الكفاءة وصناعة المستقبل يتناول الناس في هذه الأيام الحديث عن عدة أمور، سواء في الشأن السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي، وكذلك الجدل في الشؤون التنظيمية والمتعلقة بالظروف الراهنة ( الأزمة) والمستقبلية، ولكن يا تري، هل ستكون كلمة "الكفاءة" Efficiency متداولة بين سرد أحاديثهم، وذلك لما تحمله هذه الكلمة من معاني، يجب علي كل الليبيين التمعن في جوهرها الثمين، وخاصة لما تحتاجه ليبيا الحرة بهذه الفترة والمرحلة القادمة، من بناء يبدأ من غرس ثقافة التغيير في معظم المجالات، وما أحوج مؤسساتنا لمثل هذا التغيير، التي كانت ومازالت تعيش في بيئة بيروقراطية غير شفافة، لا تعتمد علي مبدأ الكفاءة والتخصص، وهذا ما جعل مؤسساتنا في اضمحلال دائم، وخير دليل علي ذلك هو تفشي ظاهرة الفساد الإداري والمالي بتلك المؤسسات، من خلال انتشار الفوضى المنظمة. مما لا شك فيه أننا نعيش اليوم في عالم يحكمه التخصص البحت، مما يحتم علينا أن نأتي بالمتخصصين في كل المجالات، والتفرغ لمهام المنصب الإداري القيادي ليساهم في صنع أو اتخاذ القرار الصحيح والحكيم. فمثلاً عندما يتم اختيار شخص لتولي وظيفة إدارية أو قيادية، بدون مراعاة الكفاءة والتخصص، فكيف له أن يساهم في صنع واتخاذ القرار السليم والحكيم، وكيف له أن يُبدع أو ينجح في عمله. ولكن للأسف لغياب الشفافية ولأسباب مختلفة يتم اختيار المسؤولين لتولي وظائف أو مناصب إدارية وقيادية بدون مراعاة مبدأ الكفاءة المتوفرة في المسؤول، ولهذا تهمش الكفاءات المتميزة في مجال عملها، وبالتالي تهدر الأموال التي استثمرت في هذه الكفاءات، كما تهدر تلك الطاقات أي جعلهم مجمدين وبعيدين عن مجال عملهم. وتأسيساً علي ذلك فهل يا تري سيكون بناء ليبيا المستقبل بشكل- سليم وصحيح-؟ فالإجابة ربما تكمن في مدي الاهتمام بهذه المرحلة وإن كانت انتقالية إلا أنها مهمة في البناء السليم، فالمستقبل يبني من رؤية الحاضر وما تحتاجه هذه الرؤية من كفاءات متخصصة متميزة، ولكي نبدأ بتأسيس ليبيا المستقبل (دولة المؤسسات) يجب العمل علي اعتماد مبدأ الكفاءة، أي اختيار الأشخاص من ذوي الكفاءات المتميزة والمتخصصة القادرة علي تهيئة البيئة المناسبة لعملية التغيير والتنمية المنشودة لصناعة ليبيا المستقبل. د. خيرالله التركاوي/ درنه / ليبيا.