مقدمة:
في البداية, نود ذكر بعض أهم ملامح البرنامج الجديد في التقييم الوظيفي و عرض أهم صفاته التي قد لا تخفى على أغلبكم. باختصار (قد يكون مجحفا في حق البرنامج) هو برنامج تقييم وظيفي يتميز بالشفافية في عرض تقييم مستمر للموظف من قبل إدارته. و يعتمد برنامج التقييم هذا على ركيزتين أساسيتين يتم تقييم الموظف على أساسهما:
أولا, قدرات و مهارات تحدد مسبقا للموظف و جزئ كبير منها مشترك مع اغلب الموظفين في نفس السلم الوظيفي
ثانيا, أهداف محددة توضع في بداية العام بعد اتفاق الموظف مع رئيسه.
ماهي الحاجة لبرنامج جديد لتقييم الموظفين:
نستطيع القول أن البرنامج السابق لم يكن يفي بالمتطلبات الرئيسية لتقييم الموظف و أهمها: تقييم مستمر على مدار العام, تقييم عادل للموظفين على أساس مقاييس و معايير مشتركة لتحقيق العدل, تقييم ذو شفافية حتى يستطيع الموظف التطوير من قدراته و تدارك الخلل.
و حتى تتفادى الشركة الأخطاء السابقة في البرنامج القديم الذي يعتمد أساسا على الـ (Force Ranking) أو مفهوم التوزيع الإحصائي حسب نسبة محددة, قامت لجان خاصة بالشركة بزيارة العديد من الشركات الكبرى و مراجعة عدد غير بسيط من البرامج المتبعة حتى تستطيع وضع أفضل برنامج ممكن. و الجدير بالذكر, ان هذا البرنامج صمم خصيصا لارامكو, و بخبرات ارامكو.
أهم ملامح البرنامج الجديد (PMP):
بالإضافة لما ذكر سابقة عن هذا البرنامج, نذكر هنا أن من أهم ما استطاعت الشركة الاتفاق عليه عند تصميم البرنامج الجديد هو أن لا يتم مسبقا تحديد نسبة معينة لفئات التقييم (1, 2, 3, الخ..) بل يتم عوضا تحديد ميزانية معينة سنويا للزيادات السنوية للموظفين و توزع هذه الميزانية على الموظفين في كل فئة حسب عددهم. و تم اختصار درجات التقييم إلى الفئات التالية (S, E, M, and D). و لا داعي هنا لذكر تفاصيل هذه الفئات فهي متوفرة على موقع أرامكو لمن يرغب في معرفة المزيد.
و كانت هذه النقطة هي أهم الركائز التي بني على أساسها النظام الجديد, لأن الإدارة ستستطيع تقييم الموظفين تقييما عادلا بناءا على أدائهم الوظيفي الفعلي و في نفس الوقت تتفادى تخصيص ميزانيات كبيرة (أو ميزانيات اكبر) عند حصول عدد اكبر من الموظفين على تقييمات عالية. كذلك نذكر هنا ان البرنامج يعتمد على التقييم المستمر للموظف طوال ايام السنة, و يمتاز بالشفافية كون الموظف يرى كل ما يدخل من بيانات في تقييمه و بالتالي تتسنى له الفرصة للتحسين من آدائه تباعا.
آلية التطبيق و بداية الإخفاقات:
مع بداية تطبيق البرنامج في بعض الإدارات تدريجيا بدأت عجلة الإخفاقات (في نظرنا الشخصي على الأقل) تدور و تتسارع. فبداية, بدأت بعض الإدارات تطبيق البرنامج بدون تدريب كافي للموظفين في هذه الإدارات, و لرؤسائهم الذين تقع على كاهلهم المهمة الرئيسية في تذليل الصعوبات المصاحبة لهذا التغيير المهم. طبعا هنالك برامج تدريبية محدود تعطى للموظفين و الرؤساء على السواء, و لكن تعطى على عجل و هي ليست بالكافية, بالاضافة الى كون كثير من الموظفين حصلوا على هذه الدورات اشهر طويلة (تصل في بعض الاحيان الى 8 اشهر) قبل ان يتسنى لهم التعامل مع البرنامج في دوائرهم.
و كأحد النتائج المباشرة لهذا الضعف في فهم الموظفين عموما, و الإداريين خصوصا, لأسس تطبيق هذا البرنامج, كنتيجة مباشرة كانت الأهداف الموضوعة للموظفين لا تتفق مع أهداف الإدارة أو في أحسن الأحوال لا تساعد على تحقيق استراتيجيات الإدارة التي ينتمي إليها الموظف. و في أحيان أخرى كانت الأهداف غير مدروسة و لا تساعد على تحديد إنتاجية الموظف و أدائه كونها وضعت على عجل و بدون سابق معرفة و دراسة.
