الموضوع: القواعد الذهبية للتعامل مع الأزمة المالية (5/5)

7. اعرف السوق عن قرب
ارتفعت نسبة مبيعات الخزائن المنزلية في الولايات المتحدة في الشهر الماضي بنسبة 50%، والسبب أن عدداً كبيراً من العملاء قرروا سحب نقودهم من البيوت والاحتفاظ بها في المنزل. والذين يحسنون قراءة السوق أن الخطوة التالية ستكون ارتفاع نسبة مبيعات أنظمة الأمن وكلاب الحراسة. أزمة القرصنة في قناة السويس يجب أن توحي بأفكار جديدة لصالح مينائي دمياط والإسكندرية وصناعة الحاويات. نقص سعر البترول يجب أن يشجع صناعة تكرير البترول والصناعات البتروكيماوية وللأسف نصيب السوق العربية منها أقل من 15%.


هناك قصة أحبها جداً في هذا السياق، حدثت عام 89 بعد تحديد موعد هدم سور برلين، تقدم أخوان شابان بفكرة أن يستخدما السور كوسيلة إعلانية ... كل الأنظار ستتجه إلى السور.. والشركات التي ستعرض عليه ستحظى بفرص مشاهدة غير مسبوقة... ولكن معظم الشركات تشاءمت ولم تحب أن تربط اسمها بسور سييتم هدمه... قام الشابان بوضع اسم شركتهما الوليدة وحده على السور وبمساحات كبيرة... وامتلأ السور بلافتة واحدة هي "ساشي و ساشي" اسم الشركة الجديدة التي أصبحت في غضون سنوات معدودة واحدة من أكبر شركات الدعاية والتصميم في العالم. ما يعجبني في هذه القصة أكثر من نهايتها السعيدة أن الشابين عراقيان... وأن اسم شركتهما مأخوذ من لقب عائلاتهما "الساعاتي".


من المؤكد أن لديك ما تسهم به أيضاً في هذا السوق... ركب قرون استشعار قوية، أطلق العنان لخيالك، ولا تشعر بتأنيب الضمير أو أنك شخص مستغل للظروف... في كل الحالات السيد "منتهز"... أفضل من أن السيد "منسحب". وكما قال السادات في أعقاب نصر أكتوبر: "كنت أسعى أن ينظر لنا العالم باحترام، بدلاً من أن يستمر في النظر إلينا بعطف".

8. ابتكر ... ابتكر ....ابتكر
لو كان لي أن أكتبها 20 مرة لفعلت.


إذا كان الابتكار في وقت الرخاء وسيلة للسبق، فهو في وقت الشدة وسيلة للبقاء. والاختراعات التي يستمر التردد بين أعضاء مجلس الإدارة حول جدواها في زمن الرخاء، تأخذ طريقها إلى السوق بيسر أكبر في زمن الشدة. والأمثلة في ذلك لا تكاد تنتهي. لقد أنتجت تويوتا سيارتها الهجين في وقت الركود. وأصدرت شركة أبل منتجها الثوري أي بود الذي أعادها للمنافسة في عز الأزمة.


وحتى تجمع أكبر قدر من التمويل لمشروع مترو دبي، طرحت هيئة الطرق والمواصلات في دبي فكرة بيع "أسماء" أكثر من محطة مترو عبر مزاد علني، على أن يستمر الاسم لمدة عشر سنوات فقط، ثم يعاد طرحها للتداول مرة أخرى، فتنافس على شرائها كبار العائلات والشركات التجارية، وساهمت بشكل كبير في توفير بعض السيولة. وهم من ابتكروا أيضاً فكرة بيع أرقام السيارات في مزاد علني يصل فيه رقم مثل "888" أو "55" إلى مئات الآلاف من الدراهم للرقم الواحد.


ومهما يكن الرأي فيه، فإن مشروع إدارة الشعب للأصول المملوكة للدولة الذي خرج به الحزب الوطني الحاكم في مصر، والقاضي بإنشاء صكوك ملكية وتوزيعها مجاناً على الأفراد ممن تجاوز عمرهم الحادية والعشرين، يدخل ضمن هذا الباب، وسيؤدي إلى بعض الانتعاش في السوق المصري الراكد، وإن كانت جدواه الاجتماعية وأهدافه السياسية محل جدل كبير.

9. خالف تكسب
السيد وارين بافت أحد أصحاب المراكز الثلاثة الأولى من حيث الثراء في العالم من سنوات، له إستراتيجيته الاستثمارية خاصة في التعامل مع البورصة والتي يمكن تلخيصها في جملة: "خالف تكسب"، وهو يعبر عنها بهذه الطريقة: "إذا أصيب الناس بالذعر وانسحبوا، فهذا وقتك لتتقدم، وإذا أقدموا على سهم وتنافسوا على شرائه فانسحب".


ليس هناك عيب في أن نبحث عن الربح، بل لو لم يكن هناك ربح لما كانت هناك شركة. وجود الأرباح يساعد الشركات على جذب أفضل الكفاءات، وعلى توفير الأموال اللازمة للبحث والتطوير... بل وبفضل المال يمكننا أن نمارس فضيلة المخاطرة... ولولا المخاطرة لما كانت هناك الاختراعات العظيمة... لولا المخاطرة لما كانت هناك الحضارة.


النجاح غير مضمون... لكن الفشل ليس جريمة. والفشل الواضح أفضل من النجاح المظنون... يقول صمويل بيكت: "افشل، افشل مرة أخرى، افشل بطريقة أفضل".

كلمة أخيرة
هذا هو أفضل وقت للمغامرات المحسوبة... معظم الشركات ستتصرف بحذر وتردد وتشكك... خالفهم.. ادرس بعمق .. نظم بيتك من الداخل.. استثمر في الابتكار.. اقترب من ذهن عملائك... تحرك بسرعة ... جمد قلبك... واضرب ضربتك الكبرى... واقفز نحو القمة.


لا تنتظر مصيرك المحتوم.... وإنما بادر لتصنع مستقبلك الخاص وفق شروطك الخاصة... مستقبلاً يليق بعزمك وذكائك و تصميمك.
...............