لماذا الإسلام؟
-1- وضوحُ العقيدة وتوافقُها مع الفطرة البشرية؛ فالعقيدة الإسلامية يقتنع بها العقل ويَطمَئِنُّ لها القلب. فالله تعالى واحدٌ أحَد، فردٌ صمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كُفُواً أحد، وهذه الحياةُ هي للاختبار والامتحان، ولا تنتهي عند الموت، بل يترتَّب عليها خلودٌ في الجنة أو النار، بحسَب إيمان الإنسان وعمله. والقرآن الكريم كتاب مُعجزٌ لا تنتهي حِكَمُه ولا عَجائِبُه وفيه الهداية للناس أجمعين.
-2- الصلة المباشِرة بالله تعالى دون وساطة أو كهنوتية دينية؛ فالعالِمُ المسلم مهما بلغ من العلم والإيمان، ومهما كَبُرَت عمامتُهُ أو طالت لحيتُهُ لا يغفر الذنوب ولا يستمع إلى الاعترافات ولا يبيع الناسَ أراضٍ في الجنة. بل هو يصلِّي ويَستغفر ويقوم بالفرائض كما يقومُ بها باقي المسلمين.
-3- عالمية الإسلام؛ فقد علَّمنا نبينا عليه الصلاة والسلام أنه لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى، والله تعالى يقول: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُم}. ورابطة الإسلام هي أقوى رابطة تجمع بين بني البشر، إذ أنها تشمل الفكر والمشاعر والنظام الذي ينظم علاقاتهم ويعالج مشاكلهم.
-4- القيادة في الإسلام للفكر لا للأشخاص؛ فلا كهنوتية في الإسلام، والعلماء ليسوا معصومين، بل هم بشرٌ مُعرَّضون للخطأ، والعِبرة في اتباع النص (القرآن والسنَّة) وليست في اتباع الشخص. وهذه النصوص ليست طلاسماً ورموزاً مُبهمة، بل هي واضحة بيِّنة، ومِفتاح فهمها إنما هو اللغة العربية التي مازالت لغةً حيَّةً واضحة المعالم ومدونةً قواعدُها.
-5- تَضمَنُ الشريعةُ الإسلاميةُ إشباعَ حاجاتِ الإنسان ومظاهرَ غرائزه دون تفلُّتٍ ولاتَسَيُّبٍ، ولا رهبانيَّةٍ ولا حِرمان. والغربُ انقسمَ بين ثقافتين: ثقافةٌ مسيحية أنكرَت حاجات الإنسان الجسدية واتَّبعت رهبانيةً مبتدعة ما رَعَتها حقَّ رعايتها. وثقافةٌ عَلمانية تَوَلَّدَت كَرَدِّ فِعلٍ على هَيمَنَة الثقافةِ الأولى في أوروبا حَوَّلَت الإنسانَ إلى 'قِطَعِ غيارٍ مُنفَرِدَة'، فاصِلةً بين الجسدِ والروحِ، جاعلةً كلمةَ التُّرابِ هي العُليا وكَلِمَةَ الرُّوحِ هي السُّفلى!
-6- شمولية الإسلام؛ فهو الدين الوحيد الذي يُقدِّم للبشر حلولاً لمشاكلهم من أكبرها إلى أصغرها وفي الميادين كافة (السياسة، الاقتصاد، التربية، الأخلاق، الإدارة، النظافة...) أما باقي الأديان والأيديولوجيات، فتقتصر على ناحية من نواحي حياة الإنسان سواءً أكانت روحيةً، سياسيةً أو ماديةً اقتصادية.
-7- هناك خاصية إضافية سابعة يمكننا إضافتها إلى الخصائص الست المذكورة في المقالة:
الإسلام دين عملي تطبيقي، لا يكتفي بمجرد التنظير والدعوة إلى الخير، فكل أديان ومباديء العالم تدعو إلى الفضائل والمُثُل والقِيَم الإنسانية، ولكنها، في مُجملِها، لا تُقدِّم أساليب وطرق عملية لتحقيق تلك الفضائل والقيم في الحياة العملية. وإن كان بعض تلك الأديان يقترح بعض الأساليب العملية ويطبقها، إلا أن هذه الأساليب لم تثبت فعاليتها كما أثبت الإسلام فعالية طرقه.
فلنضرب مثلاً حول هذا الموضوع بُغية الإيضاح والتبيين:
كيف يعالج العالم مشكلة العنصرية؟
كل الأديان تقريباً (عدا اليهودية وغيرها) تنبذ العنصرية وتعتقد بسواسية البشر أمام الخالق ووحدة نسبهم وأن التمايز بينهم إنما يكون بالتقوى، لاباللون ولا بالنسب ولا بالممتلكات...
الكل يتفق على ذلك، حتى القوانين الوضعية في بعض الدول وكذلك شرعة حقوق الإنسان...
ولكن, هل نجح أي دين أو تشريع وضعي بالقضاء على التمييز العنصري بكافة أشكاله، وبشكل نهائي؟
الجواب هو طبعاً لا، فالتمييز العنصري ما زال موجوداً حتى في القرن الحادي والعشرين...
وهل قدم الإسلام حلاً عملياً؟ وكيف كان ذلك؟
هناك جانبان لمعالجة الإسلام لهذه المشكلة:
-1- الجانب المعرفي الإيماني: وذلك من خلال نصوص الوحي التي يعرفها جلُّ المسلمين من القرآن والسنة (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى) وواقع تنوع إثنيات بعض الصحابة بين حبشي وفارسي ورومي، وغير ذلك.
-2- الجانب العملي التطبيقي الذي يتجلى في حج المسلمين إلى بيت الله الحرام: حيث يأتي المسلمون من قارات العالم الخمس ومن كافة الأعراق والإثنيات: أفارقة، آسيويون، هنود، أوروبيون، عرب، سلاف... كلهم يرتدون الزي المتواضع ذاته ويؤدون نفس المناسك ويزدحمون بحيث يختلطون عشوائياً فمن الممكن جداً أن تلتقي بأناس من كافة أنحاء العالم خلال تأديتك للحج. وذلك التعرض المباشر والقريب خلال تأدية الشعائر المباركة وخاصة ما يجمع الناس هنالك من وحدة الوجهة ووحدة الأفكار وتماثل العبادات المؤداة، وذلك يؤدي إلى صهر الحجاج على اختلاف أعراقهم وأنسابهم في أخوة عميقة الأواصر لا تكاد تدانيها علاقة بشرية على وجه الأرض عمقاً! إضافة إلى أن هذه الشعائر من شأنها أن تكسرالحواجز بين الطبقات الاجتماعية وتبني جسوراً متينة بينها.
وكذلك يقدم الإسلام للإنسانية علاجات عملية واقعية لكافة مشاكلها؛ فالزكاة تكافح الفقر، والشورى تكافح الظلم والاستبداد، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والصوم يلجم النفس عن المحارم والموبقات ويعزز الإرادة، وغير ذلك كثير.
وإن قلتَ: هذا الإسلام، فأين المسلمون؟ أُجيبك بأن الدنيا لا تخلو من مسلمين يحيون وفق منهج الله عزَّ وجلَّ، وإن كَثُرَ المُخالفون... ولكن كُن أنت مسلماً حقاً، واجتهد لتكون نموذجاً وقدوة لأولئك المخالفين، عساهم يثوبون إلى رشدهم ويتوبون إلى ربِّهم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ....
*****
هذه المقالة من محفوظاتي على الجهاز ... وللأسف لا أتذكر كاتبها .....
مع وافر تحيتي