كلما تجمعت مع عدد من أمهات المراهقين وجدت شكوى متكررة من وقوع عدد كبير من أولادهم في إبتلاء (العادة السرية)، كما يشكو منها بعض الشباب أنفسهم، ويعاني فريق أخر من الوقوع في علاقات آثمة.

الحقيقة أن الموضوع يشغلني منذ سنوات، نظراً لدراستي لكل التأثيرات التي يمكن أن تحدث على الأقل على مستوى مشاعر الذنب التي تلحق بالشخص بشكل (فطري)، حتى لو جاء بعض المشايخ بتحليلها عن الحاجة بينما عارض البعض الأخر الأمر وإعتبره حرام.

وكما تعلمون سيادتكم .. إنني لا أتحدث عن موضوع من باب حلاله أو حرامه، فهذا ما جعل الله له أهل أعانهم الله على عظمة الأمانة التي يحملونها.

ولكني سأتحدث من الناحية النفسية، نظراً لتفشي الأمر وكما ذكرت لكم وجود بعض الأمور النفسية السلبية المترتبة على الموضوع، وسوف أطرح ما تعلمته والذي يضيف الله لي كل يوم جديد فيه ليخبرني بأنه يمنحني وعليَ أن أشكر اللهم إجعلنا من الشاكرين.

الشيخ الشعراوي مرة عاشرة أو قل للمرة المائة، اذهب وأبحث، أتوه بين كُتبي وما رأيت من حالات، أدخل في فكرة وأخرج منها، ثم اذهب لأهل كل علم ربما يفيدني، ولكني سبحان الله كثيراً ما أجد لدى هذا الشيخ ضالتي، رحمه الله ونفعنا بعلمه.

حينما بحث فيما ترك الشعراوي - وهو أمر أخصص له وقت أسبوعي لأن الحب في الله لابد أن يُترجم في فعل، فإن كنت أقول أنه يمثل قيمة عندي فعلي إذن أن أتعرف عليه جيداً- وجدت لدى الشيخ جزء مُصور وموضوع على اليوتيوب عن موضوع (البصر) والآية الكريمة من سورة النور، قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِموَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ" الآية 15 .

والتي قال فضيلته في تفسيرها : أن (البصر بريد القلوب .. والقلوب بريد الجنسية) ، وأوضح فيها أن الشرع حين يتدخل في علاقتك بالأشياء والنظر إليها فهو (يُحرم) فقط الجانب (النزوعي) أي السلوكي، فأنت تملك أن (تنظر) على الوردة في بستان، وتمعن النظر فيها، ثم من حقك أن (تُحبها) ثم أن (تتخيلها في يدك) ويكون الحساب فقط والذنب حينما (تسرقها) من بستان صاحبها (فتعتدي) على حقه، فيقول الشرع لك إستأذنه أو إزرع لنفسك..

إلا في علاقة الرجل بالمرأة لأن وجود النواحي الجنسية داخل الكائنين وهي (الغريزة) التي يقوم عليها عمار الكون، يتدخل الشرع منذ (البصر) بإعتباره مرسال او بريد القلوب، التي تحول رسالتها إلى الغريزة.....

لازال الكلام لشيخنا الفاضل توضيحاً (للغض) الذي يشير إلى أنه (تقليل) أو (نقصان) مساحة الرؤية، بحيث لا ترى ما يمكن أن يُحرك القلب ثم يحرك الجنسية.

دليل على (دورك) في الأمر

وحينما إستمعت تماماً للشيخ الشعراوي، أيقنت ما كنت أقوله للبعض حينما يقولوا " إحنا غصب عننا ما تشوفي البنات لابسة إيه" ؟؟

" بتقولوا إحنا نبطل طيب والإعلام إللي مليان بلاوي" ؟؟

" طيب يعني ما هو غصب عني ما هو أنا (بشر) مش حيطة"؟؟

كل هذا أعلمه جيداً ، لكن ... حينما يقول الصانع – لله العزة والمثل الأعلى – أن عليك أن تغض البصر، فهو يعلم أن ما يحدث سيحدث في كل زمان ومكان، وهذا هو الإختبار لإستخدام ما نملك.

