المقامة العوجاء في وصف الرؤوس الصلعاء
بقلم محسن الصفار
حدثنا ابي يوسف الصفار, انه لما شاءت له الاقدار, ذهب الى دكان الحلاق, ذو البسمة وحسن الاخلاق, كي يقص له شعره ,وييسر له امره , ويصبح حسن المنظر, ولايفزع من القى عليه النظر, استقبله الحلاق بالترحاب, وعامله معاملة الاخوة والاحباب, واجلسه على الكرسي المخصوص, كما هو في التعليمات منصوص, لم يكن لابي يوسف في وسط رأسه من الشعرات الا ثلاث, بعد أن حل بشعر رأسه الاجتثاث, ولكنها ظلت على قلبه اثيرة, والتقرب منها عملية خطيرة , يمشطها بعناية كل يوم, عند الصحو وقبل النوم, ويمني النفس بانه ليس باصلع, وسبحان الله بخلقه وابدع .
احتار بحالته الحلاق واطلق النداء, ان اعلموني ماا فعل برأس كالصحراء؟ , ليس فيه من زرع او نبت , لاتعرف فيه اتجاها او سمت , اجابه ابا يوسف بكل فخر, ان افرق راسي من هذا الشطر, وامشط هذه الشعرة الى اليسار, وكن ذكيا ولاتقف هكذا كالحمار .
بدأ الحلاق المسكين عمله بعد أن وضع في الله ثقته وأمله , وما ان وصل الى أول شعرة النصل, حتى انقلعت كأنها بلا عرق او أصل , خاف الحلاق من فعلته المسكين, أن يغضب ابا يوسف ويطعنه بالسكين, فأخفى الشعرة بكل خفة, ولم ينبس ببنت شفة, جاء الحلاق الى الشعرة الثانية, فسقطت كاختها الى الهاوية, انتبه ابو يوسف الى ماحدث, وغضب كل الغضب من هذا العبث, فقال للحلاق والغضب لعينيه يكاد يعمي, ان كنت لاتجيد صنعتك فاتركها وشارك في الستار اكاديمي, فهناك يجتمع كل الفاشلين, من امثالك لصنعة غير متقنين, فيهزون اردافهم وبطونهم , ويرقصون ظهورهم واكتافهم, فينتقلون من تافه معدوم, الى مصاف المشاهير والنجوم, وتفتح لهم الشوارع والمطارات , ويستقبلهم الالاف بالاحضان والقبلات , وكأن واحدهم صلاح الدين, قد عاد بعد ان طرد من القدس المعتدين .
اما شعري المسكين, فجرحه غائر ولاينفع معه تسكين, قد فقد منظري كل حداثة, بعد ان طارت شعراتي الثلاثة , عاد ابي يوسف الى داره, بعد ان طار وقاره ,واقر من حينها بصلع رأسه, وسلم للواحد القهار أمره