لم يُسمع الشباب التونسي والمصري صوته الغاضب إلى الأنظمة القمعية التي تحكمه فقط، بل أسمع صوته- التواق للحرية والتغيير- إلى كل سكان المعمورة. وهو ما بدى جليا في تفاعل شباب من دول غربية مع مطالب هذا الجيل الجديد. فالشاب الألماني ماتياس الذي يدرس العلوم السياسة في مدينة كولونيا يقول: "أحي شباب مصر وتونس على ما فعلوه من أجل التغيير". ويعلق على الأحداث الجارية حاليا في العالم العربي بالقول: "لابد للشباب العربي أن ينعم بالحرية التي كثيرا ما سمع عنها من أقرانه في الغرب".
وعبرت ألينا، طالبة الثانوية العامة، عن انبهارها بثورة الشباب في العالم العربي وعن طريقة تنظيمها قائلة: "من خلال فيسبوك الذي يستخدمه الشباب عادة للتسلية استطاعوا أن يصنعوا ثورة، إنه لشيء رائع".
تفاؤل ماتياس وألينا بمستقبل واعد للشباب العربي كان معاكسا تمام لرأي الشابة الألمانية آنـّا التي تدرس علم اللغات، فهي تنظر إلى الأمر بطريقة أخرى، فهي ضد الحكم الديكتاتوري، وترى أن الاحتجاجات ضرورية ولابد للشباب أن يكون لديه الجرأة على المطالبة بالتغيير، إلا أنها تطرح التساؤل التالي: "هل سيتحسن الوضع في تلك البلدان بعد التغيير، أم ستصبح الأمور أكثر تعقيدا لاسيما إذا تمكن الإسلاميون من الوصول إلى الحكم؟ "
فيسبوك - العصا السحرية!
"فيسبوك على الظالم" هذا الشعار وغيره حمله الكثير من الشباب في مظاهراتهم المطالبة بالتغيير، مؤكدين على دور هذه الوسيلة في كسر حاجز الخوف لديهم. لكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو ، هل "فيسبوك" هو السبيل للوصول إلى الديمقراطية وتحقيق المطالب؟
"هناك مبالغة بعض الشيء، ربما هو أداة لتأجيج الثورة، ولكنه ليس أداة لتحقيق المطالب". هكذا أجابت الصحفية اللبنانية جولي مراد، رئيسة مكتب "الجريدة" الكويتية في بيروت. وتؤكد جولي في حديث لدويتشه فيله أن "ثورات الشباب موجودة من وقت بعيد. وما اختلف الأن هو أشكال التحضير للثورة"، وتذكّر جولي بالثورة التي قادها الشباب في خمسينيات القرن الماضي، وتضيف بالقول:"لعبت إذاعة صوت العرب آنذاك دورا مهما في تأجيج الثورات عبر إرسال رسائل تدعم الشباب المقاوم للاستعمار في تونس والجزائر والمغرب، واليوم انتقل الدور إلى فيسبوك". وترجع جولي سبب لجوء الشباب إلى شبكات التواصل الاجتماعي إلى كون الرقابة أقل، إضافة إلى سرعة التواصل التي تمنحها هذه الشبكات.
أما الصحفية التونسية رحمة فتؤكد أنه حتى شبكات التواصل الاجتماعي في تونس كانت مراقبة، إلا أن الشباب هناك كان واعيا بالأمر "إذ كان يمرر رسائله بطريقة مشفرة". وتشيد رحمة بالدور الذي لعبته هذه المواقع الالكترونية في لفت الأنظار إلى الأحداث التي حصلت في تونس وتشير بالقول: "حتى القنوات الإعلامية الكبرى اعتمدت في تغطيتها لأحداث ثورة الياسمين على مقاطع الفيديو التي تم نشرها عبر موقع فيسبوك".
الغائب عن التكنولوجيا بعيد عن الشباب
أما الشاب المصري أحمد، وهو ناشط على فيسبوك وقام بتعبئة الشباب تحضيرا للمظاهرات التي اندلعت في 25 يناير الماضي، فيرى أن الشباب المصري قد تعرف على ما يحدث في تونس قبل أن يتم نشره عبر القنوات الفضائية، ويشير إلى أن فتح هذه المواقع وجعلها بعيدة عن الرقابة أمر لا يكفي للتواصل مع الجيل الجديد ومعرفة تطلعاته المستقبلية. ويلقي أحمد باللوم على الحكومة المصرية التي كانت غائبة عن استخدام التكنولوجيا التي تعتبر الوسيلة الأهم في تواصل الشباب بينهم، بل وتعتبر المتنفس الذي يحتضن مطالبهم و تطلعاتهم المستقبلية. ويستطرد قائلاً "حتى الأحزاب السياسية تعد غامضة بالنسبة إلينا، فنحن لا نعلم ما هي أهدافها وبرامجها".
وقد تنتقل رياح الثوارت الشبابية التي انطلقت شرارتها عبر فيسبوك في مصر وتونس إلى الكثير من البلدان العربية الأخرى، إلا أن ماتياس يرى أن هذه الرياح من الصعب أن تصل آثارها إلى ألمانيا "فالفيسبوك في ألمانيا هو منبر للتواصل الاجتماعي فقط" وتبرر جولي رأي ماتياس قائلة "عندما تكون حرية الرأي متاحة للشباب فلا تعود هناك ضرورة لتحويل هذا المنبر الاجتماعي إلى منبر سياسي".
دالين صلاحية