على الاجتماع,
وتجنب المخالفة هي السيادة.
تاسعًا: حفظ المعروف السابق, والجميل السالف.
ولهذا كان الشافعي - رحمه الله- يقول:
إِنَّ الْحُرَّ مَنْ رَاعَى وِدَادَ لَحْظَةٍ وَانْتَمَى لِمَنْ أَفَادَ لَفْظَةً.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
(وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ )
وأمثلة ذلك كثيرة.
[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]
التعديل الأخير تم بواسطة Ahmed Shaheen ; 27/11/2010 الساعة 11:39
1- ليس لديك الوقت الكاف:في أفضل الحالات، يعطي البعض من وقته ساعتين أو ثلاث لعمله الجانبي في نهاية الأسبوع، ثم تبدأ هذه الساعات تقل، ومن أسباب ذلك التناقص أعباء الوظيفة النهارية الأساسية، وكثرة... (مشاركات: 1)
صحيح ان كثرة العتاب تفرق الاحباب، ولكن في النهاية المسألة نسبية، فلا يمكننا ان نعول على هذه النظرية ولا ننبه الاشخاص القريبين منا عندما يرتكبون اخطاء. اذن المشكلة ليست في النقد او معاتبتهم، بل في... (مشاركات: 5)
ثلاثة أسباب تتسبب في فشل أي مشروع :
1- ليس لديك الوقت الكاف:في أفضل الحالات، يعطي البعض من وقته ساعتين أو ثلاث لعمله الجانبي في نهاية الأسبوع، ثم تبدأ هذه الساعات تقل، ومن أسباب ذلك التناقص أعباء... (مشاركات: 0)
ان الجريمة ترجع لأسباب متعددة و مختلفة و من ألأسباب مايرجع الى شخصية المجرم سواءا فيما يتعلق بالجانب التكويني أو النفسي أو
العقلي ومن ألأسباب مايرجع الى البيئة التي تحيط بالمجرم
ولكي... (مشاركات: 0)
تسعة قوانين من أجل إنسان أفضل.
القانون الأول: قبول الذات:
قد تعشق هذا الجسد أو تمقته,
لكنه لن يكون لك سواه في هذه الحياة .
القانون الثاني: ستظل تتعلم طوال حياتك:
منذ لحظة ميلادك... (مشاركات: 1)
بدء مشروعك الخاص ليس بالأمر المستحيل، كل ما تحتاجه هو معرفة التفاصيل وجمع المعلومات الكافية عن المشروع ومن ثم البدء، وهنا في كورس الاستيراد من موقع علي بابا نختصر عليك هذه الخطوة، حيث نقدم لك كافة المعلومات والتفاصيل الدقيقة لمشروع الاستيراد من موقع علي بابا. ويتناول الكورس أولًا شرح موقع علي بابا، ثم شرح مراحل عملية الشراء بالجملة من موقع علي بابا بداية من خطوة التسجيل على الموقع وتلقي العروض، حتى شحن المنتجات والتخليص الجمركي والاستلام.
ينبغي أن يكون جميع الموظفين المشاركين في عملية التعاقد مؤهلين ويتمتعون بالمعرفة الاحترافية في إدارة العقود لتمكين الشركات من الاستفادة الكاملة من نشاط الشراء، ولذلك يجب على مسئولي العقود في الشركات الالمام بموضوعات هامة مثل إدارة العقود الفعالة وإدارة مخاطر العقد وكيفية تفسير صياغة العقد وكيفية الحفاظ على جداول العقود والاسلوب الامثل للتحكم في تغييرات العقد، وهي الامور التي سيتم دراستها في هذا البرنامج التدريبي.
أحصل على هذا البرنامج التدريبي الفريد الذي يساعدك ويؤهلك تماما لإعداد دراسات الجدوى الخاصة بالمشروعات الفندقية، بعد دراسة مستفيضة بالنشاطات الفندقية والجوانب المختلفة للمشروع الفندقي
برنامج يشرح مكونات نظام انذار الحريق ودوائر نظام إنذار الحريق وواجهة إنذار الحريق مع أنظمة البناء الأخرى وحسابات نظام إنذار الحريق ونظام إنذار الحريق اللاسلكي وكاشفات الحرارة الخطية والأكواد والمعايير