فالأخر حين يتعرى، أو يظهر ما يثير فإن هذا شأنه ولا وصاية لأحد على أحد، فمن إختار ذلك فهو إختياره يتحمله هو في الدنيا والأخرة.

أما الشق الأخر من الأمر فهو عندي أنا .. (بصري) .. ما أملك أنا هو كيف سأتصرف مع ما يعرضه الأخر.

ولأن الله سبحانه وتعالي يعرف ضعفنا، ويعرف أننا (بشر مش حيطة) ويعلم وهو الخالق دور الكيميا ( وإنها يا دكتورة بتحصل غصب عننا ومش بنكون واعيين) فقد ساعدك من بداية القصة، ساعدك من قبل أن تستخدم (ممتلكاتك بصورة خاطئة) تجعلك (تستدين) وحين يطلب الديانة (جسمك وغريزتك) تسديد ما (تداينت به) فلن يكون لك الخيار، فإما الدفع أو الحبس.

ولكونك إنسان، ستختار (الدفع) لتقع في المحظور، لتجد نفسك تسدد ما (تداينت) به من بصر، ثم ما تداينت به (للقلب) الذي تحرك، والذي رغماً عنه سيهدد برفع (الدين) الذي تداينت به في خطوة آلية إلى (الغريزة) فتجد نفسك (مسكين) مجبر أو (مُسير) إلى السداد.

في حالة من الشعور بخروج الأمر من يدك، وأنك مسلوب الإرادة، وهذه حقيقة، لكن أنت مسلوب الإرادة في المرحلة الثالثة، حينما فرطت ( عن إرادة) في المرحلة الأولى وتركت (البصر) يأخذ ما يريد، لتكتب الشيك الأول والأكبر على نفسك، ثم يُغريك من إستدنت منه، فيُحرك نفسك لأمور أخرى، (هو القلب) فتستدين شيك أخر ، وإيصال أمانة جديد عن (إرادة) أقل، لأن البداية كانت أقوى، ثم تأتي المرحلة الثالثة (السلوك نفسه الممارسة تحت إلحاح الغريزة) لتكون كمن سُلب كل إرادته ويسحبه صاحب الدين ليُحركه دون أن يكون له من أمره شئ.

لن أطيل عليكم .. فالأمر يحتاج منا مراجعة، خاصةً في ظل أصوات ترتفع بحرية كل شئ، وهو ما سيزيد مُعدل الضغطـ، ولن يبقى لك سوى (ماتملك) فإن أنت فرطت فيه، فلا تلوم أحد.

أما أولو الأمر .. فالله نسأل أن ينعم عليهم بالبصيرة ليحموا شبابنا، وليحموا بيوتنا، نسأل الله أن يستجيب في ليلة مباركة مثل ليلة الإسراء والمعراج.

ولكل شاب أو مراهق تحدثني أمه وتقول أنه يقرأ لي .. أقسم لك أن البداية عندك، فكل ما يُشبع غرائزنا موجود في كل زمان، ربما الفرق أن من كانت تتعرى في الشوارع عَبده يشتريها الرجال لتمتعم، وأن من يثيروك الأن يتحركوا على شاشة أو حولك، لكن الله يسألك على ممتلكاتك، فلا تُفرط فيها، فكان هناك وقت يُحارب فيه من هم مثلك بأكثر من ذلك، ولكنهم تيقنوا من أن مقاومتهم مأجورة فقاموا عليها، فلا تستبدلوا الخبيث بالطيب ولو أعجبكم.

أسأل الجميع أن يدعو لشبابنا ورجالنا فما يتعرضون له قد يكون كثير على صمامات الأمان داخلهم.