و من الإخفاقات الأخرى أن الكثير من الإدارات قامت ,بناءً على أوامر عليا, بفرض نسب محددة لكل فئة من فئات التقييم الأربع, تكاد تتفق مع النسب المحددة مسبقا في النظام السابق. و بذلك نجحت هذه الإدارات في تحويل النظام الجديد إلى نسخة مطورة (ولكن شبيهة إلى حد كبير) من النظام القديم.
و من العوامل الأخرى التي ننظر لها على أنها عوامل معجلة و مساعدة على تحقيق فشل هذا النظام أن الإدارات التي تنضم إلى دائرة المطبقين لهذا النظام لم تتعلم من أخطاء الإدارات التي سبقتها, فلا تدريب مسبق, و لا منهج واضح في تحديد الأهداف للموظفين, ولا تنسيق بين الأقسام المختلفة في الإدارة الواحدة. بل إن الموظفين لا يملكون حتى الآن صلاحية الدخول على النظام الجديد لمراجعة الأهداف و المقاييس التي سيقيمون على أساسها. مع الخطة تقول انه يجب على الموظف ان يراجع جميع هذه التفاصيل و يتفق عليها مع إدارته (رئيسه) في شهر مارس, أي هذا الشهر.
ماذا نريد؟؟؟
نحن بانتمائنا لهذه الشركة العملاقة نرجو و نتمنى لهذا البرنامج النجاح ليحقق الأهداف التي وضع من أجلها.
- نحن نطمح إلى أن يساعد هذا البرنامج على توفير قدر مقبول من العدل و المساواة في منهاجية التقييم.
- نطمح إلى أن تكون عملية التقييم عملية تطويرية تساعد على رفع أداء الموظفين في كافة القطاعات و ليس مجرد عملية روتينية يقوم بها الرؤساء على مضض بدون إعطائها الوقت و المجود الكافيين.
إلى الآن نحن لا نعتقد أن هذا سيتحقق بالطريقة المتبعة حاليا, بل إننا نعتقد أن الممارسات التي بدأت الإدارات في تطبيقها قد حكمت على البرنامج بالفشل من الآن.
ما زال هنالك أمل في الإصلاح لإنقاذ هذا المجهود الجبار من سلة المحذوفات (أو المنسيات) التي تنتهي إليها البرامج الفاشلة بعد أن كانت أفكارا لامعة. و لكن لا بد من خطوات صارمة و قرارات شجاعة حتى نستطيع إنقاذ هذا المجهود الكبير من المصير القاتم.
خطوات مهمة لتصحيح الوضع و تدارك الأمر:
في اعتقادنا أن هنالك خطوات مهمة يجب اتخاذها عاجلا لتصحيح الوضع و تدارك الأمر, من هذه الخطوات:
1. عدم تحديد أي نسبة قصوى لفئات التقييم حتى لا نعود إلى منهج الـ (Force Ranking) أو ما يمكن تسميته جوازا التوزيع الإحصائي. و يمكن تحديد ميزانية ثابتة, أو متغيرة, و معقولة للزيادات السنوية.
2.إعطاء فرصة كافية للإدارات و الموظفين لتلقي التدريب اللازم و خاصة الرؤساء الذين سيقومون على عملية التقييم. لقد انتظرنا سنوات عدة, و لا مانع من الانتظار سنة أخرى إن لزم الأمر حتى نحصل على نتيجة أفضل.
3. إدراج برامج خاصة للرؤساء و كل من سيكون مسئولا عن عملية التقييم لتدريبهم على عملية وضع أهداف مناسبة لخصوصية العمل و نوعيته, أهداف تساعد على التطوير المستمر للفرد و العمل. و يجب أن تتضمن هذه البرامج آليات و محاور واضحة لخلق تناسب و تقارب أو (Standard) في تقييم الموظف. لن نستطيع الوصول على نظام عادل يراعي المساواة بين موظفين الإدارات المختلفة 100%, و لكننا سنكون اقرب إلى ذلك.
4. محاولة السيطرة على هوسنا بمبدأ السرية الذي أسأنا استخدامه في كل ما يتعلق بالتعامل مع الموظف و عملية تطويره و تقييمه و كأنه إنسان قليل المدارك لا يعي هذه العملية. يجب أن يكون هنالك شفافية كبيرة في التعامل و التقييم حتى تكون عملية التقييم عملية تطويرية مستمرة.
5. إعطاء وقت و مجهود مناسب لعملية التقييم. و دعونا نذكر هنا أن جزئ كبير من وقت الرئيس يجب أن يكون موجها نحو تطوير و إدارة القوى البشرية التي تتبعه, فهذا أهم استثمار و مورد يقع تحت إدارته.